أكد خبراء ودبلوماسيون وأكاديميون وإعلاميون على أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصبح يمثل بسياساته الإرهابية خطرا كبيرا على الأمن والسلم الإقليمي والدولي على نحو يتطلب تدخلا أمميا عاجلا لتفعيل مواثيق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي ذات الصلة لردعه ونظام حكمه الذي يعد الداعم الأول للإرهاب في العالم وتدخله السافر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وانتهاك سيادتها وسرقة ونهب خيراتها ومواردها واحتلال أراضيها بالقوة.
جاء ذلك في الندوة التي نظمتها وكالة أنباء الشرق الأوسط تحت عنوان «المخاطر التركية على الأمن والسلم الإقليمي والدولي» والتي أدارها الكاتب الصحفي على حسن رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وشارك فيها كل من :السفير عبدالرحمن صلاح الدين سفير مصر السابق في تركيا، واللواء ناجي شهود المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، والدكتور كرم سعيد الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وطالبوا بالإسراع بتقديم أردوغان للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته جراء ما يرتكبه من جرائم اعتداء على البشرية ورعايته للإرهاب واحترفه لـ «البلطجة الدولية» وقتل الأبرياء وترويع الآمنيين ونشر الإرهاب والتطرف في عدد من الدول العربية ودول العالم وممارساته الإجرامية والإرهابية ودعمه لجماعات الإرهاب والتطرف وممارساته الديكتاتورية ضد شعبه ومعارضيه والتي تتطلب جميعها موقفا دوليا حازما وسريعا.
وأكد السفير عبدالرحمن صلاح الدين سفير مصر السابق لدى تركيا أهمية هذه الندوة التي تتناول موضوعا هاما لمصر ولأمنها القومي وللمنطقة كلها بل وللعالم أجمع، مشيرا إلى أن أمن الشرق الأوسط مرّ بتقلبات عديدة خلال السنوات العشر الماضية لعبت تركيا فيها دورا مهما يستحق من جانبنا الدراسة والخروج بدروس مستفادة.
وأشار إلى الأسباب التي جاءت برجب طيب أردوغان إلى الحكم وجعلته يستمر ويكسب تأييد دول غربية حيث ظهر الدور التركي وحزب أردوغان «العدالة والتنمية» كبديل ينظر اليه العالم الغربي على أنه الحل، نظرا لأن تركيا دولة علمانية تأتي حكومتها بالانتخاب وبها حزب المحافظين صلب المجموعة المشكلة له من مؤيدي الإسلام السياسي، ولذلك رأت أطراف دولية أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تسعى جاهدة للدخول في الإتحاد الأوروبي تمثل نموذجا بالنسبة للدول الإسلامية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الامريكية وتحت إدارتين مختلفتين للرئيسين جورج بوش وباراك أوباما أطلقت على علاقاتها مع تركيا العلاقة النموذج بالنسبة للدول الإسلامية.
وأضاف أن اردوغان حاول أيضا كسب شعوب المنطقة عبر مداعبة مشاعرهم بالهجوم على إسرائيل، معتبرا أن أحد الأسباب التي مكنته من الاستمرار في الحكم هو النجاح الاقتصادي الذي عاد اليوم ليتدهور، فضلا عن إعلانه منذ البداية أنه خلع عباءة الإسلام السياسي وطلب من مجموعة من الخبراء المحايدين إعداد برنامج للحزب يركز على الاقتصاد والعمل والصحة، واستطاع بذلك أن يحكم ثلاث فترات متتالية.
ولفت إلى أن أردوغان أغرى الدول الغربية لكي تؤيده وتساعده في أن يتخلص من القوى المعارضة له بدءا بالقوات المسلحة التركية وانتهاء بالقضاء، أي أنه قضى على الجهتين اللتين كانتا تمثلان له التحدي الأكبر في ضبط حركته.
وأشار إلى أن أردوغان كان دائما يقول أنه ليس لديه مشاكل مع أي دولة حتى مع أرمينيا وقبرص، بل وحاول لعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل، منوها في هذا الصدد إلى شعار أحمد داوود أغلو وزير خارجية أردوغان السابق «صفر مشاكل» في كتابه «العمق الاستراتيحي» عام ٢٠٠٠ والذي تحدث فيه أيضا بوضوح على اهتمام الأتراك بالتحالف مع مصر.
وأكد السفير صلاح الدين أنه اعتبارا من ثورات الربيع العربي ارتبكت حسابات اردوغان الاستراتيجية مما جعله يتخلى عن المبادىء التي جاء بها، حيث تخلى عن العلمانية والانضمام للإتحاد الأوروبي ونظرية «صفر مشاكل» مع الدول، كما تخلى عن اللجوء للقوة الناعمة.
ورأى أن أردوغان اعتقد أن الربيع العربي سيوفر له قيادة المنطقة عن طريق وصول جماعات الإسلام السياسي لسدة الحكم في كل دول المنطقة، وكان أمامه النموذج الواضح في مصر وتونس، وكادت ليبيا أن تحكم بالإسلام السياسي، فضلا عن سعيه لذلك في سوريا عبر جماعات الإسلام السياسي التي تقاتل الرئيس بشار الأسد، مشيرا إلى أنه تصور أن وصول هذه الجماعات للحكم وخاصة في مصر سيمكنه من قيادة المنطقة، إلا أنه تخلى عن كل شيء وسقط كل ما كان يثير الإعجاب به من الشعب التركي أولا وشعوب المنطقة ثانيا والمجتمع الدولي ثالثا.
وتابع السفير عبدالرحمن صلاح الدين قائلا :«وبالتالي بدأ يتدخل بالقوة العسكرية في الدول بدلا من القوة الناعمة التي كان يلجأ اليها مثل اتفاقيات التجارة والسياحة والمسلسلات التركية، حيث احتل مناطق في سوريا والعراق وأصبح يقول إنها حدود بلاده في إشارة إلى السلطنة العثمانية».
وأضاف أن هذا التدخل العسكري بدأ يتجاوز حدوده المباشرة والمجاورة بل انتقل إلى ليبيا حيث أن استراتيجية الأتراك منذ السلطنة العثمانية ألا يروا الجزر الموجودة في البحر المتوسط وبنفس المنطق رأى أن حدوده مع ليبيا في المياه لا تقف أمامها أي دولة جزيرة مثل قبرص أو جزيرة كبيرة مثل كريت أو مئات الجزر الأخرى.
وأكد أن أردوغان بعد فشل خططه كشف عن الوجه القبيح وأنه لا يمّول فقط جماعات تهدد أمن الدول بل ينقل مقاتلين أجانب ويدربهم ويسلحهم، بالإشتراك مع دول أخرى، من سوريا إلى مسارح عمليات أخرى مثل ليبيا وإقليم «ناجورنو كاراباخ» لينتقلوا من هذه المناطق وينشروا الفوضى والإرهاب في مناطق أخرى، حيث بدأنا نرى انتقالهم إلى جنوب ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء ووسط وغرب أفريقيا .
وقال إن نظرية «صفر مشاكل» مع الدول التي كان يتحدث عنها أردوغان تحولت إلى «صفر أصدقاء»، وأصبحت كل الدول المحيطة بتركيا في حالة ما يقرب من الحرب وخاصة بعد اكتشافات الغاز وحقل ظُهر الذي يعد ضربة قاصمة أخرى لأردوغان حيث يرى أنه منجم ذهب فُتح أمام مصر.
ولفت إلى أن الخلاف السياسي مع تركيا لا يؤثر على علاقتنا بالشعب التركي بكل طوائفه حيث نأمل أن يعيد الشعب التركي أردوغان وحزبه إلى الرشد والعقلانية، مشيرا إلى أن المعارضة التركية تشدد على أهمية الحوار مع مصر وتحذر دائما أردوغان من أن مصر أهم من الإخوان المسلمين والإسلام السياسي.
وأوضح أن الإخوان المسلمين وأنصارهم لا يمثلون سوى ٢٠٪ من شعب تركيا حتى من يصوت لأردوغان معظمهم كان يصوت لإنجازه الاقتصادي الذي تدهور وتحطم اليوم ولم يعد هناك ثقة دولية في أردوغان وتهاوت الليرة التركية، ومن هنا فإن ما يؤثر في سياسات الحكومة التركية اليوم هي الأوضاع الداخلية .
وأكد ضرورة أن تركز مصر في خطابها للرأي العام الدولي على المخاطر التي تمثلها تركيا على الأمن الاقليمي لأن ما يحدث في شرق المتوسط يمكن أن يُشعل حربا ليس فقط بين تركيا وخصومها بل داخل حلف شمال الاطلسي نفسه، مشيرا في هذا الصدد إلى الخلاف بين تركيا وكل من اليونان وقبرص، مشددا على ضرورة ألا يتهاون العالم على مسألة نقل الإرهابيين واستخدامهم لتحقيق أغراض سياسية .
وشدد على ضرورة أن تفهم تركيا أنها لا يمكن أن تستمر في نفس السياسية وتنعم في الوقت ذاته بعلاقات طيبة مع الاقليم المحيط بها، مؤكدا أن هذه الرسالة وصلت لتركيا بشكل واضح.
ومن جانبه، قال اللواء أركان حرب ناجي شهود المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن القوات المسلحة لديها عقيدة راسخة، وليست ضد أحد وليس لها عداوة مع أحد، مشيرا إلى أن المصريين كسروا حلم رجب طيب أردوغان والقوى المعادية في 30 يونيو 2013.
وأضاف «شهود» أن الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما قال «إن سرت والجفرة خط أحمر» ينم عن دراسة جيدة للشخصية التركية وقدرتها على اتخاذ القرار والقرار المضاد.
وأشار إلى أن أردوغان شارك في تأسيس حزب العدالة منذ 2001، واتهم لفترة بالتحريض لقوله «مساجدنا ثكناتنا، قبابنا خوزتنا، مآذننا حراسنا،والمصلون جنودنا، هذا الجيش المقدس يحمي ديننا»، لافتا إلى أن نظرة أردوغان «غبية» لمفاهيم الدين.
وأكد أن مصر وتركيا لديهما قناعة أن كلا منها دولة حاضنة للإسلام، حيث تمتلك الدولتان أكبر تجمع للمسلمين على مستوى العالم، كما أن الدولتين لديهما جذور في التاريخ، وإن كانت مصر أكبر من تركيا، مشيرا إلى أن تركيا لا تنسى ما فعله المصريون تحت راية محمد على، وأن مصر وضعت أول تهديد صريح لهم في المنطقة.
وقال إن أردوغان وعددا من القيادات التركية زاروا مصر أثناء حكم الإخوان، وأصيبت تركيا بالهلع والخوف بعد ما حدث مع محمد مرسي في مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013، وانتاب القلق أردوغان ما دفعه إلى «قصقصة» الجيش التركي ليل نهار، مؤكدا أن أردوغان يفكر بتخلف ويصر على موقفه.
وأكد أن المصريين ليس لديهم عداوة مع أحد، ويحكمهم عقليتهم وفكرهم، ومهما كبرت قوة الجيش المصري فستظل مسئوليتهم حماية الوطن ومقدراته ولا تعتدي على أحد.
ومن ناحيته، أكد الكاتب الصحفي على حسن رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أصبح بسياساته الإرهابية يمثل خطراً على الأمن والسلم الاقليمي والدولي على نحو يتطلب تدخلاً أممياً لتفعيل مواثيق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي ذات الصلة لردع إرهاب أردوغان الذي بات يمثل هو نفسه خطراً داهماً على تركيا في ضوء ما يمارسه من ديكتاتورية وقمع ضد معارضيه ومنع الصحافة والاعلام من القيام بدورهما بحرية ومهنية حيث زج بالآلاف منهم في أقبية السجون فضلا عما لحقه وسيلحقه أردوغان من أضرار جسيمه بالاقتصاد التركي والليرة التي تنهار بصورة يومية أمام الدولار الأمريكي فضلاً عن المقاطعة الشعبية لمنتجاته خليجياً وعربياً إلى جانب حالة الاخفاقات على كافة المستويات في الداخل التركي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً .
وقال إن انعقاد هذه الندوة حول «المخاطر التركية على الأمن والسلم الاقليمي والدولي» يأتي في ضوء تفاقم ممارسات رجب طيب أردوغان ونظام حكمه الذي يعد الداعم الأول للإرهاب في العالم ويضرب عرض الحائط بسائر الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية فضلا عن تدخله السافر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وانتهاك سيادتها وسرقة ونهب خيراتها ومواردها واحتلال أراضيها بالقوة وهو ما أسفر عن تهجير الملايين خارج أوطانهم جراء تلك الممارسات الإجرامية التركية على نحو أحدث جرحاً عميق الأغوار في مسيرة العلاقات التركية الدولية بصفة عامة وفي منطقة الشرق الأوسط والأقطار العربية بصفة خاصة .
وأضاف«لقد لعبت تركيا دوراً خطيراً في سوريا والعراق عبر احتلالها أجزاء من أراضيهما دون أي مصوغ مشروع وأرسلت إلى كلا البلدين مجموعات من أخطر عناصر الإرهاب في العالم سواء من تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة وسمحت لهما بالتنقل إلى كلا البلدين عبر أراضيها .
وأشار إلى أن تركيا عملت أيضا على نقل عناصر إرهابية إلى مدينة «طرابلس» الليبية في ضوء حرصها على زعزعة الأمن والاستقرار فيها وعرقلة سائر جهود التسوية السلمية بين الأطراف المتنازعة فيها ونقل السلاح إلى تلك الميلشيات الإرهابية بالمخالفة للقرارات الأممية بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا والعمل على سرقة أجزاء من خيرات الشعب الليبي وثرواته .
وشدد على أن تركيا لم تألو جهداً في مد أياديها الآثمة إلى الصومال واليمن لتأجيج النيران والفتن في كلا البلدين وإمداد عناصر إرهابية موالية لها بالسلاح والعتاد لعرقلة عودة الاستقرار إلى ربوع البلدين.
وقال على حسن إن الدور التركي لم يقف عند هذا الحد بل أمتد إجرام النظام التركي إلى الهند للعمل على تأجيج الصراع المذهبي فيها بما يؤثر على قدرات الهند الاقتصادية وثقلها الاستراتيجي بما يتيح لتركيا مساحة أكبر للتمدد وبسط النفوذ في منطقة جنوب آسيا.
وأضاف «لقد دخلت تركيا مؤخراً طرفاً أساسياً في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان ففي الوقت الذي تتطلع فيه العديد من دول العالم لحل سلمي سياسي لتلك الأزمة أعلنت على لسان أردوغان استعدادها لتقديم كافة سبل الدعم بما في ذلك الدعم العسكري لأذربيجان في مواجهة أرمينيا على نحو زاد الأمر اشتعالاً وحدة وتوتراً جعل آلاف المرتزقة الدواعش يتوجهون من سوريا إلى أذربيجان للحرب معها.
وأشار إلى ان رجب طيب أردوغان أولى إهتماما خاصاً باستخدام وسائل الاعلام واستجلاب العناصر الإرهابية الفارة من العدالة في بلدانها لاعتلاء تلك المنابر التي سميت بمنابر الإرهاب لتنشر الأكاذيب والافتراءات وأدعاء الدعوات إلى الاصلاح والتي هي في حقيقتها دعوات لنشر الفوضى وهدم الدول.
وأكد أنه كان من أسوأ ما فعله أردوغان المنتمي للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المصنفة في الغالبية العظمى من دول العالم بالإرهابية أنه يرتدي عباءة الدين في كل ما يقوم به من جرائم من نتاجها قتل الأبرياء وتهجير الملايين خارج أوطانهم وتشريدهم وأحتلال أراضي الدول الأخرى بالقوة ونهب ثرواتها مدعياً أنه يقوم بذلك باسم الدين ليضرب بذلك النموذج الأسوء في الإساءة إلى دين الإسلام السمح متوهماً بذلك أنه يحاول إحياء مايسمى بالخلافة العثمانية بشكل جديد من أشكال الاحتلال.
ولفت إلى أن أردوغان سعى إلى استخدام بعثاته الدبوماسية في الخارج لتنفيذ عمليات تعقب لمعارضيه بقصد إختطافهم أو استعادتهم قصرياً أو تصفيتهم وهو ما أدى إلى قيام العديد من دول العالم بتوجيه أتهامات عبر سلطاتها القضائية بحق دبلوماسيين أتراك بهذا الشأن .
وأشار إلى أنه قدً ثبت بما لايدع مجالاً أن نجله«بلال أردوغان» متورط في الاستيلاء على النفط في كل من سوريا والعراق وليبيا وبيعه لحسابه، كما يستغل أزرع العمل الإغاثي لتجنيد الفقراء في هذه الدول للعمل وفقاً للأجندات التركية واستخدامهم لتنفيذ أجندات تركية لزعزعة الاستقرار في بلدانهم .
وقال إن أردوغان تورط في القيام بممارسات غير مشروعة تتعلق بإعمال تنقيب عن النفط والغاز داخل المياه الإقليمية لكل من قبرص واليونان بما يتعارض مع أحكام القانون الدولي والمعاهدات الدولية،كما يقوم بإبتزاز الاتحاد الأوروبي مستغلاً ورقة اللاجئين السوريين وذلك بتهديده لهم بإغراق بلدانهم بهؤلاء اللاجئين حال عدم استجابتهم لمنحه الأموال التي يطلبها والتي تقدر بمليارات الدولارات .
وبدوره، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي أن تركيا تنتهك القوانين والمواثيق الدولية منذ عقود، مشيرا إلى أن تركيا تلجأ لدبلوماسية البوارج الحربية في بحر إيجه والبحر المتوسط منتهكة الحقوق الدولية للدول.
وقال «سلامة» إن المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة حددت الوسائل والطرق السلمية التي يجب أن تنتهجها الدول لتسوية نزاعاتها، مؤكدا أن هذه «الخروقات الفظيعة» التي تفردت بها تركيا عن سائر الدول لم تسبقها دولة في مثل هذه «الخروقات الجسيمة».
وأضاف «لقد خرقت تركيا القانون الدولي للبحار وزعمت أن لديها حقوقا في المياه الاقتصادية لكل من قبرص واليونان»، لافتا إلى أن القانون الدولي أو القضاء الدولي سواء كانت محكمة العدل الدولية في لاهاي أو المحكمة الدولية لقانون البحار في هامبورج هما المنتديان القانونيان الدوليان للفصل في هذه النزاعات.
وأوضح أن ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة والمواد الأولى من ذات الميثاق نصت على ضرورة أن تحترم وتلتزم الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة بأحكام القانون الدولي والمعاهدات الدولية.
واستطرد«سلامة» قائلا: «في الحالة التركية وبصدد القانون الدولي للبحار فقد رفضت تركيا سالفا ولا تزال ترفض اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتسوية نزاعها مع اليونان في الجرف القاري وذلك ليقين تركيا بأن دفوعها واهية ومزاعمها بالية ولم تجد أي صدى في أروقة محكمة العدل الدولية، والأكثر من ذلك أن تركيا تنتهك المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أبرمت بعد نهاية الحرب العالمية الأولي عام 1918 وهذه المعاهدات الدولية لا تزال سارية ومن ثم فإن الانتهاك التركي في هذا الصدد ينتهك مبدأ قانوني دولي وهو مبدأ قدسية المعاهدات الدولية».
ولفت إلى أن أحد أهم الواجبات الدولية لتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية، إعمالا للفقرة الثالثة من المادة الثانية من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، يطالب الدول الأعضاء بأن يفضوا منازعاتهم التي تنشأ بينهم بالوسائل السلمية على نحو لا يكون فيه السلم والأمن الدوليين عرضة للخطر.
وشدد على أن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى يعد من أبرز مبادئ القانون الدولي العام، وإذا كان المبدأ يعرف بنقيضه فالتدخل هو عمل غير مشروع لا يستند إلى أي مسوغ قانوني ويشكل افتئاتا على حق الدولة في الحرية والاستقلال والسيادة.
وأوضح أنه إذا كان القانون الدولي يكرس ويؤسس لحقوق دولية للدول، فإن كل حق يقابله واجب دولي أيضا، فتمتع الدولة بحقوقها يقتضي التزامها باحترام حقوق غيرها أي قيامها بالواجبات التي تتطلبها الحقوق المماثلة لغيرها من الدول وهذا التلازم بين الحقوق والواجبات في العلاقات الدولية يسمى عادة بالواجبات القانونية.
وقال «سلامة» إنه عند الحديث عن العدوان المسلح الغاشم التركي على الدولتين العربيتين ذات السيادة وهما سوريا والعراق والزعم بأن تركيا تدافع دفاعا عن النفس استباقيا، تدحضه كافة المواثيق والمبادئ والقواعد القانونية في هذا الصدد، وشتان ما بين الدفاع الاستباقي عن النفس وبين الاحتلال العسكري الغاشم لأقاليم الدول المستقلة.
د.أيمن سلامة: تركيا تنتهك القوانين والمواثيق الدولية منذ عقود
وتابع «سلامة» :«التدخلات التركية في سوريا وليبيا والعراق ووالصومال وحتى في اليمن لا يعوزها تأصيل أو تدليل إلى جانب الدعاية التحريضية الهدامة ضد سيادات الدول واستقلالها ورموز هذه الدول»، مضيفا «وفي الحالة المصرية فإن يكفينا في ذلك المقام أن ندلل أن السب والقدح والقذف لا يصدر إلا عن الدهماء والغوغاء والسفهاء وما أدلى به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حق الدولة المصرية المستقلة ذات السيادة هو يقين لا يزول بأي شك بأن الرئيس أردوغان والدولة التركية انتهكت ذلك المبدأ انتهاكا صارخا وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون السيادية للدولة المستقلة ذات السيادة» .
ومن ناحيته، أكد الدكتور كرم سعيد الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مصر أصبحت حائط الصد في مواجهة النفوذ التركي في المنطقة من خلال العديد من التحركات التي تتسق والمواثيق الدولية والسياسية، مشيرًا إلى نجاح التنسيق والتعاون مع العراق والأردن، وكذلك تدخل القاهرة على الخط لإنهاء الأزمة السورية والليبية كانت كفيلة بوقف أطماع التوسع العثماني.
د.كرم سعيد: مصر حائط الصد في مواجهة النفوذ التركي في المنطقة
وشدد على الحاجة إلى مزيد من التكامل مع الدول الإقليمية من أجل وقف التدخل التركي في دول المنطقة، من أجل عودة حزب العدالة والتنمية إلى رشده بعيدًا عن الأطماع التوسعية والبعد عن استنساخ التجربة العثمانية.
ولفت إلى أن تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة لم تحدث كما كان يأمل النظام التركي، رغم ما حققته حركة النهضة التونسية، وكذلك الموقف المصري الشعبي والسياسي الذي كان حائط صد أفشل المخطط التركي في 2013، بينما لا يزال مستمرًا في دعم جماعة الإخوان الإرهابية وفتح قنوات دعائية لهم بغرض تعزيز حالة الانقسام في المجتمع المصري.
وألمح «سعيد» إلى استغلال أنقرة تصريحات الرئيس الفرنسي ودعوات تيارات الإسلام السياسي لمقاطعة المنتجات الفرنسية، بمحاولة إغراق الأسواق العربية بالبضائع التركية.
وقال إن انعكاسات التدخل التركي في إقليم الشرق الأوسط كان له تداعيات سلبية، بدأ باستغلال القضية الفلسطينية مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، وما شهدناه في منتدى دافوس وانسحاب رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان اعتراضًا على مدة الخطابات وليس انتصارًا للقضية الفلسطينية.
وأردف قائلا:«إن أنقرة استغلت إعلان إدارة البيت الأبيض بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، بشكل دعائي لم يمس الأرض بقرارات أو فعل معارض، وما سبقه من مغازلة تيارات الإسلام السياسي خلال ثورات الربيع العربي من أجل الزعامة وريادة الإقليم العربي واستعادة الموروث العثماني».
وأشار إلى دعم النظام التركي للجماعات المتشددة في سوريا وليبيا واليمن، وتوثيق التعاون مع الدول المنبوذة مثل إيران وقطر رغم القضايا الخلافية والصراع التاريخي بينهم، من أجل الاتفاق على تقسيم المنطقة بالطائفية والمصالح.
وأوضح أن تلك الآليات سعت من خلالها أنقرة لتعزيز تدخلها في المنطقة ما انعكس على الأمن القومي المصري والعربي، من خلال سياسة النظام التركي التوسعية ومحاولة استعادة الإرث العثماني؛ ما ظهر من خلال تصريحات أردوغان حول «الحدود العاطفية التركية»؛ ليشمل بها دولًا ذات سيادة.
وأكد أن النظام التركي يسعى إلى تعزيز الوجود في المنطقة بمنصب القيادة دون حساب قدرات ومكانة دول الجوار من قوى إقليمية مثل مصر والسعودية،مشيرا إلى مطامع النظام التركي في مصادر الطاقة لافتقارها لتلك المصادر وهو ما ظهر عقب الاكتشافات النفطية والغاز شرقي المتوسط.
وأضاف أن تركيا سعت إلى تصدير«السياسة الصلبة» في شرق المتوسط، والطعن على عملية تعيين الحدود البحرية، وتصدير البوارج الحربية، وتوقيع الاتفاقيات التي تخالف المواثيق القانونية، إلا أنها لم تحقق المرجو من كل تلك المساعي لتتراجع عن موقفها بسبب صلابة الموقف السياسي المصري ومكانة مصر الإقليمية والدولية.
وشدد على أن النظام التركي لم يحقق اختراق لأي من الملفات التي سعى إليها بسبب التحرك الإيجابي المصري والمتسق مع القوانين والمواثيق الدولية، إلى جانب العلاقات القوية مع دول المنطقة وحول العالم، لافتًا إلى استمرار المحاولات التركية في تحقيق الانقسام عبر تعزيز وجودها في السودان واليمن وزيارات إلى العديد من الدول الإفريقية، مما لا ينفصل عن محاولات التحكم في الإقليم.