خبراء اقتصاد: انهيار العملة يجرف مستقبل وطن ويجعل المشهد السياسي أكثر تعقيدا “كيف صار المركزي مشلولا بعد القرار الكارثي؟”
تفكك إقتصادي ومالي وسياسي في ظل فياب السياسات النقدية والإقتصادية في النهوض بقيمة العملة الوطنية. اقتصاديون يعزون انعيار العملة اليمنية الى غياب السياسات والخطط وفشل إدارة الوضع الاقتصادي اذ فقدت العملة اليمنية من قيمتها بشكل متسارع مع سنوات الحرب. * من إين تبدأ الحلول؟ البنك المركزي في اليمن لايكاد أن تنطبق عليه صفة البنك بل كان للبنك دور سلبي في واقع المضاربة ومساهمته في ايقاد المضاربة بشكل واسع كما أن الحرب وضعت واقع البلد أمام كارثة اقتصادية وسياسية معقدة. هناك واقع اقتصادي معقد المحللين والخبراء الاقتصاديين بعترفون أن البنك المركزي اليمني فقد الامكانية في مراقبة وتوجية النظام المصرفي للدولة كما انه يفتقد الرؤية في الاستقرار النقدي والمالي. تخضع عملية المراقبة الأليه لعمل البنك وقيمة العملة على مؤشر التضخم وهو من أهم العوامل لمعرفة القوة الشرائية والتذبذب الكبير في سعر الصرف والاتجاه العام لمؤشر العملة المحلية وانخفاضها أو صعودها. فيما مؤشر سعر الفائدة للبنك المركزي وقراءة البيانات التاريخية والحالية يقود الى أين ستتجه العملة في تداولاتها. * بنك منزوع القدرة.. في اليمن.. ليس هناك أي دور للبنك المركزي اليمني في قياس التضخم وليس بإمكانه القيام بتحديد سعر الفائدة من حيث رفعها أو خفضها لأنه مشلول ولإن البنك مرتبط بسياسات لا تقوم في المحافظة على قيمة العملة. ويرى خبراء اقتصاديين ان دور البنك يتماشى مع السياسات التي تقوم على التربح وكما يشارك البنك في بعض الأنشطة غير القانونية. المحلل الصحفي والإقتصادي ماجد الداعري إعتبر في حديث لـ”يمن الغد” انهيار العملة نتيجة طبيعية ومتوقعة لأثار الحرب ونتائجها وتعطل الموارد والدخل القومي وفشل قرار حكومة الشرعية بنقل للبنك المركزي لمدينة عدن وإدارة السياسة النقدية للبلد. يصف ماجد الداعري تلك السياسات ومارافقها من قرارات تخبطية زادت من تسارع الانهيار لقيمة العملة.. وأفاد الداعري أن تسارع حدة الانهيار جاء بعد تعويم الصرف الكارثي في بلد منهار مدمر بفعل الحرب. الحوثيين استفادوا من هذا الوضع وفق ما يرى الداعري وذلك من خلال استغلال قرار نقل البنك لعدن شكليا للتخلص من التزماتهم لينشغلوا بالمضاربة بالعملة وتجريفها من سوق الصرف دون حسيب أو رقيب. وقال الداعري ان البنك المركزي. فشل في ضبط محلات وشركات الصرافة غير المرخصة التي زادت من تسارع الانهيار وهناك أسباب متداخلة حسب حديثه في هذه الأزمة صعبت من إيجاد تشخيص أسبابها او تحديد جهة واحدة فقط متورطة فيها. * مقاطعة النقود الجديدة عملة أي بلد هي كأي سلعة يتم تحديدها في السوق، بناء على تفاعل قوى العرض والطلب على هذه العملة، بمعنى أنه إذا زاد الطلب على عملة من العملات، فإن ذلك يؤدي إلى رفع سعر صرف هذه العملة مقابل العملات الأخرى. اقتصاد اليمن صار متراجعا في مستويات عدة فالإقتصاد هو عملية متكاملة من أنشطة متعددة وقد يحدث اختلال فيؤدي لإرتفاع قيمة العملة أو انخفاضها لكن في الحالة اليمنية فالعملة ليست مستقرة جرء ضعف كل السياسات والانشطة الإقتصادية وحالة الحرب وغياب السياسات والخطط. يتحدث مصطفى نصر وهو خبير اقتصادي أن هناك اسباب عديدة للانهيار الذي حصل العملة اليمنية . وأفاد نصر لـ”يمن الغد” بأن أخر تلك الاسباب المستجدة هو قيام عدد من البنوك وشركات الصرافة بتسيل اموال الشيكات ومبادلتها بالعملة الصعبة هذه واحدة من الاسباب التي أدت إلى الإ نهيار و عملية المضاربة التي ساهم فيها كثير من الصرفين والبنوك. وأرجع مصطفى التدهور في العملة لمقاطعة الحوثي وعدم تعامله مع الفئات الجديدة من العملة النقدية مما جعل هناك كميات النقود الجديدة تجمعت في منتطقة سيطرة الحكومة وأصبح العرض أكثر من الطلب. وأعتبر مصطفى إن ارتفاع اسعار التحويلات ولجوء الناس للتمويل بالعملة الصعبة زاد من الضغط على العملة الصعبة مما إدى للانهيار. وأضاف إن ذلك ياتي بالتزامن مع طبعة كمية كبيرة من العملة الوطنية لايتناسب مع حجم النشاط الاقتصادي والانتاج المحلي . * غياب الحلول تتحدد قيمة العملة أمام العملات الرئيسية كالدولار واليورو، بالوضع السياسي والاقتصادي بشكل عام والموارد الاقتصادية والاستثمارات المحلية والدولية،لكن في الحالة اليمنية لاتتوفر مثل هذا العوامل. يرى الصحفي الإقتصادي ماجد الداعري أن حكومة الرئبس هادي تورطت في جرائم المضاربة بالعملة الوطنية لتوفير دولار لمسؤوليها كمرتبات وتخلت عن دورها في إيقاف طباعة العملة وأحياء الدورة المالية ويتهم الداعري الحكومة بأنها لم ترسم سياسيات إنقاذية قائلا “الحكومة لم تتدخل لإيقاف عبث وفساد البنك المركزي وتورطه بتمكين بنوك من مليارات الريالات في جرائم المضاربة بالعملة الوطنية واكسابها مليارات كفارق صرف على حساب قيمة العملة الوطنية. يعتقد الداعري أنه في حال كان هناك تدخل مبكر من قبل الحكومة لضبط السوق ومحاسبة المتورطين بالمضاربة لتم ايقاف عبث الحوثيين بسوق الصرف وسعيهم في انهيار العملة وإلغاء قيمتها بعد تمكينهم من إيجاد فارق صرف تزيد على ٣٠ بالمائة من قيمة العملة الجديدة أمام العملة القديمة. وأعتبر هذا الأمر خطير قد يؤدي لسحب بساط إدارة القطاع المصرفي المهدد بكارثة انهيار غير مسبوق. * انقسام السياسة النقدية.. بينما يربط مصطفى نصر انهيار العملة المحلية وتأثيرها على اسعار السلع والاقتصاد اليمني وهو يرى أن استيراد 90% من الخارج يتم بالعملة الصعبة. موضحا إن تراجع العملة المحلية ينعكس على أسعار السلع لإن عملية الاستيراد تتم بالنقد اليمني وهذا معروف كنتيجة مباشرة لعملية التدهور . وأشار الخبير الإقتصادي مصطفى نصر الى أن السياسات النقدية والمالية تعاني من اشكالية عميقة للغاية وهي في حالة من الانقسام في السياسة النقدية بين صنعاء وعدن. وأضاف أن البنك المركزي في صنعاء وعدن وكلا منهما يتخذ مجموعة من القرارات المتباينة والمضادة.. * غياب الرقابة ويعيش وطننا اليمن على واقع صراعات مركبة بين جميع الأطراف منها الصراع القائم بين الشرعية والحوثيين على العملة الجديدة المطبوعة، إضافة إلى أزمة رواتب موظفي القطاع العام المحددة ضمن بنود اتفاق استوكهولم في المرفق الاقتصادي للاتفاق والمشروطة بتوريد الإيرادات العامة إلى حساب حكومي في فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة الساحلية غرب اليمن. الصحفي صلاح عبد صالح الشجري أرجع تأثر الأسواق اليمنية بالصراع الذي تسبب في انخفاض الريال اليمني بنسبة كبيرة مع فارق سعري بين عدن وصنعاء. وأضاف الشجري في حديث لـ”يمن الغد” أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في عموم المناطق اليمنية أتى مع عدم التزم المصارف في اليمن بقواعد التعاملات المالية المعروفة وغياب الرقابة المصرف. * التحكم بالقطاع المصرفي يعتقد الخبير الإقتصادي مصطفى نصر أن توفير عملية النقد الاجنبي لتجار المشتقات النفطية وغيرها تحمل اشكالية كبيرة فيما يتعلق بإتخاذ القرار للسيطرة على القطاع المصرفي بشكل كامل. ويرى أن تعزيز الشفافية في هذا الجانب ووقف المضاربة وتوفير ماتحتاجة السوق من العملة الصعبة يرتبط بالسياسة المالية وذلك لايجاد سياسة مالية ونقدية تخدم الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة. فيما يحذر الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري من استمرار الانهيار مالم تتوقف الحرب وتشكل حكومة َويقدم التحالف والمجتمع الدولي والأمم المتحدة مساعدات مالية عاجلة للبنك المركزي لاعادة احتياطي البنك وتمكينه من التدخل في سوق الصرف وفرض تسعيرة محددة وإشراف على الأسعار وضبط المخالفين. * الايرادات بعيدا عن البنك الصحفي صلاح عبده صالح حدد العوامل المرتبطة بالفوضى في تحصيل الإيرادات الحكومية وتوريدها إلى حسابات خارج البنك المركزي اليمني في عدن. وأشار الى أن عدم ربط فروع البنك المركزي بالمركز الرئيس، إضافة إلى استمرار الانقسام الحاصل في المؤسسة النقدية بين صنعاء وعدن وتنازع السيطرة عليه واتباع كل طرف سياسات نقدية ضد الطرف الآخر، بما في ذلك قرار جماعة الحوثي منع تداول الطبعة الجديدة من العملة اليمنية في مناطق سيطرتها هو ماتسبب بهذا الإنهيار.