تقارير

العسل اليمني الأجود في العالم.. كيف أثرت الحرب على هذه الثروة الوطنية؟

اتسع الطلب على العسل اليمني خلال السنوات السابقة فهو من أجود أنواع العسل في العالم وتبرز جودته من التنوع الطبيعي لليمن وهذا جعل سعره مرتفع مقارنة مع أنواع أخرى من العسل والذي تقوم بتصديره بعض الدول.ويرى الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن العسل اليمني ثروة وطنية نقدية يمكن أن يعزز الاقتصاد في حال تم تطوير كل الامكانيات الخاصة به.يمن الغد – عبد الرب الفتاحييحتفظ العسل اليمني بجودته عن غيره من أنواع العسل فالنحلة هي التي تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان في صنعها كما يحدث في الدول الأخرى. العسل اليمني له خواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء الملكات وغذاء النحل، هذا جعل من العسل اليمني ذو قيمة علاجية فائقة وذو قيمة غذائية عالية وأعطته مذاقا لذيذ ونكهة طيبة ولونا داكنا جميلاً.كما أن العسل اليمني تتعدد ألوانه إلى عوامل كثيرة منها تفرُد النحلة اليمنية بخصائص لا توجد في سواها حسب خبراء النحل وكذلك التنوع المناخي وتنوع الغطاء النباتي من مكان إلى أخر.الأكثر ثمناالصفة الدوائية التي اشتهر بها العسل اليمني هي السبب الرئيس وراء ارتفاع ثمنه مقارنة بغيره. في دراسة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية عام 1985م. واستناداً إلى معطيات منظمة الأغذية والزراعة الدولية “الفاو” فأن متوسط سعر تصدير الكيلوجرام من العسل الطبيعي على نطاق التجارة الدولية العام 1983م يعادل (1.03) دولارات في حين أن متوسط سعر كيلو جرام واحد من العسل اليمني وخاصة عسل السدر صدر بواقع (98.39) دولار.كما أوضح استبيان للمنظمة العربية للتنمية الزراعية إن سعر العسل اليمني يصل إلى مائة دولار للكيلو جرام، بل إن بعض الأنواع النادرة منه كعسل الصال والعسل الجبلي السوقطري يصل سعر الكيلو الواحد إلى (150) دولاراً.تزايد الطلبأنتجت اليمن من عسل النحل الصافي خلال العام 2013م نحو ألفين و614 طنا ووصلت عدد خلايا النحل الى مليون و308 آلاف خلية نحل خلال العام نفسه. كانت السوق الخليجي تستقبل كميات كبيرة من العسل اليمني الفاخر وبكميات قد تصل إلى ما يقارب 500 طن سنوياً. كميات أخرى وأصناف جيدة من العسل اليمني صدرت الى السوق الأوروبية تلبية للطلب المتزايد عليه.في عام 2012 كان متوقعا ارتفاع طلب العسل في السوق الخارجي مع انضمام اليمن الى منظمة التجارة العالمية وفتح السوق الخارجي أمام منتجاتها المختلفة.ووفقا لبيانات الإحصاء الزراعي في السنوات السابقة فإن انتاجية العسل في محافظة حضرموت تتصدر قائمة المحافظات انتاجا وتربية النحل وتشتهر بإنتاج أفضل وأجود أنواع العسل في العالم (عسل السدر، عسل الضباء، العسل الدوعني).وكشفت الاحصائية أن انتاجية حضرموت في عام 2013 بلغ ما يقارب 864 طن خلال فيما بلغت عدد خلايا النحل في المحافظة نحو 353 ألف و912 خلية نحل، تليها محافظة شبوة ب 364 طن وابين بإنتاجية 344 طن ثم الحديدة ب 317 طن.تطوير قطاع النحلخلال الفترات الماضية برزت أهمية العسل اليمني ومكانية تعزيزه للاقتصاد الوطني.لكن ذلك حسب إقتصاديين سيبقى مرهون بالخطوات التي تتخذ في حال تم إدراك أهمية الاهتمام بالعسل كمنتج يرتبط بواقع الاقتصاد.كما أن بعض الخبراء الاقتصاديين يربط ذلك بتوفر الخطط من قبل الحكومة في الاعتماد على العسل كمجال اقتصادي واستثماري واعد فواقع الاعتماد على العسل سيكون مرتبط بحجم التصدير والطلب عليه من قبل الدول الأخرى.فإدارة العسل اليمني اقتصاديا واستثماري تعتمد على العديد من السياسيات والخطط في هذا المجال حتى تتمكن الدولة من تصديره وفق معايير تمنع التلاعب بجودته ومنع أي انشطة قد تضر بسمعة العسل اليمني هذا في حال وفرت الدولة للقطاع الخاصة ومالكي النحل تصديره وإدارته.ضرورة الإهتمام بالنحلتطوير واقع العمل في النحل وزيادة انتاج العسل والاستفادة من كل الامكانيات لجعله قطاع انتاجي يحتاج للعديد من الدراسات والبحوث والخطط وهذا يحتاج لجهود وامكانيات كبيرة.سمير صبري أحد المختصين بتربية النحل وأحد تجار العسل يربط بين تربية النحل بشكل بعيد عن استنزاف النحل والحصول على العسل. ويرى سمير أثناء حديثه لمحرر “يمن الغد” أن الاهتمام بالنحل اليمني ومحاولة فهم الظروف والمخاطر التي تتعرض لها يشكل أهمية كبيرة في زيادة قدرتها في انتاج العسل فالامراض حسب مايرى تضعف امكانية النحل في زيادة توفير العسل.ولفت إلى أن الامراض التي تتعرض لها النحل تفتك بها وتقتلها بشكل واسع ومن وجه نظره فإن فهم كيفية حماية النحل تساعد في خلق كل الظروف ليكون انتاجها كبير.ويرى أن اختيار الاماكن المناسبة التي تفتح المجال أمام النحل لزيادة طاقته وحصوله على غذاه بدرجة كبيرة من الاشجار والطبيعة المحيطة به هو الأهم.توفر البيئة الطبيعيةيتميز النحل اليمني بقدرته على توفير كميات كبيرة من العسل في حال كان المرعى جيدا.يؤكد عبد العزيز ابراهيم وهو أحد المختصين بمجال النحل يؤكد تميز النحل اليمني على غيره من أنواع النحل وتكييفه السريع مع البيئات المختلفة أيضا..يقول عبد العزيز لـ”يمن الغد” أن أكثر ما يتعرض له النحل اليمني ويخلق مضاعفات تعيقه في انتاج الكثير من العسل وتمنع تكاثره هو تركيز الكثير من المربيين على استنزاف النحل دون الاهتمام بها بحيث يتم استنزاف النحل من أجل توفير العسل.ويرى عبد العزيز أن واقع استثمار النحل يحتاج لخطط طويلة حتى تكون عملية انتاجها من العسل كبيرة.وأضاف أن العسل يأتي من مجهود كبير تقوم به النحل على مدار فترات طويلة ومن دون التركيز على توفير البيئة التي تلائم النحل وتؤدي لتوفير المراعي فإن النحل سيكون ملزم فقط بتوفير احتياجات غذائه من العسل وهي قليلة.الدورات في كيفية التعامل مع النحلأما توفيق أحمد شوقي وهو متخصص في مجال النحل أرجع انخفاض أنتاج العسل من قبل المربيين لسوء التعامل مع النحل وعدم معرفة كيفية الاهتمام بها.ويرى توفيق أثناء تصريحه لـ”يمن الغد” إن الكثير من المربيين لا يعرفون أن العسل هو مجهود خالص للنحل ومرتبط بالرعاية المناسبة لها.وأشار إلى أن عدم تحسين ظروف النحل ينعكس سلبا على ماتقدمه من العسل بل يدفعها احيانا للتأكل أو الهروب.ووفق ماتحدث عنه توفيق فإن انتاج العسل يرتبط بالوعي والقدرة على توفير احتياجات النحل من المربيين.وأضاف أن النحل بحاجة لنقل متواصل كما أن التركيز الكبير في استخراج العسل له أضرار كبيرة على حياة النحل وقد يسبب موت كبير لها.ولفت توفيق على ممارسات بعض المربيين لإخذ كل العسل دون ترك أي كمية للنحل فإن ذلك يؤدي لموتها لإن النحل يوفر العسل من أجل أن يكون غذاء له لذلك يتوجب الاحتفاظ بكمية من العسل حتى تتغذى عليه.ورأى توفيق أن مربيين النحل بحاجة لدورات كافية في التعامل مع النحل ودراسة طبيعتها فالخسائر التي يتكبدها المربيين تؤدي لاضرار كبيرة لان هناك فقدان كبير للنحل.الحرب ضاعفت الخسائرخلال سنوات الحرب التي مازالت تعيشها اليمن فقد تضاعفت الخسائر على واقع بيع العسل وكذلك تدهور واقع النحل كثيرا.. ويرى مقبل علي فارع خلال حديثه لـ”يمن الغد” ـ وهو من مربين النحل ـ يرى سبب ذلك إلى صعوبة التنقل والذي لم يوفر للنحل امكانية كبيرة للحصول على المراعي في ظل استمرار الحرب.وأضاف أن بيع العسل انخفض لعدم وجود سوق له وصار السفر صعب لتسويقه في السعودية أو في الأمارات.وقال مقبل “الحرب أدت لخسائر كبيرة على مربيين النحل وانعكاس ذلك على توفر العسل حيث صار من الصعب إن يشعر مالك النحل بالأمن في تنقلاته وأستقراره فظروف البلد صعبة وانتشار الجماعات المسلحة هو مايهدد واقع النحل بشكل أكبر.ولفت مقبل إلى تضاعف الامكانية للحصول على العسل يتعرض للعديد من الأزمات في الكثير من المجالات في ظل واقع الحرب وإرتفاع الاسعار وتكلفة نقل النحل من مكان لإخر.تعدد أنواع العسلتتعدد أنواع العسل اليمني وأشهرها بالطبع عسل السدر ثم يأتي بعده عسل السُمر والذي يتوفر في اليمن بكميات كبيرة وهناك عسل سلام وعسل المراعي والعسل الجبلي.تتوفر أنواع أخرى من العسل لكنها غير مشهورة كثيراً نظرا لقلة إنتاجها مثل عسل الصال والعمق والكلح والعسق والفتد والحبضة والضهية. ويتميز العسل اليمني بخصائصه الفريدة فكل نوع من العسل يناسب عمر أو فئة معينة فمثلا هناك عسل مناسب للأطفال والرضع وعسل مناسب للحوامل.يوجد العسل العلاجي المناسب لحالات صحية دون غيرها مثل عسل السُمر المناسب لمرضى السكري ومرضى التهاب الكبد الفيروسي وعسل السدر المناسب للمرضى الذين يعانون من الضعف الجنسي والقولون العصبي وكذلك عسل الصال المناسب للأعراض النفسية كالاكتئاب والقلق والتوتر واضطرابات النوم وأيضاً هناك عسل سلام المناسب للأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم والكلام وحالات التبول اللاإرادي.الغش في العسلخلال السنوات السابقة توسعت عملية الغش للعسل اليمني حيث يتم خلطة مع عسل ردئ مستورد أو مزجه مع عسل السكر الذي يتم تصنيعه داخليا .يرى عبد اللطيف عثمان أثناء حديثه لـ”يمن الغد” أن الغش ضرب سمعة العسل اليمني في السوق الخليجية.ويؤكد عبد اللطيف أن عملية الغش والخلط التي يتعرض لها العسل اليمني هي أخطر مايواجه العسل ويجعله معرضا للكساد وعدم وجود الاسواق لبيعه.يقول عبد اللطيف أن الكثير بائعين العسل يمارس هذه الظاهرة لزيادة كمية العسل ويتم خلط عسل ردئ مع مع عسل الجيد.وكشف عبد اللطيف أن هذا الغش تم اكتشافه في العديد من الدول الخليجية في الامارات والسعودية والكويت مما جعل الكثير من تجار العسل في تلك الدول يفقدون الثقة بالعسل اليمني وأختاروا شراء العسل من دول أخرى.وأكد عبد اللطيف على ضرورة وجودة مختبرات وأجهزة مركزية للكشف عن العسل قبل تصديره حتى لا تتوسع عملية انتشار العسل المغشوش في الدول التي تستورد العسل اليمني مما يؤثر على انتاجه.

زر الذهاب إلى الأعلى