يمن الغد – باسم علي
بعد إعلانه الانضمام لساحة الجامعة كـ”حامٍ للثورة” في فبراير 2011 قال الجنرال علي محسن الأحمر في حوار صحفي إنه لن يتقاعد وسيواصل مهمته في حماية اليمن وعدم السماح لإيران بالسيطرة عليها، مؤكداً أنه كان الرجل الأول وليس الثاني بعد صالح في الدولة خلال حكم الأخير.
ومع بداية عهد الرئيس عبدربه منصور، عاد علي محسن حامي الثورة لـ”حماية الدولة” يريد أن يصبح مرة أخرى أنه الرجل الأول وصاحب النفوذ والحضور الأوفر في تواريخ كل المشاريع التخريبية في البلاد، وأن الرئيس عبدربه منصور هادي هو الثاني، كما قال عن أخيه غير الشقيق “علي عبدالله صالح”.
يتهم خصوم “علي محسن” الرجل بأنه “تاجر نفوذ”، كل أهدافه تتمحور في “تجميع أدوات المال والقوة وبناء نفوذ خاص يستخدمه في مشاريعه الخاصة سياسية واجتماعية وتجارية”، ويصفه الرئيس عبدربه منصور هادي؛ بأنه “الرجل المليشاوي”.. وفي كل القضايا التي اعتمد فيها عليه الرئيس السابق علي عبدالله كثيراً، فإن علي محسن نجح في كل قضايا الوساطات وفشل في كل قضايا الحروب، على الرغم مما يقال عن علاقاته بجماعات العنف والإرهاب وقضايا القتل والتصفية.
وفي المحصلة فإنه وبعد 16 عاماً من أول حرب في صعدة ضد عملاء وذراع إيران وحتى اليوم لم يوفر الجنرال العجوز ولو القليل من الحماية لليمن بل إن كل تحركاته وأدائه انتهت باستقواء إيران ومليشياتها في اليمن.
وبعد خروجه من صنعاء، بعد ساعات فقط من المناوشات بين الحوثي وعدد من الجنود الذين مثلوا شباب ساحة الثورة في صنعاء، غادر علي محسن صنعاء في 2014، ورغم كل محاولات الحوثي تطمينه للبقاء، فإنه مدرك بحسه وتجربته أن البقاء مع هكذا جماعة محفوف بالمخاطر، فهي حتى وإن قبل ادعاء العمل لصالحها لن تترك له الفضاء الذي كان يتركه له علي عبدالله صالح وعبدربه منصور هادي، حيث بقي يعمل لصالح نفسه وبطريقته.
أعلن الرجل حماية الثورة في 2011، ولكنه لم يجد جيشاً يحميه من الحوثي، ومن مات في مواجهة الحوثي دفاعا عن المستشار الأمني للرئيس هادي كانوا أفرادا من الساحة نفسها اصبحوا هم من حموه حتى تمكن من الخروج من صنعاء على طائرة سعودية.
وبقي مهمشاً يستقبل ويودع التجار والزائرين، حتى لحقه عبدربه منصور هادي، ونقل كثير من زوار الرجلين في الرياض شتائم متبادلة يقولها كل منهما للآخر، حتى إذا التقيا تبادلا الابتسامات، مدركين أنهما مشتركان في المصير.. ولذا فاجأ عبدربه منصور هادي اليمنيين بإعادة حامي الثورة والرجل الأول في عهد الأخ غير الشقيق لعلي عبدالله صالح إلى منصب نائب الرئيس بديلا عن خالد بحاح في 3 أبريل 2016م.
ومن يومها فإن الرجل عاد إلى ألاعيبه، فهو يظهر براعة متناهية في استخدام علاقاته ونفوذه لصناعة ما يشبه الفخاخ امام اي فكرة أو محاولة لتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة مستثمرا ارتباطاته وعلاقاته الواسعة والعابرة للقوى والأحزاب وحتى العصابات والتنظيمات الإرهابية، مانعا نجاح أي تسوية لا تخدم “ايراداته”. ولا ينسى ابدا أن ينفي علاقته بأي شيء.. ثم حين تتسرب الوثائق ممهورة بتوجيه منه، يكون أنصاره وشركاؤه قد فتحوا مشكلة جديدة.
أحبط علي محسن أنجح تجربة أداء محلي لمحافظ تعز السابق أمين محمود، واستخدم نفوذه لإزاحته وتعيين محافظ جديد من القيادات المحسوبة عليه لإنجاز مشروع تخريبي في تعز تمثل بملشنة كل المحافظة وتحويل الجيش فيها إلى عصابات للجبايات والنهب والقتل والاغتيالات.
كما فخخ مأرب بقوائم من القيادات العسكرية الفاسدة والتي أفسدت الجيش وحولت عملية مواجهة المليشيات إلى تجارة وغنيمة للأرقام والمرتبات وخط إمداد لتخزين السلاح والحصول على الامتيازات المادية الكبيرة.
وفي الجنوب لا يزال علي محسن يستثمر علاقاته ونفوذه ووفرة المال الذي يخصصه لمشاريعه الاعتراضية لإعطاب أي جهود إدارية أو أمنية أو خدمية تستهدف التخفيف من معاناة الناس والصعوبات التي تعترض يومياتهم في المناطق المحررة.
ينجح علي محسن في تأميم السلطة في مأرب وشبوة وتعز لصالح توجهاته الخاصة ومشاريعه التخريبية في حين يفشل في التأثير على عدد من البيوت في قريته بسنحان أو تحقيق اي اختراق ولو مخابراتي في مناطق المليشيات الحوثية.
دخل الجنرال الذي يقترب من العام الـ80 من عمره في صراعات مع كثير من القيادات العسكرية العاملة في مأرب والجوف ونهم، وكان ثمن هذه الصراعات سقوط جبهات ومناطق عسكرية وتفكيك قوات متقدمة في مسرح العمليات واقتراب المليشيات الحوثية من أبواب مأرب.
فاعلية ونشاط قائد عسكري راكم خلال عقود خبرة ومالاً ونفوذاً بقيت محصورة في مربعات الشرعية فقط ولم تتجاوز خطوط التماس لتصل إلى مناطق المليشيات الحوثية، بل إن هذا النجاح الذي يحققه علي محسن في نسف كل محاولات تصحيح الوضع في الميدان لم يستثمر ولو 1% منه لإنجاز نجاح ضد إيران وذراعها العسكرية في اليمن.
أعلن علي محسن حرباً ضروساً ضد الناصريين، ونكل بهم واستخدم نفوذه وتحالفاته داخل بنية الدولة لإقصائهم من أي أماكن إدارية أو عسكرية تواجدوا فيها وابتدع لهم مكانة في سجل خصومته للمكونات التي لم تقدم الولاء لحاكم الفرقة المبجل.
وقبل حرب 94 كان علي محسن الأحمر الأكثر حماسة للحرب ضد الحزب الاشتراكي والجنوب ولعب دورا محوريا في إيصال العلاقة بين شريكي الوحدة إلى نقطة اللا عودة وجيش للحرب في صيف 94 جحافل لم تنس حتى الأفغان العرب ومجاميع متطرفة شكلت لاحقا بنية أساسية في تشكيلات القاعدة وأنصار الشريعة وصولا إلى داعش، وتولى بعد الحرب التواصل مع قيادات الحزب الاشتراكي عسكريا ومدنيا ليقطع الطريق بين أي تفاهمات بينها وبين الرئيس علي عبدالله صالح، ونجح في أن يصبح هو الذي يتولى تنفيذ كل توجيهات صالح في تطبيع العلاقة مع الحزب والجيش الجنوبي، وكان يوظف كل ذلك لصالحه مقتطعا لنفسه مصالح من الطرفين، وتغذية شعور كل طرف بالاستياء من الآخر، ليبقى هو الوحيد القاسم المشترك المقبول.
خاصم الجنرال النافذ في الشرعية وفي الجيش والسلطة قديما وحديثا الجيش وانشق عليه واعلن الحرب باسم الثورة على الحرس الجمهوري والقوات المسلحة اليمنية ووصلت مليشيات إيران التي قال انه يحاربها إلى ساحة الجامعة بفضل اعلانه الحرب على الجيش وتشارك مع الحوثيين في استهداف مؤسسة الجيش والرئاسة وجامع الرئاسة وما تعاقب بعد ذلك من انهيار للدولة لصالح مليشيات الحوثي.
تكاد تكون مهمة علي محسن المحببة هي مواجهة أي مكون جديد أو فاعل يظهر على الساحة سواء كان اجتماعيا أو سياسيا أو حتى عسكريا، كما يحدث هذه الأيام، ويبقى الشرط الرئيسي لكف أذى الجنرال القوي بالتخريب هو إعلان هذه المكونات الولاء الكامل له والتحرك وفق رغباته.