حوارات

ناطقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالشرق الأوسط والأدنى تكشف تفاصيل وأسباب إيقاف مشروع المستشفى في عدن

ما نريد التركيز عليه هو أهمية تحييد العمل الإنساني وإبقاؤه بعيدًا عن أي خلافات سياسية بين الأطراف حيث أن هذا يؤثر على إمكانية القيام بنشاطاتنا الإنسانية

أوقفنا عمل انشاء المركز في ساحل أبين، استجابة لطلبات الأهالي، وهذا المركز سيكون الأول لعلاج الوباء

الأسبوع الماضي تم إيقاف مشروع مستشفى الصليب الأحمر الميداني للحميات في عدن، بسبب معارضين شنوا حملة في مواقع التواصل الاجتماعي قالوا بأن موقع إنشاء المستشفى، متنفس طبيعي للأهالي.

حول هذه المشكلة، ومستقبل المشروع الذي كان سيخدم عدة محافظات جنوبية، وعن الأنشطة الإنسانية التي تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن. أجرينا هذا الحوار الصحفي الموسع مع الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والشرق الأدنى، سارة زوقري، اليمنية الجنسية.

حاورها لصحيفة “الشارع” ومنصة “يمن فيوتشر” نشوان العثماني:

* تعليقك أولًا عن الحملة الإعلامية التي شنت ضد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بخصوص المشفى الميداني الذي كنتم تعتزمون إقامته على ساحل أبين في عدن؟

– لا نود أن نسمي ما حصل بحملة ضد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ أنه يهمنا دومًا الاصغاء لما يقوله الناس ونضعه في خانة التواصل الدائم. نعم استغربنا من ردود الأفعال على المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعية خاصة أن موقع المركز العلاجي تم اقتراحه من قبل السلطات المعنية قد تم التنسيق مع جميع الجهات قبل البدء بالعمل لكننا بالتأكيد كما قلت رأي الناس يهمنا جدًا، لذلك عندما سمعنا ببعض المخاوف قمنا بإيقاف العمل في الموقع وتوجهنا لنقاش الموضوع مع جميع السلطات والتقينا أيضا بالأهالي.

* وأين أصبح هذا المشروع في ظل لقائكم الأخير مع المجلس الانتقالي الجنوبي والذي أشار لكم بالاستجابة لطلبات الأهالي بتغيير المكان؟

– هذا المشروع يتم إنشاؤه من أجل خدمة الناس في عدن والمحافظات الجنوبية فلا يمكننا العمل بدون دعم المجتمع المحلي. قمنا بالاستجابة لطلبات الأهالي، تم إيقاف العمل، وقمنا بإعادة الموقع كما كان والآن نحن بصدد إعادة البحث عن موقع جديد تجتمع فيه المواصفات المطلوبة. بالنسبة للتطورات جميع المعدات الطبية والأدوية وصلت إلى عدن كما أن جزءًا من الطاقم الطبي وصل، ونتمنى البدء بالعمل في أسرع وقت ممكن.

* أنتم في الأساس لماذا اخترتم ساحل أبين وأصررتم عليه؟

– قمنا بتقديم المتطلبات التي نحتاجها من أجل عمل المركز العلاجي المؤقت للسلطات ومن ضمنها احتياجنا لمساحة 40,000 متر مربع، وأنه من الأفضل أن يكون في منطقة غير مزدحمة حتى يسهل للمرضى وسيارات الإسعاف الوصول إليها بالإضافة إلى عدم وجود منازل سكنية مباشرة أمام الموقع وغيرها من الأمور التقنية. وكان هذا الموقع من ضمن المواقع التي تم اقتراحها من قبل السلطات وبعد التحقق من المواقع وجدنا أنه مناسب لأسباب عدة فقمنا باختياره وبدأنا بالعمل بموجب الاتفاقيات الموقعة.

* هل تفهمتم وجهة نظر الأهالي في رفضهم إقامة المشفى بقربهم؟

– بالطبع قمنا بالاستماع إلى مخاوفهم وأجبنا على جميع أسئلتهم ولكن في النهاية إن لم يكن هناك دعم وقبول الأهالي للمشروع لن نقوم به. بالأول والأخير هذا المركز غرضه خدمة الناس لكن وددنا أن نعرف هذه الآراء قبل بدء العمل بالموقع لتجنب أي سوء فهم أو تأخير في إقامة المركز.

* وماذا عن وجهة النظر المعارضة هذه، هل هي مقبولة علميًا على ضوء تجربتكم مع كوفيد-19؟ وهل وقع اختياركم بعد على مكان بديل (ضمن منشآت وزارة الصحة) في إطار عدن؟

– الاعتراض كان موجهًا بشكل رئيسي نحو الموقع كونه متنفسًا ترفيهيًا. بشكل عام من الناحية الصحية بحكم خبرتنا الكبيرة في مجال الصحة وفي الآونة الأخيرة عملنا في مكافحة انتشار الوباء في العالم، نقوم بأخذ جميع التدابير الاحترازية والاحتياطات اللازمة التي تضمن الحفاظ على سلامة المرضى، المجتمع المحيط، والطاقم الطبي.

* هل وجدتم الحملة الإعلامية عفوية نحو معارضة مكان المشفى أم ثمة أطراف دفعت بذلك ضدكم؟

– لا يمكننا الجزم. نحن نأخذ هذه التعليقات بحسن نية ولكن ما نريد التركيز عليه هو أهمية تحييد العمل الإنساني وإبقاؤه بعيدًا عن أي خلافات سياسية بين الأطراف حيث أن هذا يؤثر على إمكانية القيام بنشاطاتنا الإنسانية وبالتالي يؤثر على قدرة استفادة الناس الذين هم بحاجة لها.

* حدثينا عن هذا المشروع.. ولماذا الآن؟ أين كنتم منذ أبريل/نيسان 2020 حين أعلنت أولى الحالات في حضرموت وعدن؟

– نحن كنا وما زلنا ندعم منذ عدة أشهر المستشفيات، المراكز الصحية الأولية، مراكز الحجر الصحي والتي من ضمنها مراكز منظمة أطباء بلا حدود حيث قدمنا مع الهلال الأحمر اليمني الأدوية، أدوات التعقيم، والمواد اللازمة لعلاج الحالات المصابة بفيروس كورونا، كما قمنا بتحسين البنية التحتية للمرافق الطبية وقدمنا الغذاء للمرضى وكروت اتصالات ليبقوا على تواصل مع أهلهم بالإضافة إلى حملات التوعية عن المرض وأساليب الوقاية منه. وبحسب المعلومات من السلطات الصحية التي تؤكد وجود حالات مصابة بالفيروس في المناطق الجنوبية وفي ظل ازدياد عدد الإصابات الجديدة في مختلف البلدان وعلى إثر التحذيرات من موجة أخرى للفيروس، قررنا زيادة نشاطاتنا وإقامة المركز الميداني حتى يجد المرضى المصابون مكانًا لعلاجهم.

* بالمناسبة، كيف قبل المواطنون بوجود محجر صحي في مشفى الجمهورية الواقع وسط أحياء مكتظة بالسكان، فيما تمت معارضة إقامة مشفاكم على الساحل الذي يعد بعيدًا نسبيًا (بالقياس مع المشفى الحكومي في خور مكسر) عن الأحياء المأهولة؟

– لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال ولكننا بالتأكيد قمنا بالاستماع للناس ونؤكد أن هذا المركز سيوفر خدماته وفقًا للمعايير الدولية الاحترازية للوقاية وبصورة مجانية للمرضى من عدن والمحافظات الجنوبية.

* كيف تقيمين نشاطكم في عدن والجنوب بشكل عام على ضوء التطورات الأخيرة؟

– نحن نعمل بشكل مستمر لمساعدة الناس الأكثر احتياجًا في المنطقة، نعلم بأن الاحتياجات أكبر بكثير ولكننا نحاول بقدر المستطاع تغطيتها. في الفترة السابقة قمنا بمساعدة المتضررين من السيول بالإضافة إلى النازحين من مناطق مختلفة نتيجة للقتال كما قدمنا منحًا مالية للعائلات في بعض الأحياء الفقيرةـ أما في مجال الصحة نقوم بدعم المستشفيات ومراكز الصحة الأولية بالمواد الطبية والأدوية والمعدات الجراحية والمولدات الكهربائية بالإضافة إلى تدريب كوادر طبية في مجال مكافحة العدوى. نقوم أيضًا بدعم مؤسسة المياه والصرف الصحي بالأدوات والمعدات من أجل تحسين وصول الماء للمناطق المختلفة، كما قمنا بورش عمل حول إدارة مشاريع المياه التي قمنا بتطويرها في أكثر من 9 مقاطعات جنوبية.

* هل اتخذتم موقفًا مضادًا من جهتكم لنقل (هذا المشروع أولًا) ومشاريع أخرى قادمة لعدن نحو وجهة ثانية انسياقا ربما لتسهيلات لم تجدوها هنا؟

– نسعى دائمًا للتواصل مع جميع الجهات المعنية في المنطقة من أجل التعريف بالمشاريع التي نقوم بها أو ننوي عملها، فنحن لا نقوم بعمل مشروع في منطقة معينة إن لم نرَ أن هناك احتياجًا أو فجوة يمكننا تغطيتها. ولكن بالتأكيد لا يمكننا القيام بأي مشروع دون موافقة جميع الأطراف وأخذ الضمانات اللازمة من أجل حماية المستفيدين وطواقمنا.

* بالمناسبة آنسة سارة، كيف تقيمين نشاطكم بشأن كوفيد-19 في أماكن سيطرة الحوثيين وخاصة صنعاء، أتواجهون متاعب أيضًا؟

– بالنسبة لنا نقوم بالتواصل مع جميع الجهات من أجل تقديم خدماتنا والأنشطة التي نقوم بها في المناطق الشمالية والتي تشمل صنعاء وصعدة وإب والحديدة وغيرها، ما زالت مستمرة، حيث قمنا بتجهيز المرافق الطبية ومراكز الحجر باللوازم الطبية والأدوية ومواد الحماية الشخصية ومواد نظافة بالإضافة إلى تدريب العاملين على الأساليب الاحترازية قبل أن يتم إعلان أول حالة إصابة. وما زلنا نقوم بحملات توعية ودعم للمستشفيات وتحسين الظروف المعيشية للأشخاص في مرافق الحجر الصحي كما نصبنا نقاطًا لغسل اليدين وبعض الخيام لاستقبال وفحص المرضى قبل دخولهم للمستشفيات.

* أنت الناطقة الشرق أوسطية بالنسبة للصليب الأحمر، وملاحظ أنك زرتِ عدن مرتين في فترتين متقاربتين، أيعكس هذا اهتمامًا بجنوب اليمن أكثر من أي مكان آخر ربما؟

اليمن تعتبر من أهم المناطق التي تركز عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتشكل أحد الأولويات بين الملفات التي أعمل عليها. يسعدني أن أكون في موقع أستطيع أن أخدم بلدي ولو بشكل بسيط كما أنني أدرك أنها مسؤولية كبيرة وزياراتي المتعددة تعكس الاهتمام الكبير الذي نعيره لليمن وبالطبع على الصعيد الشخصي يسعدني التواجد بين أهلي وأحبابي خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها بلدنا.

* هل تواجدتِ في عدن لأجل حل هذه المشكلة المتعلقة بالمشفى أم تصادف الأمر؟ وفي حال تصادف، فما هي طبيعة زيارتك للعاصمة المؤقتة للبلاد؟

– وجودي في عدن تحديدًا في هذا التوقيت كان متزامنا مع موعد افتتاح المركز حيث أن هذا المركز يعتبر الأول من نوعه، فنحن كلجنة دولية للصليب الأحمر نقيم مستشفيات ميدانية لعلاج جرحى وهذا المركز سيكون أول مركز لنا لعلاج الوباء بالإضافة إلى أنني أقوم بدعم بعثتنا والزملاء في الميدان في مختلف النشاطات الإعلامية.

* هل أضحى مكتبكم في عدن يقوم بمهام أكبر تتوازى ووجوده في العاصمة المؤقتة أم ما زال خاضعًا بالكامل لإدارتكم الرئيسة في العاصمة صنعاء؟

– نحن نثق بشكل كبير بمكاتبنا المتواجدة في المناطق المختلفة ومن ضمنها مكتبنا في عدن. الدافع بالنسبة لنا من ناحية تقديم المساعدة ليس مرتبط بالمنطقة بل بالاحتياجات، فنحن نقوم بتوزيع الأنشطة بناء على احتياجات الناس من جهة وقدراتنا وتماهيها مع مهمتنا الإنسانية من جهة أخرى.

* كيف تقيمين دور إعلام الصليب الأحمر في اليمن، هل تعتمدون عليه جيدًا في القيام بمهامه أم ما زلتم تسعون لتطويره؟ وهل وجودك الآن هو للدفع بدور فاعل في هذا الصدد؟

– نحاول بشكل مستمر تحسين دورنا الإعلامي من خلال تواجدنا على مواقع التواصل الاجتماعي والتي نقوم من خلالها بالرد على أسئلة الناس ونشر معلومات مفيدة بالإضافة إلى التعريف بأنشطتنا كما قمنا بتفعيل خط ساخن مجاني لاستقبال جميع الاستفسارات بشكل مباشر من العامة، وتصلنا آلاف الاتصالات شهريًا وهذا يسقط ضمن إيماننا الكبير أن التواصل يجب أن يكون من الجانبين بيننا وبين الناس، فحينًا نتكلم وحينًا نصغي. سنحاول إعادة ورشات العمل التي نقوم بتقديمها للصحفيين في مجال القانون الدولي الإنساني بعد أزمة فيروس كورونا والتي بسببها اضطررنا إلى تأجيل هذا النوع من اللقاءات المهمة مع الصحفيين والإعلاميين.

* ما هي انشطتكم في الساحل الغربي وتعز؟ وما الذي قمتم به في المواجهات التي شهدتها محافظة أبين بين طرفي النزاع اليمني جنوبًا: هل قمتم بدوركم في انتشال جثث القتلى من المتحاربين؟

– في تعز ما زلنا مستمرين في مشروع إعادة تأهيل شبكة المياه والذي يوفر مياه نظيفة لأكثر من 600,000 شخص كما وفرنا مطهرات وآلات رش معقمة من أجل الوقاية من الأمراض الموسمية المعدية كما نواصل تقديم المساعدات النقدية والغذائية والنقدية للأسر الأشد تضررًا من النزاع كما نقدم مساعدات طبية شهرية لـ 5 مراكز للرعاية الصحة الأولية في موزع والوازعية وساحل البحر الأحمر ومقبنة ومدينة النشمة في المعافر ومستشفى المظفر، بالإضافة إلى دعم متنوع لـ 8 مرافق طبية بإعادة التأهيل واللوازم الطبية. نقدم أيضًا أدوات الوقاية الشخصية من كمامات وبدلات واقية وقفازات وأقنعة الوجه وأحذية خاصة للعاملين في الرعاية الصحية. نساعد أيضًا في رفع جاهزية المرافق الصحية لاستقبال مرضى كورونا وندرب العاملين فيها على الإجراءات الوقائية.

من جهتنا قمنا بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني وقمنا بتقديم المشورة والنصائح العملية وتوفير المواد اللازمة لمساعدة الجهات المعنية بالقيام بواجبها بالتعرف ونقل جثامين الأشخاص الذين فارقوا الحياة إثر النزاع الأخير في أبين وهذا العمل يعتبر من ضمن أنشطتنا الاعتيادية التي نقوم بها بشكل دوري في اليمن بالتعاون مع أطراف عدة.

* هل من جديد بشأن ملف تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين؟

– نحن ما زلنا جاهزين للقيام بعملنا كوسيط محايد في عملية إطلاق سراح المحتجزين من أجل العائلات التي تنتظر عودة أحبائها إلى ديارهم، فلدينا الخبرة الكافية وقمنا بالكثير من هذه العمليات حول العالم بالإضافة إلى قيامنا بعملية تسهيل ونقل محتجزين من مأرب إلى صنعاء ونقل مواطن سعودي إلى بلده بالإضافة إلى إطلاق سراح 290 محتجزًا في صنعاء وتوفير مساعدات مالية لهم من أجل الرجوع إلى مناطقهم وأهاليهم.

زر الذهاب إلى الأعلى