يمن الغد – تقرير
وصفت مصادر سياسية يمنية التصعيد العسكري في جبهات محافظة أبين (شرق عدن) بأنها محاولة يقف خلفها طرف إقليمي معاد للتحالف العربي يسعى لإفشال تشكيل الحكومة اليمنية التي بات الإعلان عنها وشيكا وسط اتهام من المجلس الانتقالي لخصومه باستعمال مسيّرات تركية حديثة في المعارك.
وأكدت مصادر في المجلس الانتقالي الجنوبي سقوط خمسة من العسكريين التابعين للمجلس في جبهة “الطرية” من بينهم قائد عمليات ألوية الدعم والإسناد العقيد عوض السعدي وقائد كتيبة الحماية باللواء الأول دعم وإسناد عبد المجيد بن شجاع وثلاثة من الجنود إثر قصف مواقع تابعة للمجلس الانتقالي باستخدام طائرات تركية مسيّرة حديثة.
واعتبرت مصادر يمنية أن التصعيد في هذا الوقت الذي يقترب فيه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من إعلان الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض، بعد لقاء جمعه مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الخميس، في الرياض، محاولة لعرقلة أيّ تقدم في جهود تنفيذ اتفاق الرياض.
وفي برقية عزاء بعثها عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، لأسر العسكريين التابعين لقوات المجلس الذين سقطوا في مواجهات أبين، الجمعة، قال الزبيدي إنهم “استشهدوا في عملية إرهابية غادرة وهم يؤدون واجبهم الوطني النبيل”.
واعتبر منصور صالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي، في تصريح لـ”العرب” أن ما حدث من استهداف لقيادات عسكرية جنوبية في جبهة “الطرية” بأبين يمثل تصعيدا عسكريا خطيراً، مشيرا إلى التأكد من “استخدام الميليشيات الإخوانية لطائرات مسيّرة تركية حديثة تختلف عن نوع سابق كانت الميليشيات قد استخدمته في الأسابيع الماضية”.
ولفت صالح إلى أن هذا “التصعيد، الذي تقوم به الميليشيات الرافضة للسلام والتابعة للجناح المتطرف في الحكومة اليمنية، دليل على الأجندة المسيطرة على قرار الشرعية وعلى مؤسسة الرئاسة اليمنية والتي تعمل على توجيه الحرب باتجاه الجنوب ومحافظاته المحررة بدلاً من الشمال”.
وأضاف “إن لم يكن هناك من موقف حازم من التحالف تجاه هذه الجماعة الإرهابية ووقف اعتداءاتها على قواتنا المسلحة، فإن قواتنا لن تلزم الصمت ولن تظل في موقف الدفاع إلى ما لا نهاية ولن تستمر عملية ضبط النفس في وقت تفقد فيه قواتنا الجنوبية رجالها وقادتها، ولدينا من القوة والقدرة لردع الميليشيات، مهما كان حجم الدعم العسكري التركي والدعم المالي القطري، والدعم السياسي والغطاء من سلطة ما تسمى بالشرعية اليمنية”.
ويأتي التصعيد العسكري في أبين مع تحركات مدعومة من قطر وتركيا في محافظة تعز (شمال عدن) التي أحكمت قوات ما يسمّى “الحشد الشعبي” الإخوانية الممولة من الدوحة، السيطرة عليها، والبدء في مرحلة جديدة لتضييق الخناق على عدن، من خلال التمدد في محافظة لحج، بالتزامن مع تزايد الهجمات الحوثية على محافظة الضالع.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن القرار العسكري للكثير من القوات المحسوبة على الحكومة الشرعية، والتي تمّ تشكيلها في الآونة الأخيرة بدعم قطري، في منأى عن التوجهات السياسية المعلنة لقيادة “الشرعية”، فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق الرياض، وتوحيد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي.
وتؤكد المصادر وجود تنسيق قطري – تركي لدعم توجهات إخوانية لاجتياح العاصمة المؤقتة عدن من خلال التصعيد العسكري من شرق عدن وشمالها، وتحريك الخلايا النائمة من داخل المدينة بهدف إسقاطها، وطيّ صفحة اتفاق الرياض بشكل كامل، وفرض الأجندة المدعومة من الدوحة وأنقرة على كامل المناطق المحررة في جنوب اليمن.
وبالتوازي مع انحسار وجود الإخوان والحكومة الشرعية في شمال اليمن، بعد سقوط محافظة الجوف ونهم ومناطق واسعة من البيضاء ومأرب، يسعى الإخوان للتمدد جنوبا على قاعدة اتفاق غير معلن بين أنقرة وطهران والدوحة لتمكين الحوثيين من شمال اليمن، وتسليم الجنوب لجماعة الإخوان بهدف خلق مشروعين معاديين لدول التحالف في اليمن.
وتمكّن الإخوان تحت غطاء الشرعية، ومن خلال سيطرتهم على مؤسسات الشرعية والجيش الوطني وبتمويل من قطر ودعم لوجيستي واستخباري تركي، من السيطرة عمليا على معظم محافظات جنوب اليمن حيث تسيطر قوات الإخوان على محافظة شبوة وأجزاء من أبين وشمال محافظة حضر موت، إضافة إلى السعي للتمدد في محافظة لحج، وزرع العشرات من الخلايا النائمة في مديريات عدن، انتظارا للحظة الانقضاض على قوات الانتقالي التي تخوض حربا مع الحوثيين في الضالع، بالتزامن مع مواجهات أبين.
وترجّح مصادر يمنية مطلعة أن يواصل تيار قطر في الحكومة اليمنية وجماعة الإخوان سياستهما في التصعيد العسكري والتوتير السياسي من داخل مؤسسات الشرعية عبر خطة لتوزيع الأدوار بين قيادات تدّعي حرصها على العلاقة مع التحالف العربي، وقيادات أخرى تعمل بشكل متزامن مع أنقرة والدوحة لتوفير الأرضية المناسبة للتدخل التركي في اليمن، الذي ترجّح المصادر أن يكون عبر محافظة شبوة، وساحلها على بحر العرب، القريبة من القواعد التركية في الصومال.
ووفقا للمصادر تعد محافظة تعز أولى مناطق سيطرة الإخوان التي تعلن موقفها المعادي للتحالف العربي عبر تسريبات وتصريحات رسمية مناهضة لدول التحالف ومساندة لمشروع قطر وتركيا في اليمن، حيث وصف القيادي الإخواني السعودي المتواجد في لندن، سعد الفقيه، في تسجيل مرئي، قيادات الإخوان في المحافظة بأنها كانت السباقة في إعلان موقفها الذي يمكن أن ينتقل خلال الفترة المقبلة لمحافظات أخرى تعلن فك ارتباطها بالمشروع العربي الذي تقوده السعودية.