الحوثي بكلتا يديه يطرق أبواب مأرب، بعدته وعتاده، يحشد صوب مأرب، بعديد جيشه يرابط ويحاصر مأرب، وبشهية جائع للنصر، سيخترق مأرب، وهناك سيخوض معركته الفاصلة، حيث لا يعود اليمن كما كان، أو حتى يؤمل له أن يعود قليلا، إلى الخلف حيث كان قبل أعوام خمسة ويزيد.
الحوثي أكثر تمرساً من خصمه، في إدارة المناورات بشقيها السياسي والعسكري الميداني، دخل بالصفقات مع جناح الإخوان، من تحت الطاولة وخلف ستار، لتبريد جبهات ورفع الإصلاح يده عن دعم جبهات أخرى، مقابل سلام مسكوت عنه واقتسام نفوذ غير معلن، وهو ما شاهدناه بالأمس في البيضاء، ونشهده بعدم دعم الجيش ورفده لجبهة الضالع، وإبقاء تعز جبهة في حالة سكون أقرب إلى التسليم بالهزيمة.
كل هذه الصفقات المشبوهة بين الطرفين، هي التي أودت بنهم والجوف وحجور وكل البلاد، وهي ذاتها اليوم التى ستقرأ خاتمة الكتاب، على آخر معاقل جيش الإصلاح في مأرب، ومعها ترتبك التوازنات وتختلط القراءات، وتثار الأسئلة، وتتقدم تحليلات المؤامرة إلى رأس التأويلات، مثل:
هل كل هذا يتم من أجل إعادة ترسيم الخارطة، بين طرفين حوثي شمالاً، وشرعية الإصلاح جنوباً.
عموماً سنفترض أن لا شيء مثل هكذا تأويلات قائمة، وأن المواجهة بين طرفين تعكس إرادة القتال وعقائديته، وحجم احترافية الجيوش لدى كل طرف، وهو ما يرجح كل تلك المزايا لصالح الحوثي، حينها علينا أن ندرك جيداً أن مأرب هي الطلقة ما قبل الأخيرة في رأس بلاد مصادرة بانقلاب، لا يمكن لها أن تُستعاد، وأن السؤال سيطرح نفسه:
ماذا بعد مأرب، وان تحرير صنعاء سيتراجع إلى الظل، ويتقدمه وقف الزحف باتجاه شبوة وحضرموت.
الجيش الذي يضحي بالعاصمة ويخلع عن بدن مسئوليته عن المحافظات واحدة تلو أُخرى، لا يمكن أن يعول عليه بتحرير ما كان محرراً وفرط به، بإدارة سياسية قاصرة وصفقات سرية مشبوهة، وعجز فاضح في إدارة الحرب، وفق قيم ومضامين وطنية، لا مصالح حزب.
سقوط مأرب، سيدخل الصراع منحناه الأخير، ويضع الجميع أمام استحقاقات جديدة، ومخرجات مغايرة، يكون الحوثي سيد اللعبة والإصلاح ظله الباهت.
سقوط مأرب سيرعب السعودية، ويجعل الإصلاح ينقل التدخل التركي من دعوات خجولة، إلى خيار ملموس على الأرض.
مأرب هي الفصل الأخير، قبل رفع الراية على مطار إقلاع اللاعبين صناع الهزيمة، تحمل كلمتي:
وداعاً وطن.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك