تكنولوجيا

أبل تبني محركها الخاص لمنافسة غوغل

تكثّف شركة أبل جهودها لتطوير محرك بحث خاص بها يكون بديلا عن محرك غوغل، الذي يعتمد عليه المستخدمون في عمليات البحث المباشر.

وفي تغيّر ملحوظ في أحدث إصدار من نظام تشغيل هواتف أيفون “أي.أو.أس 14″، بدأت أبل في عرض نتائج البحث الخاصة بمواقع الويب عندما يكتب المستخدمون استفسارات من شاشات هواتفهم الرئيسية.

وتمثل إمكانية البحث على الويب تقدما مهمّا في التطوير الداخلي لشركة أبل، ويمكن أن تشكل الأساس لهجوم أشمل على غوغل، وفقا للعديد من الخبراء في المجال.

ويشير خبراء التسويق أيضا إلى زيادة النشاط من “أبل بوت”، وهو نظام الويب الذي استخدمته الشركة في السابق، والذي يستخدم لبناء قاعدة بيانات واسعة من المواد عبر الإنترنت التي تشكل أساس أي محرك بحث.

92 في المئة من عمليات البحث على الإنترنت في العالم يحتكرها محرك غوغل

والأهم أن “أي.أو.أس 14” استعار بعض وظائف البحث من محرك غوغل، إذ تُظهر الاستعلامات التي يتم إجراؤها في نافذة البحث والتي يتم الوصول إليها عن طريق التمرير مباشرة من شاشة هواتف أيفون الرئيسية، والتي تسميها أبل “عرض اليوم”، قائمة من اقتراحات البحث التي أنشأتها أبل بدلا من نتائج غوغل، وتتضمن هذه النتائج اقتراحات نمط “الإكمال التلقائي” التي أنشأتها أبل، والتي توضح أنها تتعلم من طلبات البحث الأكثر شيوعا لمستخدميها البالغ عددهم مليار مستخدم.

وتشتهر شركة أبل بالسرّية بشأن مشاريعها الداخلية، ولكن هذه الخطوة تضيف إلى الأدلة المتزايدة على أنها تعمل على بناء منافس لمحرك بحث غوغل. وامتلكت أبل عبر التاريخ إمكانية التحكم في أهم مكونات منتجاتها، بدءا من الشرائح المخصصة التي تشغل كل منتجاتها، إلى التكامل الوثيق بين البرامج والأجهزة، ومع ذلك، ظلت شركة أبل تعمل مع غوغل كمحرك البحث الافتراضي لجهاز الأيفون لأكثر من عقد من الزمن.

وتوفر قدرات البحث المتزايدة لشركة أبل بديلا إذا قام المنظمون بحظر شراكتها المربحة مع غوغل. والأسبوع الماضي، أقامت وزارة العدل الأميركية دعوى قضائية ضد شركة غوغل، متهمة إياها باحتكار محركات البحث عبر الإنترنت المربحة للغاية.

وتتهم وزارة العدل، في دعوى من 57 صفحة، شركة غوغل على وجه الخصوص بإبرام اتفاقيات مع شركاء عمالقة كأبل وعرقلة المنافسة من خلال عقود واتفاقيات تجارية حصرية.

ووفقا لمحتوى هذه الدعوى، فإن ما يقرب من نصف عمليات البحث على غوغل مصدرها أجهزة تابعة لشركة أبل (أيفون، آيباد وماك بوك). ومنذ عام 2017، دفعت شركة غوغل لشركة أبل ما بين 8 و12 مليار دولار سنويا حتى تستفيد من مكانة محرك البحث الافتراضي على أجهزة أبل.

وبحسب تصنيف “أليكسا” لمحركات البحث، فإن غوغل هو الأول، تليه محركات “ياهو”، “بينغ”، “أسك” التي لا تتمتع بأي شعبية تذكر، فيما يحتكر محرك غوغل 92 في المئة من عمليات البحث على الإنترنت في العالم. وقد يتفاجأ البعض من نجاح علاقة الأعمال بين الشركتين، علما وأن أبل انتقدت مرارا ممارسات غوغل في مجال مراقبة عادات المستخدم.

وكان تيم كوك، المدير التنفيذي لشركة أبل، قد دافع عام 2018 عن اتفاقية التعاون بين الشركتين العملاقتين. وقال “أولا، أعتقد أن محرك البحث الخاص بهم هو الأفضل (..) ولكن ثانيا، أنظروا إلى ما فعلناه باستخدام أدوات التحكم التي قمنا بإدماجها. لدينا متصفح خاص، وحماية من التعقب الذكي (..). إنه ليس مثاليا، سأكون أول شخص يقول ذلك، لكنه يساعد كثيرا”.

وتنفي شركة غوغل ضلوعها في أي ممارسة احتكارية، بحجة أن محرك البحث الخاص بها متاح بشكل مجاني للمستهلكين. وتدّعي الشركة أن مستخدمي الإنترنت يفضلون استخدام محركها للبحث، على الرغم من وجود بدائل مجانية .

وقال المحامي العام للشركة كينت ووكر، في منشور بالمدونة “إن الناس يستخدمون غوغل لأنهم يريدون ذلك، وليس لأنهم مضطرون لذلك أو لأنهم لا يستطيعون إيجاد بدائل”.

تشتهر شركة أبل بالسرّية بشأن مشاريعها الداخلية، ولكن هذه الخطوة تضيف إلى الأدلة المتزايدة على أنها تعمل على بناء منافس لمحرك بحث غوغل

وأشار إلى أن الدعوى القضائية “لن تفعل شيئا لمساعدة المستهلكين. بل على العكس من ذلك، ستروّج بشكل مصطنع لبدائل بحث منخفضة الجودة، وترفع أسعار الهواتف، وتجعل من الصعب على المستخدمين الحصول على خدمات البحث التي يسعون إلى استخدامها”.

وقد يستغرق تطوير أبل منافسا حقيقيا لمحرك بحث غوغل سنوات، ولكن مع توقع أن تتجاوز أرباح أبل هذا العام 55 مليار دولار و81 مليار دولار من صافي الاحتياطيات النقدية في آخر إحصاء، ويمكن للشركة القيام باستثمارات طويلة الأجل.

وقبل عامين ونصف، وظفت شركة أبل رئيس قسم البحث في غوغل، جون جياناندريا، وكان التوظيف ظاهريا لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي ومساعده الافتراضي “سيري”، ولكنه جلب أيضا ثماني سنوات من الخبرة في تشغيل محرك البحث الأكثر شهرة في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى