الرئيسيةتعزحواراتشبوةمحليات

ضمن مساعي أنقرة للهيمنة على المنطقة.. الاختراق التركي في اليمن واستراتيجية السيطرة على الممرات المائية

باحثة أمريكية:

الاختراق التركي لمحافظات تعز وشبوة والمهرة يهدف إلى تعزيز استراتيجية جيوسياسية عالمية مدروسة للوصول إلى الممرات المائية

تسعى تركيا لتحقيق حضور مادي في اليمن يكتسب شرعية بمرور الوقت عبر وكلاء محليين، ويُنظر إليه كواقع فعلي شبه رسمي يصعب إزاحته

المركز المهم لنشاط تركيا في اليمن سيصبح قاعدة لتدريب المزيد من المليشيات وتوسيع نفوذها إلى بلدان أخرى وتأمين طرق نشطة بين الصومال واليمن

تركيا تستثمر التمويل من خلال قطر وتقدم نفسها على أنها عامل استقرار كبير في المنطقة حتى في ظل تمويلها للمليشيات

الوجود التركي والإيراني إضافة إلى المهربين المحليين المرتبطين بالحوثيين يخلق أزمة عالمية ويحتجز التجارة الدولية في المنطقة دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة

أنقرة تأمل مستقبلاً في الهيمنة على المنطقة من خلال القوة البحرية والسيطرة على المجموعات المحلية من خلال استعراض القوات المباشرة وجميع المليشيات

قالت الباحثة والخبيرة الأمريكية، إيرينا تسوكرمان، إن “الاختراق التركي لمحافظات تعز وشبوة والمهرة، يهدف إلى تعزيز استراتيجية جيوسياسية عالمية مدروسة للوصول إلى الممرات المائية الاستراتيجية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والسيطرة عليها.

وتحدثت الخبيرة الأمريكية المختصة في الأمن القومي والجماعات الراديكالية، في تصريح صحفي، عن أغراض وأهداف أخرى لهذه الاختراقات، تتمثل وفق اعتقاداها بـ “التواصل الأيديولوجي وتلقين العقيدة المحلية، وتحدي الحكومة اليمنية والتحالف العربي والمقاومة اليمنية بجميع مكوناتها”.

وأضافت، أن تركيا تسعى إلى “إتقان اللعب على الأرض، من خلال إنشاء حضور مادي يكتسب شرعية بمرور الوقت، ويُنظر إليه على أنه واقع فعلي شبه رسمي، يصعب إزاحته لأنه يصبح أكثر قبولاً”.

وقالت: “إن تأكيد تركيا على وجودها المادي في هذه المناطق هو شكل من أشكال الانقلاب الناعم، وهو في الأساس اغتصاب للسلطات، وطريقة يُنظر إليها على أنها إزاحة دولة الإمارات والحكومة الشرعية كوجود مادي ومصدر رئيس للدعم والحكم والإدارة، وكذا السيطرة العسكرية”.

وأوضحت أن هذا المركز المهم لنشاط تركيا “سيصبح أيضاً قاعدة لتدريب المزيد من المسلحين والمليشيات، وتوسيع نفوذها إلى أجزاء أخرى من البلدان، وتأمين طرق نشطة بين الصومال واليمن، تعزيزاً لمصلحة تركيا في عولمة نفوذها والصراعات، وفي تأمين ممر للأسلحة والبضائع المهربة وشحنات النفط والغاز والمقاتلين والتبادلات الدبلوماسية والسياسية المتنوعة”.

ورأت تسوكرمان، أن “ذلك سيؤدي في النهاية إلى تأكيد نفوذ تركيا في البحر الأحمر، وهي منطقة حساسة للغاية لمصر، العدو اللدود لتركيا وحلفائها وخصومها في الشرق الأوسط وإفريقيا”.

وذكرت، أن تركيا تسعى لإحلال نفسها بصفة “شرطي العالم” في المنطقة، مستدركة: “في الواقع، سيكون دورها (تركيا) ليس أكثر من لصوص الطرق السريعة”.

وقالت: “هناك سبب يجعل تركيا تستثمر التمويل (من خلال قطر) الذي لا تملكه حقاً في بلد بعيد عن حدودها، وهي بالفعل غارقة في العديد من القضايا”.

وأوضحت، أن “أنقرة تأمل أن تقدم نفسها على أنها عامل استقرار كبير، حتى في ظل تمويلها المليشيات بهدف واضح يتمثل في خلق المزيد من القتال وإراقة الدماء، تماماً كما تفعل في ليبيا وسوريا”.

وتابعت: أن “الأهمية الجيوستراتيجية لليمن، لم تغب عن “أردوغان”، الذي يطمح إلى إثراء نفسه من خلال صفقات تجارية فاسدة، تمنحه وصولاً حصرياً إلى الموارد الطبيعية، ويضع نفسه كواقع لا مفر منه”.

وقالت: “في حال سيطرت تركيا على طرق التجارة الدولية في اليمن، فسيكون ذلك على الأقل تحدياً للبحرية الغربية والمخابرات القريبة، وحينها لن يتمكنوا من مواجهة تركيا على جبهات متعددة، في الوقت الذي يتعاملون أيضاً مع التحديات الصينية والإيرانية في المياه الدولية”.

واستطردت: أن “هذه استراتيجية مشتركة بين تركيا وقطر (التي تعتمد على البحرية التركية) والصين وإيران، في محاولة لتقسيم القوات البحرية الغربية، والتغلب على هذه الترتيبات الأمنية بأزمات وتحديات مستمرة، تتراوح من العدوان في بحر الصين الجنوبي، واستمرار الخطف الإيراني لناقلات النفط، والتهديدات الأمنية للدول المجاورة، والمناورات العدوانية التركية، والتنقيب غير القانوني في شرق البحر المتوسط”.

وأضافت: “إذا أضفت الوجود التركي إلى الحرس الثوري الإيراني والمهربين المحليين المرتبطين بالحوثيين في اليمن، فسيكونون قد خلقوا أزمة عالمية، وسيحتجزون التجارة الدولية في المنطقة كرهائن – دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة”.

وأشارت إلى أن تركيا تأمل في تحدي حلف الناتو وتقسيمه، مع خلق تبعيات محلية على الموارد التي تنقلها إلى السكان المحليين، واستغلال التوترات بين مختلف المكونات اليمنية.

وأوضحت، أن “أنقرة تأمل مستقبلاً في الهيمنة على المنطقة من خلال القوة البحرية، والسيطرة على المجموعات المحلية التي تدير القواعد بقدر ما، من خلال استعراض القوات المباشرة وجميع المليشيات”.

وقالت “تسوكرمان”، إن “هذه الجهود التركية الأخيرة للسيطرة الفعلية على الأراضي من خلال التحالفات مع المليشيات والمرتزقة، ليست سوى المرحلة الأولى في خطط أنقرة، والفوضى التي تزرعها حول العالم”.

وقارنت الباحثة الأمريكية ذلك باستراتيجية “التحكم بالفوضى” التي مارسها الاتحاد السوفييتي والقوى الغربية ضد بعضهما، عن طريق وكلاء في العديد من البلدان.

ووفقاً للخبيرة الأمريكية، فإن “الهدف العام لتركيا ليس الفوضى في حد ذاتها، ولكن في الواقع الهيمنة البحرية – وبالتالي – الهيمنة على الأراضي من خلال التغلب على الجميع بطريقة تجعل انتزاع الوجود التركي من كل هذه النقاط الساخنة الاستراتيجية أمراً صعباً للغاية”.

زر الذهاب إلى الأعلى