من بين خراب الحرب، تابع اليمنيون، مثل غيرهم في العالم، نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
واليوم، بعد 6 أعوام من كارثة الانقلاب الحوثي، يترقب اليمنيون وجل أمانيهم أن ينزع الرئيس المنتخب، جو بايدن، الغطاء عن جرائم حرب بالجملة ضد الإنسانية، مزقت نسيج البلد الفقير، وقذفت بسكانه إلى أكبر مجاعة على الصعيد العالمي.
كما يأمل الشارع اليمني، أن يكون تغيير الإدارة الأمريكية بمثابة جرس إنذار لوقف المآسي، وفلسفة سياسية حاسمة تنتصر لمظالم الشعب اليمني، بدا من تصنيف مليشيا الحوثي كـ”جماعة إرهابية”.
ومن أطلال منزله المدمر في بلدة “دير عبدالله” بالدريهمي جنوبي الحديدة، أبدى المواطن اليمني، أحمد مكي، اهتماما كبيرا بالانتخابات الأمريكية.
واعتبر أن “سياسة المنتصر تؤثر في كل القضايا الدولية، ومنها اليمن، انطلاقا من الثقل المحوري لواشنطن عالميا”.
وبينما لم يعثر على سكن يأوي تشرد أطفاله بعد أن أحال الحوثيون منزله إلى ركام بفعل هجوم صاروخي، يعرب مكي عن أمله أن يكون للديمقراطي، بايدن، دورا أكثر حزما ضد العدوان الحوثي والذي ألقى بالملايين إلى التهجير القسري والنزوح داخليا وخارجيا.
يقول المواطن اليمني، وهو أب لـ4 أطفال، إن “الحرب عدوان حوثي وإيراني متلازمة مشتركة، وهم قساة وظالمون لا يهمهم المدنيين (..) لقد مررت وصغاري منذ قصف منزلي قبل سنة بظروف نزوح صعبة، وحده الله من يعلمها”.
ويضيف “أحيانا لا نجد ما نأكل، ولولا المواد الغذائية المقدمة من المنظمات، كهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، للنازحين هنا بالساحل الغربي، لكنا نموت جوعا”.
وتابع “أنا قلق بشدة حول مستقبل أطفالي، لا بد أن تتوقف الحرب وتنتهي مآسي النزوح، خسرنا الكثير ولم تتوقف بعد دوي المدافع”.
وقذفت حرب الانقلاب الحوثي، التي تفجرت في 21 سبتمبر/أيلول 2014، بالملايين من السكان، أمثال المواطن مكي، إلى دائرة الجوع والنزوح.
وتذهب تقديرات الأمم المتحدة الصادرة حديثا إلى أن 40 بالمائة من سكان اليمن يكافحون في الوقت الراهن للحصول على احتياجاتهم الأساسية اليومية من الغذاء، فيما يعيش الملايين في دائرة من الصراع والجوع وحياة أكثر صعوبة.
حل مستنقعات إيران
ولم تخف الطالبة اليمنية في كلية الآداب بجامعة عدن، ياسمين عبدالرحمن، أملها في أن تساهم سياسية الديمقراطي بايدن في التأثير على ملف اليمن وأن يكون هناك تسوية خارج صراع الشرق الأوسط والتي تحاول فرضه دول تخوض حروبا بالوكالة في أكثر من دولة.
وترى الطالبة الجامعية، أن اليمن أصبح مستنقعا معقدا لحرب تدميرية بلا نهاية يديرها نظام طهران عبر أدواته مليشيا الحوثي، والتي جعلت من اتفاقات السلام مجرد حيلة لإطالة أمد الأزمة في جغرافية استراتيجية تشارف على واحد من أهم الممرات في العالم.
ورغم نجاح تحالف دعم الشرعية في تحرير عدن وطرد الحوثيين منتصف 2015، تقول الطالبة اليمنية، إن “الرعب والقلق وعدم الاستقرار لازال يسيطر على الكثيرين من سكان عدن بفعل هجمات المليشيات الانقلابية بعيدة المدى باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيران، إيرانية الصنع”.
وتضيف، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، “شاهدنا الموت أكثر من مرة عند تمدد الحوثيين جنوبا من صنعاء، فقدنا أقارب وأصدقاء، كما استيقظ السكان في أغسطس/آب العام الماضي على انفجارات مخيفة إثر هجمات مزدوجة شنها الحوثيون والتنظيمات الإرهابية”.
وتابعت “وأد القدرات الحوثية شمالا ومكافحة الإرهاب جنوبا من أهم الملفات، والذي تضطلع واشنطن بها في اليمن، وعلى بايدن أن يجد رؤية ذات جدوى على ضوء فشل ونجاحات السياسيات السابقة”.
فرصة أمريكية
خلال العقد الماضي، فقدت الولايات المتحدة نفوذهما في الشرق الأوسط، وبإمكان واشنطن أن تغتنم الفرصة التي أتاحتها الانتخابات الأمريكية لتصميم مشاركة أكثر تواضعا وذكاء، وربما إصلاح بعض الأضرار التي حدثت في السنوات الأخيرة، وفقا للناشط اليمني عبدالحليم عبدالوهاب.
وأوضح عبدالوهاب، أنه يعول على إدارة بايدن في تحريك حالة الركود والكساد السياسي في الشرق الأوسط والذي تجلى فشله الذريع في اليمن، وهو ما أتاح لتجار الحروب إطالة أمد الحرب في اليمن على حساب اليمنيين.
وقال إن أغلب اليمنيين اليوم كانوا ينتظرون حسم الانتخابات الأمريكية فقط لـ”إعادة تحريك المياه الراكدة التي قد تكشف عن مرجع الخلل وتعيد تعريف الصراع وفقاً لمتطلبات المرحلة المقبلة التي تحتم إنهاء الحرب بالشكل الصحيح، وتجريب الأساليب الأخرى مع إيران لعلها تكون مجدية أكثر في رفع يدها عن اليمن”.