اليمن.. اللاعبون الكبار والخونة الصغار

 


 


 


عندما يعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن قبل أمس عن إسقاط «عدد» من الطائرات المسيرة المفخخة باتجاه المملكة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية، وفي هذا التوقيت بالذات، أي بعد محاولات تنشيط العملية السياسية بإشراف الأمم المتحدة التي تلت جهود وقف إطلاق النار وخفض التصعيد، والتي سبقتها مبادرة التحالف ببدء هدنة تم اختراقها بشكل سريع ومتواصل من الحوثيين، فإن هذه المعطيات تعيد طرح السؤال المحوري الذي مفاده: هل ما زال ثمة أمل في إمكانية قبول الحوثيين بحل سياسي، وهل لديهم أساساً رغبة في ذلك، بل ربما يكون السؤال الجوهري هل الوضع الراهن في اليمن ومؤشراته ودلالاته تنبئ بإمكانية احتوائه بعملية سياسية وحلول سلمية.


 


الحقيقة أن الواقع اليمني الآن لا يبشر بذلك، وإنما بالأسوأ. فبالإضافة إلى الطرف الحوثي/‏ ‏الإيراني أصبح المحور التركي القطري حاضراً أكثر من ذي قبل من خلال الذراع الإخواني اليمني.


 


لقد تم مؤخراً تنشيط هذا الطرف بشكل قوي، بحيث يصبح التواجد «التركقطري» فعلياً وعملياً في الساحة اليمنية وليس لوجستياً فقط كما كان سابقاً.


 


وعندما نعرف القواسم المشتركة والتقاطعات بين المحورين الإيراني الحوثي والتركي القطري فيما يتعلق بمشروع الفوضى عموماً واستهداف المملكة خصوصاً عبر البوابة اليمنية فإن المشهد يصبح أكثر تعقيداً وخطورة، تتضاءل فيه إمكانية الحل السياسي ويزداد الخطر الذي يهدد المملكة، خصوصاً أن المكونات اليمنية التي يمكن أن تكون معادلاً وازناً كطرف آخر في العملية السياسية غائبة أو هشة مفككة أو مستبعدة.


 


الحوثيون والإخوانيون في اليمن غير مختلفين كثيراً، هي مجرد تفاصيل فقط وإلا فإنهم يمثلون التماهي الإيديولوجي بين الفكر الثوري المذهبي التوسعي للنظام الإيراني والفكر الأممي الإخواني الذي ترعاه تركيا الآن، واللذين أصبحت المملكة أهم مستهدفاته نتيجة مقاومتها لهذا الثنائي وعملها لتعطيل مشاريعه الهدامة في الدول العربية. وطالما أصبحت خيوط اللعبة في اليمن بأيدي هذين الطرفين أو المحورين فمن الصعب وربما المستحيل أن نتصور توقفاً لعبث الحوثيين واستفزازهم للمملكة أو مصداقية وروحاً وطنية لدى الذراع السياسي للإخوان اليمنيين الذي يلعب على كل الحبال، وبالتالي فرصةً لحل سياسي وتسوية سلمية.


 


إن هذا الوضع يلزمنا بالضرورة في المملكة إلى التعامل مع الشأن اليمني من واقع هذه المعطيات، ولا شك أن السياسة السعودية مدركة لكل هذه التطورات وقادرة على إعادة التموضع بما يضمن تحييد أخطارها وضمان سلامة وأمن المملكة.


 


*كاتب سعودي


 


▪نقلاً عن صحيفة (عكاظ) السعودية


 


 

Exit mobile version