السلطنة العمانية تطبخ المهرة على نار هادئة، لا أحد يرى الجمر، ولكن دخانها يفضحها ويكشف يدها التي طالت وتعمقت في المهرة وقبائلها، تمنح الناس فيها جنسيتها لكسبهم، وتغدق عليهم بالأموال لتظفر بحالهم، وتروج في أوساطهم إن كان ولا بد أن تذهبوا بعيداً عن الجنوب، فأقرب نقطة هي عُمان.
عُمان تبني المهرة حامية لها، وسورا منيعا يحميها، ولا بد أن يكون لها نصيب من الكعكة التي ساهمت في طبخها، واستأنست بوجود الحوثي ودعمته وثبتته في مكانه عبر منافذها، لذلك ترى أن المهرة حق لها نظير ما منحته لصنعاء من دعم، وهذه هي النتيجة لأي صراع في أي بلد، حيث ينظر جيرانه إليه فرصة لاقتطاع ما يمكن منه جسده.
هكذا تغدر السلطنة العمانية بكل ما هو مقدس لأبناء اليمن سواءً في الجنوب أو الشمال، غدرت باليمنيين بدعمها للحوثي، وتغدر بالجنوب بمحاولة نهبها للمهرة، وتحويلها إلى منطقة حامية، وتستمر في غدرها بل وتتعمد في غرز نصالها في كبد اليمنيين بشكل هادئ، وبدون إثارة ولذة المنتقم من بلد أضعفته الحرب ومزقته.
المنظور السياسي الذي ترى منه عمان للمهرة هو التخوف من التواجد السعودي، والقلق من التواجد العسكري بالذات، لأن الخلاف بين هاتين الدولتين سابق لذلك التواجد، لكن التوغل العماني في المهرة أيضا سابق للتواجد السعودي، لذلك هي فقط تحاول أن تبتلع المهرة قبل أن تتمكن السعودية من قطع يدها، أما السعودية في مسألة وقت ثم تغادر ريثما تنتهي أهداف التحالف العربي.
يذهب بعض مشايخ المهرة خلف الدعاية العُمانية، ويخضع لمحتواها، بل ويؤمن بأن المهرة جزء وامتداد طبيعي لظفار، لكنه لا يعي مدى خطورة تلك الدعاية في سلخ المحافظة من جسد الجنوب، وتغييب المجتمع عن واقعه الحقيقي وبيئته التي صقلت هويته ووجوده عبر آلاف السنين.
المهرة ملعب كبير تحتشد فيه الاستقطابات لخوض مبارة النهائي على كأسها، لاعبون دوليون حاملو رايات لا نفهم ما هو الكتوب فيها، الفريق الأول من اللاعبين هي سلطنة عمان، والفريق الثاني دولة قطر، ولكل فريق مشجعون ومبندقون وممولون ومؤهلون جيداً، في الجانب الآخر يقف المجتمع المهري دون معرفة ما هو الذي يمكن فعله تجاه أرضه وملعبه.
قطر تريد لفريقها أن يفوز وأن يتغلب على منافسيه، على الرغم من بعده الجغرافي عن المهرة، ورغبته في الفوز فيها لا ينسجم مع أهداف عُمان، على الرغم أن هاتين الدولتين تشتركان في مواجهة المخاوف من السعودية، ومن الجنوب ككيان لديه القدرة على السيطرة والقيادة دون الحاجة إلى مشروع تركي أو قطري أو إيراني.