الأفكار حالة منطقية يُنتجها التأمل واستمرار البحث والتجارب، وبسهولة يستطيع الإنسان تغييرها إذا قرر ذلك ووجد الأحسن..
أما المَشَاعر فهي حالة لا منطقية تخلقها العواطف، ولا يستطيع الإنسان أن يغيرها بسهولة حتى وإن تعقَّل غيرها!
لذلك تعمل أطراف الصراعات -دائمًا- على خلق حالة عاطفية لعصبياتهم الدينية واصطفافاتهم السياسية والفئوية، مبنية على المبالغة في تقدير خصوصياتهم والتنفير عن ما سواها.
وهذا بدوره يحوّل كثيرًا من جماهيرهم إلى قُطعان هائجة تُدْمن غُلو الولاء وصَلَف الخصومة، وتستمتع بالصراع تحت شعارات عاطفية جذَّابة، مثل: الجهاد المقدس، والنضال الوطني، والكفاح من أجل الحريات والمساواة!
* * *
الطبيعي أن يتخير الإنسان بين خيرين.. أيهما أصلح له.
عندنا فقط يتخير الإنسان بين شرين أيهما أقل سوءاً عليه!
* * *
لا بد أن نروّض أنفسنا على تفهّم الرأي ونقيضه، فليس كل الحقيقة فيما نَعلم، وليس كل ما ننكره معدوما أو مُنْكرا.
* * *
من حقك أن تعتقد صحة ما خلصت إليه (بوحي من تربيتك وتعليمك وتجاربك).. وهو من حق غيرك أيضا..
المشكلة فقط في كونك قد ترى أن ما لديك هو نهاية العالم وشوْكة ميزان الحق، وعلى الجميع أن يكونوا فيه نسخة منك، فيفهموا كل شيء كما تفهمه أنت ويعتقدوه كما تعتقده أنت ويتعاملوا معه كما تتعامل معه أنت!
لا.. لا ليس كذلك يا صديقي، فلست إلهًا ولا نبيا ولا حجة حتى على أصغر أبنائك؛ لا في الدين ولا في تقدير المواقف وسائر مسالك الحياة!
لذلك لا بد أن نضع نصب أعيننا أن ما نجهل أكثر بكثير مما نعلم.. وأن الصواب قد يكون فيما نُنْكر ونزْدَري، فلنستمر في التعلُّم والاكتشاف، ولا نجمد على ما أُلقِيَ في رؤسنا على حين غفلة منا.
* * *
غالبًا ما تتحول مشاعر الحب والكره إلى نقطة ضعف؛ تُسقط المنطق وتُفقد الإنسان توازنه، ومن ثَمّ لا يستطيع حماية نفسه ولا من يحب.
* * *
نمقت التعصب واللجاج في المسائل الدينية والفكرية الظنية، ونعتقد أن أمرها موسع فيه؛ إلا أننا لا نتفق مع من يرى أن الخوض فيها مجرد خَرَف وترف فكري، ولا نبخس الناس جهودهم؛ فلكل ميدان فرسانه ولكل غاية طُلَّابها، وليس أحد مدعوا لترك تخصصه والانشغال بسواه، وليس مقبولًا منه تحقير اهتمامات الآخرين وتقبيح ما لم يحط به -من عُلومهم- خُبْرا..
فكلٌ مُيسَّر لما خُلق له، واختلاف الأنظار وتنوع الاهتمامات سر من أسرار ديمومة الحياة وانتعاشها.