كتب / باسم علي
كثرت الأسماء التي تظهر في تعز كمسئولة عن جرائم اغتيالات وتصفيات، وكذلك أسماء ضحايا تلك العمليات، في مشهد يكشف وفرة في زعماء العصابات وأمراء الحرب الصغار الذين تحولت المساحة المحررة في مدينة تعز، بسبب صراعاتهم، إلى ما يشبه حلبة مصارعة مفتوحة.
في المقابل يتردد كثيراً سؤال حول من جاء بهؤلاء وكيف فتح المجال لهم ليمارسوا كل هذه الجرائم حتى لم تعد إمارة الإخوان في تعز قادرة على التخلص منهم وملاحقتهم.
مع بدء الحرب فتح يوسف الشراجي، القيادي الموالي للإخوان، أبواب السجن المركزي لتهريب أكثر من ألفي سجين بينهم نحو ألف متهمين بالقتل وبأنهم أعضاء عصابات ومرتكبو الجرائم، وكان الشيخ حمود المخلافي أول من استقطب هؤلاء وفتح لهم ديوانه واستخدمهم للقتال معه، وتوزع غالبيتهم في الجبهات.
حين اشتدت العمليات العسكرية تحول هؤلاء إلى ما يشبه البضاعة المعروضة على رصيف تعز، وحينها تهافت قادة المجاميع وزعماء العصابات لبناء تشكيلات مسلحة باسم المقاومة وتوجهوا إلى الجبهات كأداة قتال وفيد، حتى توقفت العمليات ليرتد هؤلاء إلى داخل المدينة للنهب والسلب وتنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات حسب الطلب.
كانت كتائب أبي العباس هي الشماعة التي يعلق عليها الإخوان المسلمون كل الجرائم التي تحدث في تعز حتى تلك التي يعلم الجميع أن من نفذها زعيم العصابة الفلاني في وضح النهار.
وحين أراد الإخوان التخلص من كتائب أبي العباس جيشوا كل هذه العصابات وسلحوها بما يلزم وأعلنوا أن ما تملكه الكتائب فيد لهذه العصابات وكانت حربا شرسة أراد من خلالها الإخوان إظهار كم وافر من البطش والعنف لإرهاب خصومهم في المحافظة.
حين استفرد الإخوان بالمدينة عينوا عناصرهم قيادات كل مؤسسات الأمن واقسام الشرطة، كان الجميع في تعز ينتظر ان تتجاوز المدينة تداعيات الصراع السابق مع الكتائب وبحكم تفردها بحكم تعز عسكريا وامنيا سيتحسن الوضع الأمني، غير ان ما حدث كان اكثر قتامة وفوضى، وبدا أن كتائب ابي العباس لم تكن هي سبب الاختلالات بل عصابات المقر.
تفرد سالم بحكم تعز وبدأ يحيك المؤامرات على الحجرية واللواء 35 وقائده الشهيد القائد عدنان الحمادي، بينما كانت عصابات الموت والخراب تعبث بمدينة تعز وتحول حياة سكانها إلى دمار وفوضى عارمة.
في تعز حدثت تصفيات داخل سجون ادارة الامن وداخل سجن الشرطة العسكرية وداخل سجن المحور وداخل المستشفيات وفي النقاط وداخل البيوت وفي الشوارع واسواق القات ولم يبق مكان واحد في تعز يعيش بمأمن بعيدا عن أعين زعماء العصابات وامراء الموت والحرب الجائلين في ازقة المدينة.
ويدور سؤال آخر: هل إمارة الإخوان بجيشها وامنها غير قادرة على التخلص من هذه العصابات؟
يجب أولا معرفة خارطة تواجد هذه العصابات والمجرمين وامراء الحرب وارتباطاتهم لكي يتم الإجابة على السؤال السابق.
أول مكان تتواجد فيه هذه العصابات هو اللواء 170 دفاع جوي الذي يديره عمليا الشيخ حمود المخلافي ونجله الأكبر أركان حرب اللواء من خارج تعز ويملك اللواء سلاحا ثقيلا كالدبابات، ما يجعله احد أكبر ألوية تعز من حيث التسليح بعد اللواء 22 ميكا.
الموقع الثاني لتواجد العصابات هو اللواء 22 ميكا الذي يقوده صادق سرحان ونجله بكر صادق ولم يتبق لصادق سرحان عمليا شيء من إدارة اللواء سوى مجاميع مسلحة مرتبطة ببكر صادق سرحان، غير أن تواجد العصابات في اللواء غير مقتصرة على سرحان ونجله فكل قيادات القطاعات تملك مجاميع مسلحة منفلتة غير القوات التي تقاتل في الجبهات.
المكان الثالث الذي يتواجد فيه زعماء العصابات والمطلوبون هو لواء الصعاليك الذي يقوده نجل سالم، عزام الفرحان، ولواء الصعاليك رغم دمجه في مسميات الجيش الا انه يبقى احد اوكار هذه العصابات وبحماية سالم رجل الإخوان الأول في المحافظة.
رابع اوكار العصابات هو اللواء 145 الذي يقوده خالد فاضل، حيث جمع نجل فاضل شكيب خالد فاضل كثيرا من زعماء العصابات والمجاميع في محاولة لتحقيق توازن في القوة مع بقية الوحدات والقيادات التي تتكئ على هكذا عصابات.
وأخيرا اللواء الخامس حرس رئاسي الذي يضم كتلة غير متجانسة من المتطرفين والعصابات والمجاميع الإجرامية في الوقت الذي يحافظ اللواء على قوة مهمة منضبطة وتقاتل للدفاع عن خط الضباب باستماتة.
وخارج كل هذه الأماكن تشكلت مجاميع من وحدات الأمن والجيش والمسلحين غير المرقمين ليشكلوا كتلا متعددة تمارس كل انواع الجرائم والانتهاكات دون ان تطالها يد الدولة التي يدعي إخوان تعز انهم يشيدونها في المحافظة.
هذه العصابات والمجاميع ترتبط بقيادات عسكرية وامنية وهذا لا يمنع ان تنفذ العصابات جرائم دون الرجوع إلى هذه القيادات مما يفتح أبواب الصراع والحرب بين هذه العصابات على مصارعها في مدينة تعز.