مقالات

حرائق جماعة الإخوان في مصر واليمن

في تاريخ اليمن ومصر توجد السجلات الكبرى لأبشع الجرائم التي ارتكبتها ولا تزال جماعة الإخوان المسلمين وموطن التنظيم الدولي ومؤمراته الكبرى.

مصر واليمن أكثر الدول التي نالها من الجماعة الويل والكوارث، وتجربتهم في اليمن لا تزال مستمرة للأسف، بعد أن حالف مصر الحظ في الخلاص منهم.

لقد أعاقت الجماعة في مصر مسيرة الثورة المصرية التي يصادف هذا الأسبوع ذكراها وبدأوا بالتآمر عليها من خلال علاقتهم السرية مع المخابرات البريطانية واستلام أول دعم مالي حصل عليه الإخوان، كما كشف ذلك أحمد السكري، الشريك والمؤسس للجماعة مع حسن البناء، لكنه انشق عنه إثر هذه الحادثة والخلاف على جواز استلام هذه الأموال، كما ذكر ذلك في سياق أحاديثه عن بداية هذه العلاقة.

وتواصلت أحقاد الجماعة في محطات مختلفة من محاولة تصفية عبدالناصر إلى العمليات الإرهابية مرورا بتفريخ جماعات العنف والقتل وفي فترة ملاحقتهم كان قادتهم يفرون للاختباء في اليمن، حيث مركز قوة الجماعة الحصين.

ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن لا تزال اليمن تتلقى كل يوم كارثة أو مصيبة بفعل الجماعة وما زال التاريخ يسجل كل يوم فجيعة جديدة.

ليس من الجديد القول، إن الإخوان وحشدهم الشعبي وذراعهم السياسية والعسكرية في اليمن يؤسسون مع سبق الإصرار لثارات تحفر في عمق وجدان أبناء اليمن، فقد استعدوا الأحزاب السياسية والمؤتمر على وجه الخصوص وكذلك فعلوا مع الجنوب، وهم يتفننون في كل مرحلة تاريخية وفي كل حدث باختلاق الصراعات وفتح جبهات حروب استنزاف بمهارة عالية في مناطق كثيرة تحت مسميات متعددة وبأعمال فجة، على سبيل المثال، تعز المدينة القديم، يشعر أهلها أنهم مواطنون درجة ثانية.

وليس إحراق المدينة القديم إلا أحد تعبيرات وتجليات ذلك الحقد الإخواني الذي يمتد اليوم لمناطق الحجرية، ومناطق أخرى.

تبدأ موجات الأحقاد الدموية للإخوان غالباً بحملات التخوين كما تم مع عدنان الحمادي وغيره الكثير من السياسيين والنشطاء والإعلاميين وتنتهي بالاغتيال أو التشريد أو الاختطاف والإخفاء أو نهب الممتلكات.

وقلما تعرض فرد لتخوينهم لم ينته به المطاف إلى التصفية إلا من حالفه حظ الخروج من مناطق سيطرتهم.

ولن يكون هذا آخر الموج الإخواني المتدفق حقداً على الأحزاب والمناطق والسياسيين وكل من هو ليس في صفهم أو يعمل لصالحهم.

اليوم تتوجه بوصلتهم نحو المخا التي تنعم حالياً باستقرار وأمان لا يروق لهم في ظل فشلهم المنقطع النظير في مدينة تعز.

ويسعون لتقديم ورقة لتركيا على طبق من ذهب إلى عمق باب المندب، لابتزاز اليمن والتحالف ومصر الشقيقة، ويعملون بكل وسائل الإشاعة والدعاية عبر عشرات القنوات بضخ كل التضليل وصناعة أعداء في كل ربوع الوطن بالإضافة إلى هذا الموج من القتل والتدمير والألغام، التي تغرس في النفوس وفي العقول.

ولا شك أن كل ذلك المد من الثارات وثقافة الموت بانتظار فرصة ما؛ كي تنفجر بطريقة ما.

لقد نجحوا في تمزيق النسيج الاجتماعي بحرفية وتفانٍ منقطع النظير.

وتلعب الإمكانات المادية الدافقة إلى الجماعة من قطر وغيرها مع القطيع الكبير الذي يستغل بعاطفته الدينية واحتياجاته اليومية والفقر والبطالة، كل ذلك يلعب لتحشيد مزيد من القطيع المدفوع بحاجاته.

لقد اصبح للجماعة الكثير من الإمكانات وأصبح لها جيشها الخاص وتملك جهازا سريا يُنَظر ويُدبر هذه المهام، لا سيما في مأرب وتعز بعد إقصاء تواجدهم في باقي المحافظات.

يظن هؤلاء أنهم يؤسسون لحكم الجماعة فيهما لأمد بعيد، ومن حيث لا يشعرون يجمعون كل أبناء تعز ومأرب ضدهم وضد تصرفاتهم البغيضة، وفي لحظة ما سينفجر كل شيء وسيكونون في مواجهة مع الجميع، وبوادر ذلك واضحة كما حدث لإخوانهم في مصر والسودان.

لقد أعطت الشعوب العربية للإخوان فرصا في الحكم فأذاقتها ويلات وصنوف الظلم والفشل وتعلمت تلك الشعوب دروسا قاسية لا تزال جراحها غائرة وتبعاتها ماثلة وستظل لزمن ليس بالقصير.

أجمل ما في هذه الدروس أن الجيل الجديد أذكى من أن تستقطبه ماكينات غسل الأدمغة وتصوغ أفكاره وتحوله إلى القطيع الكبير الذي يساق دون علم ودون وعي لتحقيق مصالح قيادات معدودة وتنظيم دولي تعبث به الاستخبارات العالمية الكبرى ودول صغيرة تريد أن توجد لها مكانا لا يتناسب مع تاريخها ولا جغرافيتها.

راهن الإخوان على الغرب، وراهنوا على الاتجار بالدين، كي يصلوا إلى أهدافهم في التمكين المزعوم وبشروا بدولة الخلافة وما زالوا يفعلون ويقدمون تركيا لهذا الشعار، وفي النهاية ستكون تركيا إحدى ضحاياهم طال الزمن أم قصر.

أخونة تركيا العلمانية لن يطول، وسيقول الشعب التركي كلمته في موجة اتاتوركية قادمة.

هناك حقول من الكراهية زرعها الإخوان كما يزرعون في كل بقعة وبلد يسيطرون عليه لردها من الزمن.

إن عالمنا العربي والإسلامي لا مستقبل له في ظل الجماعة، هذا أمر محسوم. وقادم السنوات لن تكون الجماعة إلا عصابات على نطاق ضيق أو سوف تتدثر بأحزاب كي تواصل شيئاً من البقاء لها والوجود على نطاق ضيق.

لقد شكلت فضيحة الجماعة في مصر العروبة والقضاء على الجماعة بمثابة قطع رأس الأفعى؛ لكن المؤمرات على مصر من خارجها عبر الجماعة قائم، ولعل في اللقاءات والزيارات اليمنية المصرية في الأسبوع المنصرم شيئاً من هذه المباحثات، لا سيما المتصلة بأمن باب المندب والتمدد الإخواني في اليمن.

إن مصر أكثر من غيرها تعلم أن جماعة الإخوان تشكل أخطبوطاً في اليمن، وقد طرح ذلك صراحة على الوفد اليمني الذي زار القاهرة، واعطت مصر رسالة واضحة ان الأمن القومي وأمن البحر الأحمر غير قابل للنقاش.

وأعتقد أن الشرعية اليمنية قد أدركت تماما موقف مصر وتعاطت معه ايجابيا من خلال تصريحات رئيس الوزراء غير المسبوقة بشأن التدخل القطري في اليمن والذي سارعت وزارة الخارجية القطرية بوصفه بالتصريحات المضحكة.

ولا شك أنه شكل مفاجأة لقطر في ظل تواجد الموالين لها من وزراء الجماعة في الحكومة اليمنية.

إن المحادثات الأخيرة خطوة مهمة لدور اوسع لمصر في ظل التحالف العربي لا سيما ومصر تحديداً تحظى بحب وقبول شعبي يمني واسع شمالا وجنوبا نظرا للدور التاريخي الذي لعبته مصر في تاريخ اليمن الحديث ودعم ثورتيه، سبتمبر وأكتوبر.

ولعل هذا الدور المصري الذي سوف يتوسع ستكشفه قادم الأشهر.

زر الذهاب إلى الأعلى