الرئيسيةمحليات

شاهد بالصور.. كيف فجر اليمنيون طرق الخير بألغام الحوثي؟

فرض الانقلاب الحوثي حصارا على البلدات الريفية اليمنية، لكن الألغام الأرضية التي خنق بها المدنيين تحولت لمفتاح سحري لشق الطرقات الجبلية.

وكغيرها من البلدات اليمنية المعزولة، قدّم أهالي جبال “شرار” الوعرة في “القَبَّيطة” أقصى شمال محافظة لحج، تجربة ملهمة في تحويل الألغام التي زرعتها المليشيا الحوثية إلى ديناميت يشق طرقات ويعود عليهم بالتنمية ولا يحمل لهم الموت كما أراد الإرهاب الحوثي.

وقطعت “العين الإخبارية” أكثر من 123 كيلومترا من العاصمة المؤقتة عدن، للوصول إلى مديرية القَبَّيطة، حيث موطن أشهر صناع الحلوى في اليمن، لنقل تجارب ملهمة تجمع في موضع واحد الحرب والتنمية.

فعلى بُعد 5 كيلومترات من خط النار الأمامي ونقاط الحرب مع الانقلاب الحوثي، كنا على متن أول سيارة تصل أعلى “شرار” عبر طريق جبلي شديد الوعورة، شقها أبناء القَبَّيطة بصعوبة باعتماد البارود المتفجر المستخرج من الألغام والعبوات ومخلفات الموت التي زرعتها المليشيات المدعومة إيرانيا في المنطقة الجبلية.

كما شارك برلمانيون وشخصيات قبلية واجتماعية وعسكرية في حملة تبرع مجتمعية وحشد أكثر من  20 مليون ريال يمني ( قرابة 25 ألف دولار أمريكي) لمساندة الأهالي في كسر عزلة سكان “شرار” وتشيد طريق لربطهم بالمناطق الحيوية تصلهم بـ “كرش” و”طور الباحة” كأول ثمار التحرير.

وتحولت المبادرة المجتمعية في “القبيطة” إلى تجربة فريدة، ايقضت مشاريع التنمية من بين خراب الحرب في المحافظات اليمنية الأخرى، أبرزها مديريات ريف تعز وحجة وريمة وعمران.

وشرع الأهالي في المناطق الريفية إلى فتح صناديق لجمع أموال المتبرعين وتشيد وإصلاح عشرات الطرقات الحيوية وبجهود ذاتية. في وقت تذهب تقارير دولية إلى إن الحرب اليمنية أدت إلى تراجع التنمية بالفعل إلى ما يزيد عقدين من الزمن للوراء.

كسر العزلة

وبعد أشهر من العمل الشاق وبواسطة أدوات تقليدية ومخلفات بارود ألغام حوثية، فُككت بواسطة خبراء المقاومة والجيش اليمني من المنطقة، أنجز الأهالي المرحلة الأولى من تشييد الطريق والتي تخترق الجبل الشاهق في منحدر على هاوية سحيقة.

واستطاعت إحدى نساء المنطقة، وتدعى” آمنة” العبور في الهامش الضيق من الطريق الجديد المعبد أمام المركبات، دون الكثير من العناء، بعد عقود من عبورها التضاريس الجبلية الوعرة.

تقول “آمنة” إن الصعود إلى منزلها المشيد في التل الأعلى من جبل شرار كان أشبه بمغامرة بالغة الصعوبة لا سيما عند حمل حاجيات الغذاء التي تجلب على ظهور الحمير أو على رؤوس النساء.

وتضيف، “كنا نسلك مشيا على الأقدام طريقا وعرا وقاسيا بالكاد تستطيع امرأة واحدة العبور منه عند الصعود أو الهبوط من ارتفاع الجبل الذي يزيد عن 1400 متر”، مبينة أن الطريق الجديد سوف يخفف أكثر من 90‎%‎ من التعب المضني.

وانعدام الطرق وشدة الوعورة، كان من أهم أسباب تدهور أوضاع المجتمعات اليمنية وحرمانها من فرص الرزق أو المساعدة.

ويقول فاروق عزام، وهو مواطن من سكان المنطقة، أن عدم وجود طريق تصل 7 قرى كشريان لأكثر من ألفي نسمة يسكنون في جبل شرار حرمهم من أدنى مقومات الحياة ومن المشاريع الخدمية وكنا نعيش” في عزلة عن العالم”.

ويتابع حديثه، كنا “نواجه صعوبة في اسعاف المرضى والكثير منها تعرض للموت وخاصة النساء في حالات الولادة أو في الحالات الطارئة الحرجة “، لافتا أن السكان كانوا مجبرين على العبور في طرق طويلة مقابل تكاليف نقل مرتفعة.

ألغام للحياة

بسبب التلغيم الحوثي المكثف للمنطقة، تدخلت فرق هندسية للقوات الجنوبية والجيش اليمني في نزعها وبمبادرة من أبناء القبيطة جرى تحويلها من مكامن للموت إلى أدوات للحياه.

ويقول محمود الجمهوري، وهو زعيم قبلي، إن الطريق الجديدة حاجة ضرورية وهو بمثابة إنقاذ للأهالي وهي بادرة مجتمعية انطلقت بعد أشهر من تحرير المنطقة وطرد الحوثيين الذين عمدوا وبدعم من خبراء إيرانيين لنشر مئات الألغام والعبوات المضادة للمركبات، ذات التمويه مع طبيعة الجبال والوديان.

ويشيد الزعيم اليمني، بالفكرة المبتكرة والتي ألهمت سكان جبال شرار إلى استخدام بارود الألغام والعبوات الحوثية بشكل فاعل في تدمير وتفجير صخور الجبال وتعبيد طريق حيوي للقرى المعزولة، أهمها “نجد” و”ثوجان” و”الرماء” و”نجد “و”شرار” و”المعاين”.

ويضيف الجمهوري لـ”العين الإخبارية”، أن مشروع تشييد وفتح الطريق انطلق كمساهمة مجتمعية ودعم لبعض الشخصيات من أبناء المنطقة وبدأ بجهد ذاتي وشخصي ثم تجاوب كل الناس.

وأوضح أن المشروع التنموي سوف يستمر لمرحلتين ويشمل شق الطريق وتشييد جدران داعمة لتلافي أضرار السيول، ورصفها، ومن شأن هذا أن يخفف المعاناة ويسهل أيضا انتقال عشرات الطلاب إلى المدارس.

زر الذهاب إلى الأعلى