لإشارة المرور وقع خاص على النفس، وتعدها بعض الدراسات بأنها تهذيب يومي للسلوك العام وتعويد الناس على النظام.
كما أن الاهتمام بإشارات المرور ورصف الطرقات وتعليم النظام داخل المؤسسات، كل هذه التفاصيل الصغيرة تضع اعتبارا مهما لدى المواطن، وتشعره بطريقة مباشرة وغير مباشرة بأهمية النظام واحترام الدولة، وأن الفرد يدور ضمن فلك كبير.
في تعز، تمكن أخيراً مجموعة من الشباب من إعادة أول إشارة مرورية إلى الخدمة، وذلك في أحد أهم التقاطعات وأكثرها ازدحاما، وسط المدينة الأكثر دماراً وتهالكاً في بنيتها التحتية ومرافقها الخدمية.
وتتوقف إشارات المرور عن العمل في مختلف المحافظات ما يستدعي تدخلاً رسمياً عاجلاً لإنقاذها وصيانتها ومعالجة كافة الاختلالات التي خلفتها الأوضاع الراهنة، خصوصاً في المناطق المحررة من مليشيا الحوثيين.
وشهدت البنية التحتية في تعز – على وجه خاص – دماراً واسعاً، رافقه خروج الكثير من المنشآت عن الخدمة وسط إهمال حكومي وغياب للسلطات المحلية في المحافظة.
لقد تعرضت جميع إشارات المرور في المدينة للتدمير والنهب، ما أحدث فوضى في حركة المرور ورفع نسبة المخالفات والمخالفين، كما تسبب في ازدحام شديد واختناقات مرورية فاقمت معانات المواطنين وأعاقت عملية تنقلاتهم والوصول إلى أعمالهم ووجهاتهم.
ومنذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خضعت الإشارة الضوئية في تقاطع “جولة المسبح” مع شارع “جمال”- أحد أهم الشوارع الرئيسية- للصيانة والتأهيل وتركيب منظومة تحكم محلية، تم تصنيعها من قبل أحد المهندسين الذين تم الاستعانة به من قبل المبادرين لإتمام هذا العمل.
واستحسن البعض قيام هؤلاء الشباب بهذه الخطوة وبجهود ذاتية لامست أحد الهموم اليومية للمواطنين، وسعت إلى منفعتهم في الوقت الذي تغض السلطة الشرعية الطرف عن الكثير من الإشكاليات، ولم تتجاوب مع مطالب الشارع ونداءاته المستمرة.
وقال مشرف فريق العمل، أيمن الصراري “بجهود شخصية تم تشغيل أول إشارة ضوئية مرورية في عموم البلاد، وتعز التي شهدت منذ بداية الحرب تزايداً في أعداد النازحين إليها واكتظاظا في وسائل النقل والمواصلات، وذلك تزامناً مع توقف إشارات المرور وغياب اللوحات الإرشادية ودمار الجولات الخاصة بعناصر شرطة المرور”.
ويضيف “فكّرنا بحل المشكلة، وتحقيق الأمن والسلامة المرورية، وذلك من خلال تأهيل الجولات وتفعيل الإشارات الإلكترونية، وتوفير لوحات إرشادية، وتركيب كاميرات لمراقبة حركة السير وتنظيمها، وجعلها مرنة وسهلة في جولة المسبح إلى جانب ضبط المخالفين”.
واستعان فريق المبادرة المكون من 6 أعضاء بينهم فتيات بمهندسين قاموا بتصنيع منظومة تشغيل وتحكم آلية لتحل بديلاً لقطع الغيار المستوردة وغير المتوفرة في البلاد.
ومكنهم ذلك من النجاح في أولى مهامهم، ودفعهم إلى التفكير في تشغيل بقية الإشارات، لكن تواضع الإمكانيات وغياب الدعم حال دون مواصلة مساعيهم الرامية لترميم مزيد من الجولات وتركيب كاميرات مراقبة فيها.