مقالات

قهر المجتمعات

 


 


لم تكن عملية إحلال “الهوية الإيمانية” وما يتناسل منها ومعها من عرقيات ومذهبيات وجهويات -محل “الوطنية اليمنية الجامعة” اعتباطا، بل توجها واعيا ومرسوما له بإتقان، حيث تزاح “الوطنية الجامعة” ونصير مللا ومذاهب ومناطق وإثنيات وجهويات، نرتبط تراتبيا ب(هوية إيمانية) أساسها ومداميكها.


 


التسليم بالولاية كنص ديني، بما يترتب على ذلك من رضا بأن الطبقات الاجتماعية في الأرض خلق من الله، وأن التفضيل ناموس إلهي، الاعتراض عليه اعتراض على الخالق!


 


فقديما قالت الزيدية المخترعة إن عملية الخلق مستمرة دائمة في جميع الظواهر… فيما ردت عليها الزيدية المطرفية بأن الله خلق أصول الكون، وأن عملية الخلق المستمرة للإنسان والحيوان والنبات والظواهر الكونية الأخرى تخضع لعوامل طبيعية بحتة. (ص192-الحياة الفكرية في اليمن في القرن السادس الهجري- الدكتور محمد رضا حسن الدجيلي-1985- منشورات دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة).


 


أصبحنا جزراً مفككة لا تجمعنا مواطنة ولا وطن ولا وطنية وحدوية!


 


ما كان لهذا الطريق أن يُترجم نفسه إلى نصوص قانونية قهرية ما لم ينجح بخطوته الأولى؛ أي إزاحة الوطنية اليمنية الجامعة، من خلال إعادتها إلى تكويناتها البدائية والمتوحشة؛ أي شعوب وقبائل ومذاهب وإثنيات.


 


وما كان لكل هذا الكابوس الذي نعيشه أن يتمادى في رعونته وتألهه على الناس ما لم يجد بذوره في المجتمع الذي يتسلط عليه.


 


“إلا أن سر التأليه المضحك لم يكن يكمن في ستالين ذاته بقدر ما يكمن في المجتمع الذي يحكمه، وبما أن ذلك المجتمع كان يستسلم فيما تصادر منه هويته السياسية ومعنى حركته الهائلة، كان يجسد القائد تلك الهوية وتلك الحركة الإجمالية للتاريخ” (ص156.النبي المنبوذ، تروتسكي- تأليف: اسحق دويتشر -ترجمة: كميل قيصر داغر- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت.)


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى