قالت مصادر سياسية يمنية مطلعة إن الحكومة الجديدة المنبثقة عن اتفاق الرياض برئاسة معين عبدالملك ستعود إلى العاصمة المؤقتة عدن خلال الأسبوع القادم لممارسة مهامها، بعد تأدية اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدربه منصور هادي، في الرياض والتي تم تأجيل مراسيمها إلى السبت أو الأحد، حتى اكتمال وصول بقية الوزراء المعينين إلى العاصمة السعودية.
وأشارت المصادر إلى أن مدينة عدن تشهد حالة انتشار أمني مكثف من قبل قوات الحزام الأمني لتأمين المدينة وإنهاء كافة المظاهر المسلحة، وإعادة انتشار القوات الرسمية التي ستتولى وفقا لاتفاق الرياض تأمين المدينة وحفظ الأمن فيها.
وكشفت مصادر “العرب” عن سعي تيار قطر في الشرعية وجماعة الإخوان لبدء جولة جديدة من التصعيد السياسي والإعلامي، بهدف التشويش على الحكومة الجديدة وإرباك خططها لتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، بهدف عرقلة استكمال تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق الموقع بين “الشرعية” والمجلس الانتقالي الجنوبي والتي تتضمن إجراءات، يعدها الإخوان وتيار قطر تحجيما لنفوذهم السياسي والعسكري في المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية.
وأشارت المصادر إلى أنّ المرحلة الثانية من الشقين السياسي والعسكري في اتفاق الرياض تشمل انسحاب القوات العسكرية من محافظتي حضرموت وشبوة التي يهيمن عليها الإخوان، وتعيين محافظين ومدراء شرطة لكافة المحافظات الجنوبية، بالتشاور مع المجلس الانتقالي.
كما لم تستبعد المصادر أن تطال التغييرات قيادات عليا في رأس هرم الشرعية مثل نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر الذي توجه إليه أصابع الاتهام بالإخفاق في إدارة الملف العسكري والمسؤولية عن ضعف المؤسسة العسكرية وانهيار الجبهات وسقوط محافظة الجوف ومنطقة نهم.
ووفقا للمصادر سيتم تعيين محافظ جديد لمحافظة شبوة بدلا عن المحافظ الإخواني الحالي محمد عديو، كما سيتم تعيين محافظين لبقية المحافظات بالتقاسم بين الرئيس هادي والمجلس الانتقالي.
ولفتت المصادر إلى وصول قوات عسكرية تابعة للتحالف العربي إلى محافظة شبوة التي يسيطر عليها الإخوان، لمنع أي محاولات لإفشال تنفيذ شق المرحلة الثانية من اتفاق الرياض أو محاولة تفجير الوضع العسكري في المحافظة، بعد تعرض أحد معسكرات التحالف في بلحاف لقصف بالهاون منتصف الشهر الجاري.
كما ستشمل التغييرات في الحكومة تعيين رؤساء جدد لبعض الهيئات والمؤسسات والدوائر، إضافة إلى تعيين نواب وزراء ووكلاء بالتشاور مع المجلس الانتقالي وهو ما يعني بحسب مراقبين إضعاف قبضة جماعة الإخوان على مفاصل “الشرعية”.
وشرعت قيادات سياسية ووسائل إعلام تابعة للإخوان أو ممولة من الدوحة في التشكيك في الحكومة الجديدة، والدعوة لعدم التعاون معها تحت مبررات عديدة من بينها اتهامها بالتبيعة للتحالف أو عدم إشراكها لمكونات أو محافظات يمنية، وهي وفقا لمصادر مطلعة لـ”العرب” تحركات منسقة تقف خلفها الأجندة السياسية لتيار مدعوم من قطر عمل خلال الفترة الماضية على إفشال تنفيذ اتفاق الرياض والدفع باتجاه المواجهة العسكرية بين المكونات المناوئة للحوثي.
وفي هذا السياق تناقل ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا مسربا لوزير الداخلية السابق أحمد الميسري هاجم فيه التحالف العربي، وتوعد بالعمل على إفشال اتفاق الرياض وإسقاط الحكومة عبر ما وصفها بأوراق النفوذ التابعة للتيار الذي ينتمي إليه داخل الشرعية والذي عمل على تعزيز نفوذه خلال عمله وزيرا للداخلية في الحكومة السابقة، عبر ضم الآلاف من العناصر المسلحة التابعة لما يعرف بميليشيا الحشد الشعبي الممولة من قطر إلى قوام القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وخصوصا في محافظتي شبوة وتعز، حيث ينشط المشروع العسكري الممول من قطر بشكل لافت.
واعتبر القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح في تصريح لـ”العرب” أن محاولات إعاقة عمل الحكومة وإفشال المرحلة الثانية من اتفاق الرياض أمر متوقع بالنظر لخسارة جماعة الإخوان ما تعتبره نفوذها في الشرعية.
وأضاف صالح “الإخوان ربما أجبروا على السير في طريق تنفيذ اتفاق الرياض لكنهم بكل تأكيد لن يكونوا صادقين أو جادين في تنفيذ بنوده التي يرون فيها مدخلا لتقليص نفوذهم على الحكومة اليمنية وانتهاء استثمار قرار الشرعية لمصلحة مشروعهم الخاص الذي يتماهى مع أجندات إقليمية معروفة”.
من جهته أكد الصحافي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسيات، عزت مصطفى، في تصريح لـ”العرب” مواصلة تنظيم الإخوان وضع العراقيل في طريق تنفيذ اتفاق الرياض سياسيا وعسكريا، مشيرا إلى أنّ المعطيات المتتالية تؤكد وجود التزام إخواني لقطر يقضي بتمكين ميليشيا الحوثي من جغرافيا أوسع والمساومة بها مقابل الحشد لقتال المجلس الانتقالي في محافظات الجنوب.
وتوقعت مصادر يمنية أن يكون استئناف نشاط الحكومة اليمنية من الداخل وانتهاء حالة الصراع بينها وبين الانتقالي مدخلا نحو إصلاح العديد من الاختلالات التي رافقت المرحلة الماضية من حرب اليمن، وهو الأمر الذي قد يعيد ترتيب قائمة الأولويات باتجاه تحسين أداء الشرعية في المناطق المحررة، ومن ثم رفع مكانتها الإقليمية والدولية في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية القادمة.