كتب/خلدون الشرقاوي
عكست مواقف الإخوان المسلمين عبر تنظيماتهم وأذرعهم السياسية، الأسبوع الماضي، مزيداً من التبعية للنظام التركي، وتأييد سياساته، بشكل يعكس الدور الوظيفي للجماعة في خدمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتوجهات حزبه، ومن جهة أخرى أدخلت الجماعة تونس في نفق الانسداد السياسي المظلم، من خلال سياسات حركة النهضة، وسعيها نحو الهيمنة، كما واصلت الأذرع السياسية للتنظيم عملية التخريب السياسي الممنهج في ليبيا والسودان وموريتانيا والمغرب.
إخوان مصر.. تأييد مطلق لأردوغان
حرصت جماعة الإخوان المسلمين على إرسال تهنئة رسمية، يوم 13 تموز (يوليو) الجاري للحكومة التركية، بمناسبة تحويل، آيا صوفيا، إلى مسجد، وهي خطوة وصفتها بـ”التاريخية، وبداية لاسترداد المسجد الأقصى”، كما قال طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان: “آيا صوفيا هو رمزية تاريخية لفتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح”.
وفي سياق التبريكات الإخوانية، أصدرت الجماعة بياناً باللغتين؛ العربية والتركية، يوم 15 تموز (يوليو) الجاري، هنأت فيه النظام التركي بذكرى فشل انقلاب 15 تموز (يوليو) 2016، وأنهته بعبارة: “حفظ الله تركيا من كلّ مكروه وسوء”.
وفي سياق إصرار الجماعة على نهج استغلال كل مناسبة لجرّ البلاد إلى الفوضى، استمرت بمسلسل استغلال أزمة سد النهضة، حيث طالب ما يُعرف بــ “التحالف الوطني لدعم شرعية الشعب المصري ورفض الانقلاب” الإخواني، يوم الجمعة 17 تموز (يوليو) الجاري، بانطلاق “موجة ثورية ثانية، تردّ الأمور إلى نصابها؛ لتستردّ حق مصر في نهر النيل”، في حين أعلنت المنابر الإخوانية صراحةً عدم اصطفافها خلف القضية الوطنية، في ظل وجود الرئيس السيسي، مغلِّبين بذلك مصلحة الجماعة على قضايا الوطن وأولوياته.
إخوان تونس يدفعون البلاد نحو الفوضى
وصل الصدام بين حركة النهضة الإخوانية ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إلى طريق مسدود، فبعد فشل الحركة في ابتزاز الفخفاخ، أودع رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري، مذكرة سحب الثقة في البرلمان، ما دفع الفخفاخ إلى تقديم استقالته، ليتولى مهمّة تصريف الأعمال حتى التوافق على حكومة جديدة، وهي فترة قد تمتد لشهور، في ظل حالة التناحر السياسي.
وفي ضربة غير متوقعة، أطاح الفخفاخ بوزراء حركة النهضة من حكومة تصريف الأعمال، في وقت تزامن مع تقديم الحزب الدستوري الحر لائحة يطلب فيها سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، ما أوقع حركة النهضة في مأزق سياسي حاد، علقت عليه النائبة عن النهضة، سناء المرسني، بأنّ “لائحة سحب الثقة من رئيس المجلس هدفها المزيد من إرباك أعمال المجلس”، بينما قال عماد الخميري الناطق باسم النهضة: “من يريدون سحب الثقة من الغنوشي، “لم يكن لهم عليه فضل لوصوله لرئاسة البرلمان”.
وعلى صعيد المواجهة مع الحزب الدستوري الحر، وجّه رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري، نداء إلى السلطة العمومية لوضع حد لما أسماه “جريمة ترتكبها عبير موسي في حق الدولة والشعب”.
من جانبه، أكّد خليل البرعومي المكلف بالإعلام في حركة النهضة، أنّ هناك “مَن يمارس البلطجة داخل المجلس”، كما عقدت كتلة حركة النهضة، صباح يوم الخميس 16 تموز (يوليو) الجاري، بمجلس نواب الشعب ندوة صحفية للتنديد بما أسمته العنف والاعتداء من قبل كتلة موسي.
وحمّل القيادي عماد الخميري المعارضة المدنية “مسؤولية ترذيل المؤسسة الدستورية، وتعطيل أعمالها والمضي إلى ممارسة العنف المادي”، وادّعى النائب عن “النهضة”، موسى بن أحمد، الاعتداء عليه من قبل نواب الدستوري الحر، وضربه من قبل النائبة سميرة السايحي بحقيبة يدها، ما تطلب إيداعه المستشفى!
هذا، وقد تضامنت المنابر الإخوانية في تركيا هذا الأسبوع مع حركة النهضة التونسية متهمة عبير موسي “بالعمالة للخارج”، إذ وصفها الصحفي التونسي سليم الحكيمي “بالجهل والفساد وقيادة المرتدّين”، في مداخلة له على قناة مكملين، أكد فيها أنّ موسي “عميلة للدولة الصهيونية”! ما يعكس رؤية الإخوان للمعارضين والمخالفين.
إخوان ليبيا.. صراع حول المال والنفط
رحّبت دائرة اللجان المختصة بحزب “العدالة والبناء”، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في ليبيا، يوم 15 تموز (يوليو) الجاري، بالبدء في مراجعة حسابات المصرف المركزي بطرابلس، والمصرف الموازي في البيضاء، وقال الحزب في بيانه: إنّه بعد مماطلة طويلة من جهات متعددة، فاقمت من إهدار المال العام، تبدأ تلك الخطوة في اتجاه توحيد المصرف المركزي، وإنهاء الانقسام المؤسساتي، وصون المال العام والمحافظة عليه من الفساد والاختلاس، ما يعكس حالة من الصراع الداخلي، وسط اتهامات متبادلة باختلاس الأموال، بين حكومة السراج، المسيطرة على طرابلس، وبين الصديق الكبير، رئيس البنك المركزي.
من جهة أخرى، واصل حزب “العدالة والبناء” نداءاته المتكررة، لتمكين حكومة الوفاق من ضخ النفط، متهماً جهات خارجية بـ”الإيعاز إلى خليفة حفتر بوقف إنتاج النفط، وتعميق أزمة ليبيا الاقتصادية”، ما يعكس حالة من الاختناق الاقتصادي، في ظلّ تضاعف فاتورة التدخل العسكري التركي.
إخوان السودان “يكفّرون” الحكومة
نظّم الإخوان المسلمون، في السودان، مظاهرات خرجت في العاصمة الخرطوم، عقب صلاة الجمعة يوم ١٧ تموز (يوليو) الجاري، للتنديد بتعديلات قوانين، قالت إنّها تتعارض مع الشريعة الإسلامية، والمطالبة بـ”إقالة الحكومة اليسارية المعادية للدين”.
ومن جانبه، رحّب المراقب العام للإخوان المسلمين، عوض الله حسن، بخروج جماهير الشعب السوداني، التي وصفها “بالمؤمنة”، في دلالة على التشكيك في عقيدة الأغلبية الكاسحة التي لم تخرج، احتجاجاً على التعديلات التي أجرتها الحكومة على القانون الجنائي، والتي ادّعى أنّها شكّلت تعدياً على الحدود الشرعية.
وكان مجلس السيادة السوداني قد أقرّ تعديلات على القانون الجنائي، أبرزها إلغاء جرائم المعتقد والضمير، وتجريم تكفير الأشخاص، وإلغاء سلطة جهاز الأمن في الاستدعاء والتفتيش، وإلغاء عقوبة الإعدام بحقّ الأطفال ومن تجاوزوا السبعين، وإلغاء المواد التي تحط من كرامة المرأة، بتجريم ختان الإناث، وحرمان النساء من اصطحاب أطفالهن في حالة السفر، ما يعكس إلى أيّ مدى تقف جماعة الإخوان مع الرجعية الدينية، واحتقارها لحقوق الإنسان، وحق المرأة في العيش بكرامة، ما يكشف الوجه القبيح الذي يحاول الإخوان دوماً إخفاءه.
مناوشات في موريتانيا وارتباك بالمغرب
حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية في موريتانيا “تواصل”، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، واصل محاولات فكّ الحصار السياسي بإثارة القلائل من وقت إلى آخر، حيث أصدرت الأمانة الوطنية للاتصالات، بحزب “تواصل” بياناً يوم 11 تموز (يوليو) الجاري، حول تأجيل مناقشة مشروع قانون إنشاء محكمة العدل العليا، هاجمت فيه الحكومة، بعد قرار لجنة العدل والدفاع داخل الجمعية الوطنية بتأجيل مناقشة المشروع لمزيد من المشاورات.
ويبدو أنّ “تواصل” تنتهز أيّ فرصة لعمل دعاية سياسية، تحمّل فيها الرئيس المسؤولية، وتصف معارضيها بالتخلي عن قضايا الشعب وآماله، رغم أنّ تأجيل مناقشة المشروع جاء روتينياً لمزيد من التشاور، ولم يصدر أيّ قرار بإلغاء مشروع القانون.
وفي المغرب، اعترف فريق حزب العدالة والتنمية الحاكم “المصباح”، الذراع السياسي للإخوان المسلمين بمجلس المستشارين، بفشل تعميم التغطية الصحية للمهن الحرة والمستقلين، وكذلك بطء وتيرة الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، المبني على اعتماد نظام القطبين، داعياً إلى تسريع إرساء السجل الاجتماعي الموحد، لمأسسة دعم الأسر المغربية التي أصبحت في وضعية فقر وهشاشة.
كما ألمح المستشار البرلماني عبد الصمد مريمي، في مداخلة ألقاها باسم فريق “المصباح”، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية المعدّل، إلى وجود خلل في دعم الشرائح الاجتماعية الهشّة والمتضررة من جائحة كورونا، كما اعترف بفشل عملية تعزيز ودعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني، وعدم السعي إلى إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية.
*نقلا عن موقع حفريات