مرونة بايدن تمنح الحوثيين شحنة معنوية للتصعيد في اليمن والخارجية الأميركية تعبر عن قلقها على السعودية
شكلت توجهات الرئيس الأميركي جو بايدن دفعة معنوية قوية للمتمردين الحوثيين الموالين لإيران لمواصلة شن المزيد من الهجمات على السعودية، واستئناف القتال في عدة جبهات ضد الحكومة اليمنية.
ويحاول المتمردون الحوثيون تحسين تموقعهم الميداني قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات السياسية مع استئنافهم لهجماتهم على مدينة مأرب آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا شمال اليمن.
وعلى وقع تعزيزات كبيرة دفعها المتمردون إلى مأرب اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بعد توقف دام لعدة أسابيع، ما أدى إلى سقوط العشرات من القتلى من الجانبين.
وتأتي العملية العسكرية الجديدة في مأرب في وقت تتحرك فيه إدارة بايدن باتجاه قلب استراتيجية الولايات المتحدة بشأن اليمن رأسا على عقب، بعدما سحبت الدعم الأميركي للسعودية حليفة واشنطن، بالإضافة إلى العودة عن تصنيف المتمردين الحوثيين منظمة إرهابية.
واستغل الحوثيون مرونة الموقف الأميركي ليواصلوا استهداف السعودية مع استمرار الطائرات المسيرة التابعة للجماعة في ضرب مواقع داخل المملكة.
ودفعت التجاوزات الحوثية واشنطن إلى إنذار الحوثيين بضرورة التوقف الفوري عن شن اعتداءاتهم على السعودية وداخل الأراضي اليمنية.
وأوضحت الخارجية الأميركية في بيان “بالتزامن مع الخطوات التي يتخذها الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب في اليمن ومع تأييد المملكة العربية السعودية الدخول في عملية تفاوضية تنتهي إلى تسوية الأزمة، تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق من استمرار هجمات الحوثيين”.
وطالبت واشنطن ميليشيات الحوثي بـ”الوقف الفوري للهجمات التي تطول المدنيين داخل السعودية، والهجمات العسكرية داخل اليمن، والتي لا تجلب إلا المزيد من المعاناة للشعب اليمني”.
ويرى متابعون أن الموقف الأميركي لا يبدو مقنعا، خصوصا وأن واشنطن هي من مكنت الحوثيين من حافز قوي للتصعيد، من ذلك وقف الإدارة الأميركية دعم التحالف العربي ويشمل ذلك حتى البعد اللوجستي والمخابراتي، فضلا عن إطلاق مسار لوقف العمل بتصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا.
وانتقدت الحكومة اليمنية قرار واشنطن إلغاء تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، حيث قال معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ” الأحد، إن “التلويح بإمكانية التراجع عن تصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية يرسل إشارات خاطئة للحوثيين، ومن خلفهم إيران، بمواصلة نهجهم التصعيدي وجرائمهم وانتهاكاتهم بحق المدنيين، وتحدي إرادة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب وإحلال السلام”.
ولفت الإرياني إلى أن إلغاء التصنيف “سيساهم في تعقيد الأزمة اليمنية وإطالة أمد الانقلاب، ويفاقم المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب التي فجرها الحوثيون، ويجعل السلام بعيدا عن متناول اليمنيين، وسيمثل هدية مجانية لنظام طهران لتعزيز سياساته التخريبية في المنطقة وتهديد المصالح الدولية”.
ورغم إعلان بايدن تعيين الدبلوماسي تيموثي ليندر كينغ مبعوثا إلى اليمن في خطوة تعد الأولى من نوعها، وتشديده على ضرورة وضع حد للحرب هناك، فإن الخطوة لا تعني الشروع في عملية سلام سريعة، بحسب الخبراء.
فلم يعلن بايدن صراحة عزمه على تنفيذ خطة سلام بعينها، ولكن تبدو التصريحات مجرد “إثبات حالة” لما قاله إبان حملته الانتخابية قبل أشهر عن ضرورة وقف تلك الحرب.
ومنذ بداية الحرب في اليمن بين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية عام 2015، ظل التدخل الأميركي فيها محدود التأثير نسبيا، وحاولت واشنطن أن تكون قريبة من كافة الأطراف، وفق مراقبين، إلا أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب اعتمدت في نهاية ولايتها قرارا بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وفرض عقوبات على عدد من قادتها، وهو القرار الذي أعلنت إدارة بايدن في 22 يناير الماضي أنها بصدد مراجعته.