سياسيون وخبراء عسكريون يهاجمون غريفيث بعد دعوته للحكومة والانتقالي تشكيل فريق للتفاوض مع الحوثيين

طرحت التصريحات الأخيرة للمبعوث الأممي مارتن غريفيث حول اقتراب الحل النهائي في اليمن الكثير من التساؤلات حول الجديد الذي يحمله هذه المرة والذي جعله أكثر تفاؤلا باقتراب قطار السلام.

يقول رئيس مركز جهود للدراسات السياسية باليمن الدكتور عبد الستار الشميري: إن “دعوة المبعوث الأممي للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي لتشكيل فريق للتفاوض مع الحوثيين من أجل الحل النهائي للأزمة اليمنية، في اعتقادي أنها تغريد خارج سرب المتاح، وحرث في مياه البحر وإضاعة للوقت، فقد اعتدنا على تلك التصريحات منذ وصول مارتن غريفيث مبعوثا لليمن”.

وأضاف الشميري لـ”سبوتنيك”، “تعد تلك الدعوة تكرار لتلك الحلقة المفرغة من التصريحات التي توحي بأن هناك مفاوضات وأمل، وأن هناك مسار سياسي.. كل هذه التصريحات تغطية للفشل الذريع للأمم المتحدة في اليمن على كل الأصعدة، ويجب أن نعلم أن عملية التفاوض للحل النهائي أصبحت بعيدة جدا لأن الأمر أصبح أكثر تعقيدا وليس هناك أي بوادر لحلول سياسية ولو على مستوى الملفات الجزئية وليس الحل النهائي”.

وتابع الشميري، المشكلة اليمنية دخلت دائرة من التعقيد والحسم العسكري فيها متأخر والمسار السياسي معطل ولن يقبل الحوثيين حاليا بأي تنازلات بعدما استقرت لهم دويلة كاملة المعالم والقوة، ولها من الدعم والسند الخارجي الكثير ورقعة جغرافية هامة جدا، والمبعوث الأممي يجد وضعه في حرج لأنه لم يفعل شيء وغير قادر على تحريك أي من الملفات، لذا يقوم بإطلاق مثل تلك التصريحات في كل اللقاءات، بعد الزيارات المتبادلة بين عدن وصنعاء والرياض، وتدخل تصريحاته في إطار الأماني والأحلام غير الواقعية، في الوقت الذي لم تنتهي فيه آثار صواريخ الحوثي باقية في مطار عدن.

مبررات البقاء

وأوضح رئيس مركز جهود، أن “حديث غريفيث عن السلام هو تبرير لبقائه وفريقه الذي أصبح يمثل عبء على القضية اليمنية ويزيدها أسى وتعقيد، حيث يستفيد هذا الفريق من ملايين الدولارات التي تصرف دون جدوى، والقضية اليمنية الآن تحتاج إلى إنعاش حقيقي، وأن تستنهض الشرعية ودول التحالف كل قواها العسكرية والسياسية لإحراز أي تقدم يجبر الحوثيين على الرضوخ والجلوس للتفاوض في أي تسوية سياسية قادمة”.

عوامل رئيسية

من جانبه قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد ثابت حسين: “هناك عاملين رئيسيين يمثلان حجر عثرة أمام التسوية السياسية النهائية، أولهما يتعلق بالحوثيين الذين يرفضون الجنوح للسلام ويستغلون كل مبادرة للسلام كفرصة لإعادة ترتيب أوضاعهم وقواهم ومواصلة الحرب، والعامل الثاني هو القضية الجنوبية والتي كان يتم تجاهلها محليا ودوليا، رغم أنها القضية الرئيسية للحرب، هي قضية نفسية، فالحرب من البداية كانت عبارة عن اجتياح للجنوب بذريعة ملاحقة الرئيس هادي، لكنهم في الحقيقة كانوا يريدون القضاء على الحراك الجنوبي”.

وأضاف، كان هدف الحوثيين كما قلنا القضاء على الحراك الجنوبي الذي تبلور في العام 2007 وما قبلها لاستعادة دولته، هاتين القضيتين إن لم يتم وضعهما بالاعتبار فلن تنجح جهود المبعوث الأممي، وستكون تلك المبادرة محطة جديدة لمواصلة الحرب كما سبق”.

القرار اليمني

وأشار الخبير العسكري، إلى أن “قرار السلام هو قرار يمني داخلي، لكن للأسف بعض القوى تتبع مشاريع خارجية، فلا يستطيع الحوثيين إنكار أنهم جزء من المشروع الإيراني، كذلك حركة الإخوان المسلمين التي هي جزء من المشروع التركي، لكن في النهاية لو اتفق اليمنيون على قرار فسوف يتغلبون على كل الصعاب، فمثلا قرار الوحدة اليمنية عام 1990 لم يكن قرار خارجي أو دولي على الإطلاق”.

وأكد على أن “اليمن الآن في احتياج لإنهاء هذه الحرب والوصول إلى حلول سياسية جذرية تنهي الأزمة، أما بالنسبة للخارج فالجميع له مصالحه باليمن سواء في الشمال أو الجنوب، وحال تم التوصل إلى اتفاق فإن القوى التي ستقوم على الاتفاق ستكون وقتها قادرة على الأخذ بالاعتبار المطالب الوطنية والمصالح الخارجية”.

موازين القوى

وعلى الجانب الآخر قال عضو المجلس السياسي للحوثيين محمد البخيتي: “إن تشكيل حكومة جديدة وفق ما يسمى اتفاق الرياض لن يغير كثيرا في الوضع الراهن، لأن كل ما حدث هو أن الرياض فرضت على حكومة الفنادق الذهاب إلى عدن ويبقى الحال كما هو عليه لأن القرار ليس بيد هذه الحكومة وإنما بيد السعودية والإمارات والتي قرارها في النهاية بيد واشنطن”.

وأشار في تصريح سابق لـ”سبوتنيك” “موازين القوى الآن باتت تميل لصالح اليمن على حساب دول العدوان لأسباب خارجة عن سيطرتها، وأولها تمكن اليمن من تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية، علاوة على وعي الشعب اليمني وهذان العاملان خارج سيطرة دول العدوان”.

وعن إمكانية لعب الكويت دورا جديدا في وقف الحرب والمصالحة قال البخيتي: “الملاحظ أن الكويت تقدمت بمبادرة منذ بداية الأزمة القطرية السعودية للمصالحة، لكنها كانت تفشل لأن الخلاف كان يمثل مصلحة أمريكية حصلت بموجبها على مئات المليارات من الدولارات من أطراف الأزمة”.

وأضاف، “كما تنافست تلك الدول للتطبيع مع إسرائيل، وعندما تغيرت الأمور حدثت تلك المصالحة، ودور الكويت كان مجرد واجهة، والعامل الأساسي في المصالحة ورفع الحصار هو المصلحة الأمريكية، لذا لا أتوقع دور كويتي في الوقت الراهن لأن العدوان على اليمن لا يزال يمثل مصلحة أمريكية”.

وانتقد رئيس وفد مفاوضات صنعاء محمد عبد السلام الزيارات الأخيرة التي يقوم بها المبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيث، واعتبرها “فارغة المحتوى للتغطية على استمرار العدوان”.

وقال محمد عبد السلام في تغريدة على موقع “تويتر” انشغل المبعوث الأممي الشكليات والزيارات فارغة المحتوى للتغطية على استمرار العدوان والحصار ويتجاهل المعاناة الانسانية الكبرى التي يعاني منها كل أبناء الشعب اليمني المتمثل بالحصار وإغلاق الموانئ والمطارات”.

وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.

وبالمقابل تنفذ جماعة الحوثي هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.

وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم.

وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.

Exit mobile version