دولي

هل ستُحسم الانتخابات الأميركية في قاعة محكمة؟

رغم عدم اكتمال فرز الأصوات في عدد من الولايات التي قد تحسم الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركية لهذا العام، سعى المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى استفزاز الجميع عبر إعلانه فوزه دون سند قانوني، مما يؤكد مخاوف الديمقراطيين من أنه قد يسعى للطعن على النتائج ويمكن أن يؤدي ذلك إلى دراما قانونية وسياسية يمكن أن تتحدد فيها الرئاسة عبر مزيج من المحاكم وساسة الولايات والكونغرس. فهل ستحسم انتخابات هذا العام في قاعة محكمة؟

لم تشهد الولايات المتحدة في تاريخها الحديث حماسة أكثر مما شهدتها الانتخابات الرئاسية والعامة لهذا العام، وفق المراقبين، حيث بات الأميركيون على طرفي نقيض، وربما لا يعرفون من هو رئيسهم لأيام قادمة بعد أن تحسم نتائج أصوات ما يسمى بـ”حزام الصدأ” وتشمل ثلاث ولايات وهي، ميتشغان وويسكنسن وبنسلفانيا.

ومع كل ذلك التشويق في معرفة من هو الرئيس القادم بعد الانتهاء من فرز الأصوات في تلك الولايات، ظهر المرشحان الجمهوري دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن بعد يوم من الاقتراع وكل منهما يهاجم الآخر حول النتائج، التي تحتاج إلى بعض الوقت حتى تظهر بشكل رسمي.

ويؤكد مراقبون أن جائحة كورونا والاقتصاد المتضائل واضطراب يوم الاقتراع لم تكن القضايا الوحيدة المطروحة في الانتخابات الرئاسية هذا العام، حيث حان الوقت لإضافة واحدة أخرى إلى القائمة، وهي معارك قضائية لا هوادة فيها بين ترامب وبايدن في حالة اقتراب نتائج الانتخابات.

وتقول المحللة راشال بوتشينو في تقرير نشرته مجلة “ناشيونال انترست” الأميركية إن هناك ما يقرب من ثلاثمئة دعوى قضائية قيد العمل بالفعل بشأن الانتخابات في عدة ولايات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الولايات التي تقع في ساحة المعركة والتي من المحتمل أن تحدد النتائج النهائية للانتخابات مثل بنسلفانيا ونورث كارولينا ومينيسوتا.

ويلقي كلا جانبي الممر باللوم على الطرف الآخر للتدخل في نتائج انتخابات 2020، حيث تنبع معظم التحديات القانونية من زيادة في التصويت بالبريد والتصويت الغيابي بسبب الوباء، فقد أعدت كل من حملتي ترامب وبايدن فرقا قانونية من الآلاف من المحامين لاتخاذ القرارات في قاعة المحكمة، حيث اكتسب الجدل حول فرز الأصوات ضرورة ملحة جديدة في الانتخابات الرئاسية هذا العام.

ويرى ترامب أنه ليس من العدل أن “نضطر إلى الانتظار لفترة طويلة بعد الانتخابات. كان ينبغي أن يكون قد حصل على بطاقات الاقتراع الخاصة بهم في وقت طويل قبل ذلك. ربما حصلوا على أصواتهم قبل شهر”، في إشارة إلى قرار المحكمة العليا بعدم عرقلة قرارات المحكمة العليا في بعض الولايات التي سمحت بتمديدات معينة، في إشارة إلى بنسلفانيا ونورث كارولينا وأكد أنه “قرار سخيف”.

ويدافع الديمقراطيون عن تمديد قواعد التصويت المبكر الحالية للتعامل مع انتكاسات كورونا، بينما يجادل الجمهوريون بأن الحزب يحاول تخفيف القواعد لضمان الفوز ويدعي ترامب أن التصويت عبر البريد ليس موثوقا به مثل التصويت الشخصي حيث يمكن أن تكون هناك فرص متزايدة لتزوير الناخبين.

ومع ذلك، وفقا للعديد من الخبراء، لا تزال معتقدات الرئيس غير مثبتة إلى حد كبير، حيث لم تكن هناك سوى حوادث طفيفة لأشخاص يتدخلون في بطاقات الاقتراع عبر البريد.

ويعتقد ديفيد ألكسندر باتمان الأستاذ المساعد في جامعة كورنيل أن السبب المنطقي المعلن لترامب في معارضة التصويت عبر البريد قد يكون تزوير الناخبين، ولكن نظرا لعدم وجود سبب للاعتقاد بأن هذا يحدث خارج المستويات الضئيلة حتى في مجال التصويت بالبريد والتصويت الغيابي فليس هناك سبب وجيه لذلك صدقه.

ويؤكد باتمان أن السبب الحقيقي وراء رغبته في إبطال هذه البطاقات هو نفسه الذي يفسر سبب نشاط الحزب الجمهوري في قمع الناخبين لأكثر من عقد الآن فهناك ميزة حزبية لذلك.

وردد جون ألدريتش، أستاذ العلوم السياسية في فايزر برات بجامعة دوك، مخاوف باتمان، حيث أشار إلى أنه في حين أنه من الصحيح أن هناك فرصة للتزوير في التصويت عبر البريد، وفي حين أنه من الصحيح أن زيادة كل من تنوع إجراءات البريد الوارد وتكرار استخدامها، يجعل هذه الفرص أعلى مما لو كانت مقيدة في الاستخدام كما كانت قبل الوباء، ولكن لا يوجد أساس لذلك.

ولم تتعرض جميع الولايات التي كان لها استخدام مكثف للتصويت عبر البريد لأي احتيال كبير، بحسب ألدريتش، الذي قال إن “الأدلة المتزايدة” تشير إلى أن التصويت عبر البريد يستخدمه الديمقراطيون أكثر من الجمهوريين، لذلك إذا استطاع ترامب، بطريقة ما، تقويض هذه الأنواع من التصويت، فإنه سيفوز بنسبة أعلى من الأصوات التي تم فرزها.

ويبدو أن ترامب، الطامح للفوز بولاية ثانية، يود أن يكون لديه تصور أنه خسر الانتخابات، إذا فعل ذلك، فسيُعزى إلى الغش والغش بدلا من أن يكون اختيار الناخبين.

وأسست حملة ترامب “محامون من أجل ترامب”، وهو تحالف يهدف إلى حماية نتائج الانتخابات، حيث قامت المجموعة بتنبيه الأميركيين إلى أن “الديمقراطيين يحاولون استخدام تفشي كورونا والمحاكم لإضفاء الشرعية على حصاد الاقتراع، وتنفيذ نظام الاقتراع عبر البريد على الصعيد الوطني وإلغاء تقريبا كل ضمانات في انتخاباتنا”.

ويريد المرشح الجمهوري إبطال بطاقات الاقتراع التي تصل بعد يوم الانتخابات لسبب وحيد وهو أن هذه الأصوات من المرجح أن تكون ديمقراطية أكثر من الأصوات ذات الميول الجمهورية. ولذلك سيكون من الجيد إدانة كلا الحزبين على هذه الجبهة، لكن المنطق البسيط لذلك هو أن الناخبين الديمقراطيين من المرجح أن يدلوا بأصواتهم عبر البريد هذا العام ولذا يريد الجمهوريون عدم احتسابهم.

في مقابل ذلك، كانت حملة بايدن تنظم بهدوء “برنامج حماية الانتخابات” الواسع الذي يشمل المدعي العام السابق إريك هولدر، بالإضافة إلى محامين آخرين تم تجميعهم للمعركة في حالة الانتخابات المتنازع عليها، وفقا لموقع بولتيكو، فقد تركزت جهود جمع التبرعات نحو الاستعدادات القانونية للمعركة ضد ترامب بعد يوم الاقتراع.

وفي الأحاديث الأخيرة مع أشخاص مقربين من حملة بايدن، يعمل الفريق القانوني على تطوير رد لمواجهة الدعاوى القضائية الوشيكة من الرئيس في حالة وجود نتائج انتخابات متقاربة أو متنازع عليها في ولايات ما تسمى “ساحات قتال الشمال”، حيث تتم إعادة تخصيص الأموال التي ستدعم دفعة المحامين العاملين في حملة بايدن وترشحها.

زر الذهاب إلى الأعلى