ماذا أمام تصنيف الإخوان والحوثي كجماعات إرهابية؟!
مبدئياً، كلّ جماعة أيديولوجية في العالم تنتهج العنف، وتحاول فرض نفسها أو تصوراتها بالقوة والإكراه في الحياة السياسية أو الفكرية أو الاجتماعية أو العقائدية، تصح عليها صفة “الإرهاب”.
في اليمن، جماعة الإخوان، والجماعات السلفية وجماعة الحوثي، فضلاً عن القاعدة وداعش، هي من هذا القبيل، وتستحق بجدارة إدراجها رسمياً في القوائم الدولية السوداء للجماعات الإرهابية.
غير أن العملية – إجرائياً – ليست بهذه البساطة النظرية، على الأقل ليس دائماً، الحسابات الدولية معقدة، ولا تخلو من اللؤم، كما أن التبعات الكارثية لخطوات مثل هذه، لا تقع فقط على رأس الأنظمة والتنظيمات المعنية.
“طالبان” على سبيل المثال، جماعة إرهابية بامتياز، كانت كذلك منذ البدء، غير أنها لم تُدرج في قائمة الإرهاب قبل أن يتجاوز إرهابها الأراضي الأفغانية والعالم الإسلامي كله، وصولاً إلى عمق القلعة الأمريكية في مطلع القرن!،
ثُم في المحصلة الشعب الأفغاني هو الذي دفع الفاتورة كلها تقريباً، سحقته الحرب حتى العظم، بينما طالبان ما تزال في ذروة قوتها، وتتفاوض اليوم مع أمريكا في العاصمة القطرية!.
يتوقع كثيرون محصلة مماثلة للتدخل العسكري الخليجي الحاصل منذ سنوات ضد الحوثي في اليمن، في ظل ما ترتب عنها من نتائج كارثية حتى الآن.
في المقابل، لا يتوقع أحد قيام حرب جديدة شاملة تبعاً لوصم السعودية مؤخراً ومجدداً للإخوان بالإرهاب، وتوجه أمريكا الأخير لإدراج الجماعة الحوثية في قائمة الجماعات الإرهابية!.
ما هو مؤكد، أن الشعب اليمني سيكون المتضرر الأكبر من أيّ تبعات شاملة لهذين التصنيفين، خاصةً على صعيد الاقتصاد المنهار أصلاً، وحرية حركة وتنقل المغتربين اليمنيين، المقيدة أصلاً في الخارج، وبالذات على صعيد المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة المخصصة للشعب اليمني في مناطق السيطرة الحوثية، وربما كان هذا وراء تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، بأن اليمن مهددة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم!.
في الوضع الطبيعي، قيام دولة عظمى أو المجتمع الدولي بإدراج تنظيمٍ أو نظامٍ ما في قائمة الإرهاب، يتضمن إعلان حرب شاملة عليه، منها:
– شن حرب مباشرة و/أو غير مباشرة عليه
– فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية قاسية
– وعلى الأقل مقاطعته تماماً، وعدم التفاوض أو التعامل معه كطرف شرعي بأي شكل!
حدوث العكس حتى في حالات الاضطرار، يحد من مصداقية المجتمع الدولي في التعامل مع الإرهاب، ويدل أن قوائم الإرهاب الدولية مسيسة وقائمة على معايير ازدواجية ومصالح خاصة ذاتية آنية عابرة!.
المفاوضات الأمريكية الأخيرة مع طالبان في قطر، تتنافى مع حكمة تصنيفها سابقاً كحركة إرهابية، ومع الحكمة التقليدية لأمريكا والغرب عموماً: “لا تفاوض مع الإرهاب”!.
هذا ما سيحدث في اليمن، ربما بشكل أسرع مما نتوقع، لا شك أن السعودية ستضطر- لاحقاً، وكما حدث مراراً- للتعامل مع إخوان اليمن الذين لا شك أنهم سيستجيبون للنداء السعودي مباشرة، كعادتهم بعد كل لطمة وركلة ومهانة..!.
كذلك المجتمع الدولي، مضطر، حالياً ومستقبلاً، للتعامل مع الجماعة الحوثية، ورعاية مفاوضات الشرعية معها، وإن كان هذا قد يتأثر سلباً مع تصنيفها جماعة إرهابية!.