مع إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تشكيل الحكومة اليمنية، وأداء اليمين الدستورية، ونجاح تنفيذ اتفاق الرياض ورغم محاولات التعطيل.
استبشر الكل بهذا الاتفاق الذي يُعد خطوة تاريخية للحفاظ على اليمن، والتأكيد على عدم الالتفات إلى أصوات النشاز من المثبطين والمتربصين ممن أظهروا رفضهم للتوافق، وجعله بارقة أمل وخطوة إيجابية وشجاعة بعيدا عن بعض المناكفات والسلوكيات الطفولية، والشعارات الشعبوية والمناطقية، والانتقادات المؤدلجة، فهو يأتي كمسار صحيح سلكته جميع الأطراف، ومسار التوافق والسلام القادم يحمل حلولا جديدة ورؤى أكثر واقعية؛ بما يعني إنقاذ الأراضي اليمنية من التوسع الإيراني، وإبقاء الأمل بإقامة دولة ذات سيادة، ما يشير إلى بزوغ فجر يمني أجمل، يمثل نقطة تحول محورية نحو الحل السياسي وتعزيز الاستقرار الداخلي والاقتصادي، وتحسين المؤسسات الحكومية، وإرساء الأمن وتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني.
هذا الاتفاق كذلك يُشير إلى كونه اللبنة الأولى للخلاص من وكلاء إيران بالمنطقة، وإلى الجهود الجبارة التي بذلتها السعودية لرأب البيت اليمني من أجل مصلحة اليمن، وقد جعلت المملكة العربية السعودية منه أولوية قصوى بالنسبة لها، وهي التي لا يوجد في قاموسها سياسة مزدوجة المعايير، فهي تصبر أحيانًا وتغض الطرف في مرات أخرى، لكنها تحسم الأمور في النهاية، وعليه فإن أي تطور حسن يحققه اليمن سيعود لهذا الاتفاق الذي حشد له التحالف وعمل من أجله، فهو الأساس لأي حل سلمي للأزمة اليمنية، فقد أثبتت السعودية من خلاله أنها قائدة للسلام العربي مثلما فعلت في اتفاق الطائف من أجل لبنان، وتأكيدًا على نجاح دبلوماسيتها في إيجاد حل للأزمة، وما تقدمه من رسالة بالغة الأهداف والمعاني السامية والمقاصد عميقة الأبعاد، ووضوح الغاية التي ترسخ للسلام وتدعو للتعايش والاستقرار والنمو والانطلاق نحو مستقبل أفضل .
أيضًا يؤكد الاتفاق الاستجابة الفاعلة من الرئيس اليمني والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، والقادة العسكريين على الأرض، بعدما قدموا مصلحة اليمن كوطن أمام كل الاعتبارات والتحديات التي تنتظرهم (الاقتصادية – الخدمية، والعسكرية) التي تفاقمت نتيجة الصراع بين مكوّنات الشرعية، وأن الطريق لا يزال طويلا لإيجاد حلول للأزمات الاقتصادية ورواتب الموظفين، وعودة الحياة الطبيعية، والحصول على معالجات للبنك المركزي؛ حتى لا تتفاقم أزمات البلاد التي وصفت بأنها الأسوأ عالميا، وأن اليمن يشهد أسوأ أزمة في العالم، حسب ما تحدثت به الأمم المتحدة، خصوصا بعد انهيار العملة اليمنية وارتفاع أسعار الغذاء، وانتشار الأمراض والأوبئة.
كل ذلك من المرجح أن يدعو الطرفين إلى عدم تضييع الوقت والفرص والتعاون للنهوض بالوضع في بلادهم وفق الخطط المعدة، والعمل من داخل اليمن لتحقيق السلام في كامل أرجائه، وإعادته إلى منظومته العربية في أسرع وقت ممكن، وتتويج جهود التحالف في توجيه البوصلة، وإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، واستغلال ردود الفعل العربية والدولية المرحبة بالاتفاق، وعدم الانزلاق من جديد في مشاكل لا تخدم إلا “الحوثي وإيران” الخصمين الحقيقيين لكل اليمنيين، وأي محاولة للقفز إلى الأمام لتجاوز بنود الاتفاق وتنفيذه، فهي قفزة للخلف نحو السقوط، واستشعار بأن الحوثيين لا يريدون السلام تنفيذاً للرغبات الإيرانية، والضغوط من جميع المكونات والأطياف والتضييق عليهم؛ للوصول لحل وسلام شامل ودائم هو الأجدى، ثم العمل على تكوين خطة حكومية استراتيجية وطنية تشمل كل المؤسسات، بحيث تكون جزءا منها لمواجهة المخاطر والمؤامرات، عندها لن تجد صعوبة في أن تضطر لخوض معارك جانبية عبثية غير محمودة العواقب والنتائج، وأن ما يحدث في العراق وسوريا خير مثال ودليل.