اعتبر الكاتب العربي خيرالله خيرالله أن الخطاب الأخير للرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، الذي تحدّث فيه عن أهمّية اتفاق الرياض، يدل على إفلاس “الشرعية” في اليمن.
وقال الكاتب خير الله خيرالله في مقال نشرته صحيفة العرب تحت عنوان “الشرعية مشكلة اليمن وليست الحل”، إن اتفاق الرياض أوقف الاشتباكات التي اندلعت في عدن، لكنّه لم يحلّ أيّ مشكلة في العمق.
وأضاف: “هذا لا يعود إلى أن المملكة العربية السعودية لم تقم بالجهود المطلوب أن تقوم بها. على العكس من ذلك، بذلت المملكة كلّ ما تستطيع كي يعود الوضع إلى طبيعته في المحافظات الجنوبية وكي تتفرّغ “الشرعية” لقتال الحوثيين واستعادة مواقع فقدتها في الماضي، بما في ذلك محافظة الجوف القريبة من مأرب”.
واستدرك قائلا: “لكنّ شيئا لم يتغيّر لا في صنعاء ولا في عدن بالنسبة إلى “الشرعية” التي لم تستطع إثبات نجاحها في التعاطي مع أي مكون من مكونات الشعب اليمني آو مع أيّ منطقة يمنية”.
وتساءل الكاتب: كيف يمكن لـ”الشرعية” قتال الحوثيين ومنع قيام إمارة إسلامية في صنعاء وحولها على غرار الإمارة التي أقامتها “حماس” في غزّة. ليس ما يشير إلى أي أمل في تحقيق هدف من هذا النوع في المدى المنظور.
ورأى أن الهدف من الخطاب الأخير للرئيس الانتقالي الذي خلف علي عبدالله صالح في شباط – فبراير من العام 2012 لا يستهدف سوى تفادي أي تغيير حقيقي يعيد النظر في تركيبة “الشرعية”.
وشدد أن هذا التغيير هو الشرط الأوّل والأخير للخروج من الحلقة المقفلة التي دخلها اليمن ويدور فيها منذ إبعاد علي عبدالله صالح عن الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية وتحويله إلى لقمة سائغة للحوثيين الذين اغتالوه في العام 2017 بعدما قرّر مواجهتهم.
وتابع خيرالله: “ما يبدو ضروريا ملاحظته أنّ “الشرعية” لم تستطع عمل شيء منذ العام 2014 من أجل منع الحوثيين من وضع يدهم على صنعاء. لا تزال عاجزة عن الإقدام على أي خطوة ذات طابع إيجابي في أيّ اتجاه كان.
وقال: “يوجد تاريخ آخر لا مفرّ من التوقف عنده. إنّه تاريخ استيلاء الحوثيين على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. لا يزال السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح إلى الآن هو لماذا رفض عبدربّه منصور هادي الذي كان يتحكّم بالمؤسسة العسكرية اليمنية التصدّي للحوثيين الذين ما لبثوا أن وضعوه في الإقامة الجبرية واجبروه على الاستقالة قبل أن يتمكّن من الفرار من صنعاء في شباط – فبراير 2015. نسي بعد ذلك صنعاء ونسي أنّ المدينة كانت عاصمة اليمن الموحّد وترمز فوق ذلك إلى وحدة البلد التي يروي أنّه متمسّك بها”.
وأضاف: “بدل أن يصرّ الرئيس الانتقالي الذي كان مفترضا ألّا يمضي أكثر من سنتين في موقعه على استقالته الذي أعلنها في 2014، إذا به يعود عنها ويعمل حاليا بطريقة توحي بأنّ الأمور تسير على ما يرام في اليمن وأنّ معركة استعادة صنعاء إلى حضن “الشرعية” مسألة أيّام”.
وشدد الكاتب العربي خيرالله خيرالله أن الشجاعة تدعو إلى الاعتراف بأنّ “الشرعية” صارت لبّ المشكلة في اليمن. “الشرعية” هي المشكلة وليست الحلّ. موضحا:” ليست “الشرعية” سوى وسيلة تخدم هدفين. يتمثل الأوّل في استفادة الرئيس الانتقالي والمحيطين به من عائدات معيّنة، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتخليص اليمن من الحوثيين أو التصدّي لـ”المجلس الانتقالي” وطروحاته. الهدف الآخر تأمين غطاء للإخوان المسلمين الذين يعتبرون أن لديهم خارطة طريق ستمكنهم من الاستيلاء على جزء من اليمن وذلك بالتفاهم الضمني مع الحوثيين، أي مع أدوات إيران في اليمن.
وذكر أن اتفاق الرياض حقق بعض أهدافه، لكنّ المشكلة بقيت في “الشرعية” التي لا هدف يمنيا لها. مضيفا:” هدف “الشرعية” السلطة في المطلق حتّى لو كانت تمارس من خارج ارض اليمن. لا هدف لـ”الشرعية” غير السلطة… في حين أن الحاجة إلى قتال الحوثيين وإلى رجال على أرض اليمن يفعلون ذلك”.
ونوه إلى أن هناك أمورا خطيرة تجري في اليمن حاليا. إضافة إلى الوجود الإيراني، هناك التدخلات التركية التي تحوّلت إلى اختراقات في العمق اليمني، خصوصا في شبوة وساحلها.
وأكد أنّ “الشرعية” ليست علاجا بمقدار ما أنّها جزء من أزمة عميقة تحتاج معالجتها إلى مقاربة مختلفة في ظلّ تفاهم من تحت الطاولة وفوقها بين الحوثيين والإخوان المسلمين الذي باتوا العمود الفقري لـ”الشرعية”.
وخلص الكاتب الى القول: “هناك بكلّ بساطة رهان لدى الإخوان المسلمين على الوقت. يعتقدون أن الوقت يعمل لمصلحتهم وأنّ “الشرعية” أفضل غطاء لهم. ألم يحن الوقت للتفكير ملّيا بأن المدخل الأهمّ لأيّ معالجة في اليمن يبقى في إعادة تشكيل “الشرعية” بدل البقاء في أسرها؟”.