كشفت مصادر مطلعة عن تراجع فرص التهدئة في أبين شرقي عدن بسبب مواصلة الشرعية اليمنية التي يهيمن عليها الإخوان حشد قواتها هناك، ما اضطر المجلس الانتقالي الجنوبي إلى استنفار قوّاته استعدادا لأي مواجهة قادمة.
وأشارت المصادر إلى فشل وساطات قام بها التحالف العربي لتخفيف حدة التوتر في ظل مؤشرات على انفجار مفاجئ للوضع، نتيجة إصرار القوات الحكومية على استقدام المزيد من التعزيزات من محافظتي شبوة ومأرب، ودفع المجلس الانتقالي في المقابل بقوات إضافية إلى مناطق التماس في محيط بلدة شقرة الساحلية بمحافظة أبين.
وفي إطار التحركات لاحتواء التوتر، أشارت مصادر إعلامية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى لقاء جمع أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الأربعاء، بلجنة التهدئة التي تضم اللواء فضل حسن قائد المنطقة العسكرية الرابعة والعميد ثابت مثنى جواس قائد محور العند قائد اللواء 131 مشاة الذي يتولى أيضا رئاسة لجنة التهدئة.
ونقلت صحيفة العرب عن المصادر ان الاجتماع وقف على نتائج اللقاءات التي تمت بين لجنة التهدئة وقيادات الوحدات العسكرية التابعة للشرعية المتمركزة في منطقة شقرة، والتي تضمنت التفاهم حول تخفيف حدة التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي وعقد اجتماع مشترك في مقر قيادة التحالف العربي بعدن بحضور أربعة ممثلين عن المجلس الانتقالي ولجنة التهدئة. ونقلت المصادر عن بن بريك تأكيده في ختام الاجتماع على التزام المجلس بوقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق الرياض.
وأكدت مصادر عسكرية لـ”العرب” أنّ الوضع لا يزال قابلا للانفجار في أي لحظة في حال لم يتمكن التحالف العربي من إقناع الشرعية بسحب قوّاتها العسكرية التي استقدمتها خلال اليومين الماضيين والعودة سريعا إلى طاولة الحوار بين الانتقالي والحكومة لبحث آليات تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.
ولفتت المصادر إلى أنّ تيارات نافذة في الحكومة اليمنية تعمل على عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض والدفع باتجاه المواجهات العسكرية. ويتزعم بعض المقربين من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خط التصعيد انطلاقا من خلفيات مناطقية تستحضر الصراع القديم في جنوب اليمن، بينما يسعى تيار الإخوان المدعوم من قطر داخل الحكومة اليمنية لتمرير أجندة إقليمية تهدف إلى تغيير موازين القوة في البلد لصالح جماعة الإخوان التي خسرت الكثير من مكاسبها على الأرض في الفترة الماضية نتيجة سيطرة الحوثيين على محافظة الجوف ومنطقة نهم.
وقالت المصادر إنّ قطر باتت لاعبا أساسيا في التطورات التي تشهدها العديد من مناطق اليمن من خلال دعم الإخوان ماليا وإعلاميا وتمويل معسكرات في محافظة تعز بقيادة الإخواني حمود سعيد المخلافي يتوقّع أن تلعب القوات المتمركزة فيها، دورا بارزا في جولات الصراع القادمة واستهداف المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن ولحج وقوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح في الساحل الغربي لليمن.
واعتبر مراقبون يمنيون أنّ توقيت التصعيد على مشارف عدن في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون استهدافهم للمناطق المحررة في شمال اليمن تأكيد على حالة الارتباك في أجندة الشرعية ورغبة أطراف في الحكومة اليمنية تعمل لصالح مشروع الدوحة – تركيا في استثمار حالة الفوضى لتحقيق أهداف سياسية لا تخدم أولويات الشرعية والتحالف العربي.
ويعكّر الصراع الجانبي الذي تخوضه الشرعية ضد الانتقالي الأوضاع في اليمن حيث تحاول عدة أطراف إقليمية ودولية إقرار تهدئة تفسح المجال لمعالجة الأوضاع الإنسانية السيئة ومواجهة خطر كورونا الداهم، غير أنّ العديد من التطورات تشير إلى تداعي الهدنة المعلنة من التحالف العربي بقيادة السعودية، في ظل استمرار كافة الأطراف بتبادل الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.
واتهم الحوثيون على لسان ناطقهم الرسمي ورئيس وفدهم التفاوضي محمد عبدالسلام التحالف العربي بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد، مشيرا في تغريدة على تويتر، الخميس، إلى قيام التحالف بشن “أكثر من 35 عملية هجومية في جبهات عدة وأكثر من 250 غارة جوية منها 12 غارة على صنعاء”، مضيفا “تلك الوقائع الميدانية، مع استمرار الحصار، تبرهن بشكل عملي أن ادعاء وقف إطلاق النار ليس إلا مناورة مكشوفة ومفضوحة”.
وجاءت تصريحات عبدالسلام ردا على بيان للتحالف العربي قال فيه إنّ خروقات وقف النار من قبل الحوثيين بلغت أكثر من 547 خرقا، مؤكدا أنّ التحالف يحتفظ “بحق الرد المشروع والدفاع عن النفس في الجبهات أمام الحوثيين”.
وبالرغم من حالة التوتر التي تؤكد انهيار وقف إطلاق النار بين التحالف العربي والحوثيين إلاّ أنّ مصادر إعلامية ودبلوماسية كشفت عن جهود يبذلها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث للتوصل إلى هدنة شاملة يشارك فيها التحالف العربي والحكومة الشرعية والحوثيون، بعد فشل الهدنة الأحادية التي أعلن عنها التحالف ولم تحظ وفقا للمصادر بترحيب الحكومة اليمنية والحوثيين.
وتوقع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن في تصريحات أدلى بها، الخميس، أن تتبنى الأطراف المتحاربة قريبا ورسميا اتفاقات على وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد واتخاذ إجراءات إنسانية واقتصادية رئيسية واستئناف العملية السياسية. وأضاف غريفيث أنه تفاوض مع الأطراف بشأن النصوص على مدى الأسبوعين الماضيين.
وكشفت “العرب” في تقارير سابقة عن فتح التحالف العربي قنوات حوار غير مباشرة مع الحوثيين برعاية أميركية وأممية في كل من مسقط والعاصمة الأردنية عمان، غير أنّ تلك المشاورات فشلت على الأغلب نتيجة رفض التيار العسكري في الجماعة الحوثية المرتبط بطهران أيديولوجيا وسياسيا أي اتفاق يخفض من مستوى الارتباط بين الجماعة والمشروع الإيراني في المنطقة.