قصة مأساوية.. أم قُتِلَ أولادها الثلاثة في الحرب خلال 7 أشهر “هرعت نحو الجبل عارية وصراخها يرعب المكان”

قُتِلَ ابنها الأول في البقع، والثاني بقذيفة حوثية استهدفت معهد المعلمين في تعز، والثالث برصاص شاب حوثي عاد من جبهات القتال وهو يعاني من اضطرابات نفسية

الخبر أصاب الأب والأم بصدمة نفسية، ووضعهما النفسي والحياتي لا يزال سيئاً للغاية

كثير من اليمنيين أصيبوا بأمراض نفسية وعصبية بسبب تدهور حياتهم المعيشية، جراء فقدانهم لمصادر دخلهم ووظائفهم، وتوقف رواتبهم

الحرب ألقت بظلالها على كثير من الشباب، إذ أصيب عددٌ غير قليل منهم بأمراض عصبية ونفسية؛ بسبب عدم قدرتهم على تحقيق استقرار معيشي ومادي يمكنهم من المضي قدماً في حياتهم

يمن الغد – الشارع

مطلع مايو الماضي، فقدت أسرة سعيد عبدالله حسن، التي تعيش في منطقة “بني شعب”، في “شرعب السلام”، ابنها الثالث (شهاب)، على ذمة الحرب والاضطراب النفسي الناتج عنها.

تقول المعلومات، إن “شهاب” قُتِلَ برصاص أطلقها عليه شاب من أبناء قريته مريض نفسياً، ويعاني من اضطرابات عصبية، منذ أن فقد عمله، وتوقف عن الدراسة، قبل ثلاثة أعوام تقريباً.

القصة الأليمة هي أن “شهاب” سعيد قُتِلَ بعد مرور ثلاثة أشهر من مقتل شقيقه “صامد” بقذيفة حوثية استهدفت معهد المعلمين في تعز. وقبل ذلك بأربعة أشهر كان قد قُتِلَ شقيقهما “إيهاب”، وهو يقاتل مليشيا الحوثي في منطقة “البقع”. خسرت أسرة سعيد، خلال سبعة أشهر، أولادها الثلاثة؛ اثنان بنيران مليشيات الانقلاب الحوثي، والثالث برصاص مريض نفسي.

أحدثت الكارثة الأليمة صدمة نفسية في نفس الأب (سعيد عبدالله)، ولايزال يعيشها على مدار اليوم والليلة. أما الأم فخبر مقتل نجلها الثالث نزل عليها كالصاعقة. وقال لـ “الشارع” عدد من أهالي قريتها، إنها، عندما تلقت الخبر، خلعت ملابسها، واتجهت تجري هائمة في الجبل الذي يقع فيه منزلها، وهي تصرخ بأعلى صوتها. يقول أبناء القرية إنهم لن ينسوا صدى ذلك الصراخ المفجوع الذي صدر منها، وسيظل عالقاً في ذاكرتهم وأذهانهم.

الشاب محمد الحيدري، أحد أبناء القرية، قال لـ “الشارع”، إن والد وأم “صامد” مازالا يعيشان، حتى اليوم، في حالة نفسية صعبة، ووضعهما النفسي والحياتي سيئ للغاية.

وطبقاً لـ “الحيدري”، فإن واقع الأب والأم المؤلم قد يقودهما إما للجنون أو للانتحار؛ لكن النتيجة المثبتة حالياً هي صدمة نفسية متطورة ومرض نفسي محقق.

هذه القصة ما هي إلا واحدة من مئات القصص المأساوية الصعبة التي تعيشها كثير من الأسر اليمنية، بسبب الحرب. تحدث هذه المآسي بشكل شبه يومي، وضحاياها أبرياء.

وهناك كثير من اليمنيين أصيبوا بأمراض نفسية وعصبية بسبب تدهور حياتهم المعيشية، جراء فقدانهم لمصادر دخلهم ووظائفهم، وتوقف رواتبهم. الحرب ألقت بظلالها، أيضاً، على أعداد كبيرة من الشباب في اليمن، وأصيب عددٌ غير قليل منهم بأمراض عصبية ونفسية، بسبب عدم قدرتهم على العمل، وتحقيق استقرار معيشي ومادي يمكنهم من الزواج، والمضي قدماً في حياتهم.

وفي قرية “الزوحة” المطلة على قرية “بني شعب”، أقدم شاب يعاني من حالة نفسية على قتل والده ووالدته وجارته، مطلع العام الجاري. وهذه قضية تحولت إلى قضية رأي عام وحديث للصحافة، وأثارت الرعب والهلع في نفوس الكثيرين.

القاتل يدعى علي عبدالمغني، وكان أحد الأفراد الذين قاتلوا مع مليشيا الحوثي، في بعض جبهات القتال داخل محافظة تعز. وبسبب ما شاهده وما ارتكبه من أعمال قـتل في الجبهات، أصيب بحالة نفسية. ترك جبهات القتال، وعاد إلى منزل أسرته في “زوحة” شرعب، ثم قـتل أباه وأمه وجارته.

لقد تحول كثير من الشباب إلى ضحايا صدمات نفسية عنيفة حولتهم إلى أشخاص عنيفين.. وعلي عبدالمغني هو أحد هؤلاء الشباب.

ووسط هذا الكم من المأساة، هناك قصص عن انتحار عدد من الأشخاص، بعد أن تحولوا إلى مرضى نفسيين، وعانوا من حالات اكتئاب حاد، واضطرابات نفسية يصعب السيطرة عليها في ظل غياب كبير للكوادر الصحية، وخاصة في مجال الدعم النفسي.

تفتقر قرى ومدن اليمن للمستشفيات والعيادات الخاصة بعلاج المرضى النفسيين، إضافة إلى غياب الكادر النفسي، وغياب مراكز الدعم النفسي، عن مدن وقرى اليمن.

يقول للصحيفة الطبيب النفسي بكيل الشرعبي: “هناك عدد كبير من المرضى النفسيين يمكن علاجهم بشكل سهل عن طريق توفير حاجاتهم الأساسية من مسكن وغذاء ودواء، وهناك حالات تحتاج لعلاج مطول قد يمتد إلى سنوات، ويحتاج إلى مرشدين نفسيين متخصصين لا وجود لهم على الإطلاق في اليمن، وهنا تكمن الكارثة!”.

Exit mobile version