كل شيء يخص هذا المواطن لا بد أن تكون يد الحرب تقتات منه بكل الوسائل، سلبوه حقه في الحياة وصادروا حريته وبنوا له السجون، تغلغلوا في سلب كل شيء يقي هذا المواطن من الجوع وسقوط الحياء، وعندما رأوا أن من الممكن الاستفادة من الأموال التي يتم تحويلها عبر الصيارفة، أن يستفيدوا منها قاموا برفع رسوم التحويلات، ولا يصل إلى المستفيد الغلبان إلا وقد أكلوا ما يقارب من الثلث.
لا شرعية تحترم نفسها، ولا حوثي يخاف من يوم السقوط وويلات نتائج هذا النهب والسلب، لم يكتفوا بما قد نهبوه وسلبوه واستثمروه، شرعية مشغولة بما لديها في الخارج وربحته في الداخل، وحوثي متروك في استمراره بسرقة كل ما يقع تحت يده، ولا أحد يكترث لمجزرة التحويلات التي تذبح المواطنين من الوريد إلى الوريد.
حتى غريفيث المبعوث الذي بصمته وعزوفه عن كشف ما يحدث من مجزرة التحويلات، يكون مشاركا في ما يؤخذ ويُنهب من هذه الأموال، بسياساته لم يتمكن من تحييد الاقتصاد والبنك المركزي، بما يضمن خدمة الناس، وبسبب أهدافه التي تطيل من أمد الحرب، ساهم في استمرار اقتصاد الحرب، ليضمن بقاءه كمبعوث وتستمر الامتيازات والمرتبات الباهظة.
مجزرة التحويلات ربما يدرك المبعوث أنه لن يستطيع حلها، هو يستثمر مثل هذه المجازر، بل ويتوقع أن هناك ما هو أفظع سيحدث للناس، لذلك يعتبر أن هذا الفساد وهذه الفوارق في أسعار التحويلات بين محافظة وأخرى هي نتيجة طبيعية لفشله السابق وعجزه عن حل أبسط المشاكل وخاصة المتعلقة بالاقتصاد.
من ينقذ الناس من فوارق التحويلات المالية التي تصل إلى 25% من الأموال المحولة بين المحافظات المحررة والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثي، من يمكن له أن يوقف سرقة ثمن الطعام الذي أصبح آخر ما يمكن لليمني أن يحصل عليه من هنا أو هناك، من يمكن له أن يمنع يد المبعوث لإدارته هذا الفساد وهذه المجزرة التي تعصف بأموال البسطاء عبر الحوثي والشرعية..؟!
الناس لا يهمها أن تكون الأموال من الطبعة الجديدة أو القديمة، هي لا تعرف الاقتصاد إلا من خلال ما توفره للأسرة واحتياجاتها الذاتية، لذلك لا يهمها إلا أن يكون لديها المال الذي تستحقه كاملاً دون سرقة ثلثه عبر التحويلات وفوارق الأسعار المالية بين مدينة وأخرى.
ليس هناك أحد مستفيدا من فوارق التحويلات سوى جماعة الشرعية والحوثي، هم من يديرون دورة الاقتصاد والأوراق المالية عبر بنك صنعاء وعدن، ولا أحد غيرهم يستثمر هذه الأموال بوسائل دنيئة تجهض حق الناس في رفع الصوت وإظهار الأنين والوجع من هذه العمليات والنهب الواضح للأموال.
عرفوا من أين تُؤكل الكتف، وجردونا حتى من أبسط حقوقنا، وأصبحنا بأيديهم تجارة وحروبا واستثمارات ومساعدات وإغاثات وبنوكا وقطر وتركيا وإيران، لم يحتملوا بأن يكون لنا قليل من الغذاء من أجل أن تستمر حروبهم وتربح تجاراتهم من جلودنا.
يريدوننا أن نبقى بين الحياة والموت، حتى في موتنا يستثمرونه ويجنون ملايين الدولارات، إنه الابتلاء الذي عجزنا في تداركه من البداية عندما سلّمنا زمام الحرب لشرعية فاسدة لمواجهة جماعة الحوثي الأفسد والأقبح بين كل الميليشيات في العالم.