ليان طاهر.. قصة طفلة قتلها الحوثي مع والدها وأرداها جثة متفحمة
ليان طاهر فرج، زهرة في ربيعها الثالث، متوهجة ببراءة الطفولة، ورفيقة والدها حينما يخرج من منزله، وآخر خروج لهما كان الأخير، بعدما قضيا معا بصاروخ باليستي أعقبه هجوم بطائرة مسيرة أطلقهما الحوثيون على محطة وقود بمدينة مأرب كانا ينتظران فيها مع غيرهما من المواطنين.
لاحق الحوثيون والدها من منطقته المحم بمديرية خارف بمحافظة عمران، قبل سنوات، حتى أجبروه على النزوح لمدينة مأرب مأوى النازحين والفارين من البطش، ولكنهم تبعوه إليها وهذه المرة بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة أطلقوهما على محطة وقود يوم السبت، لينتقل هذه المرة للآخرة مع ابنته وما إجماليه ٢١ شهيدا حتى آخر تحديث للسلطات المحلية.
في هذا اليوم الذي لف المدينة بالحزن، كان طاهر قد ذهب مع ابنته لمحطة الوقود لتعبئة سيارته، ولم يكن يعلم أن هذا آخر موقف له في حياته مع فلذة كبده، وهناك سبقه قصف الحوثيين ليأخذه وهو يحتضن ليان فيحترقا معا وكانت هي الأكثر، والشاهد على بشاعة الجريمة وفاعلها، قرين الموت والقتل، وتلك هي سيرته منذ بدايتها الأولى بمحافظة صعدة.
ليان بكر والديها
تعلق ليان بوالدها كبير وكذا أبيها بها، فهي باكورة أطفاله ولا يملك سواهما هي وأخيها الذي مايزال في الشهر التاسع من عمره، مثله مثل أي أب يحب أولاده، فكان كلما همّ بالخروج من البيت رافقته في أغلب خرجاته.
يقول عبدالغني فرج – شقيق والدها لـ”أوام أونلاين” :”خرج أخي قاصداً محطة الوقود ليزود سيارته بمادة البنزين ظهر يوم السبت الموافق 5 يونيو، فعندما رأت ليان والدها يتجهز ويرتدي ملابسه، هرعت لوالدتها حاملة بيديها حذائها لتساعدها على ارتدائه وأمها لا تعلم أنها المساعدة الأخيرة لبنتها، وهي تقول لوالدها سأخرج معك يا بابا ؟ يرد عليها بصوت يملأه حنان وعاطفة نعم نعم ستخرجين معي، فهرعت ليان لوالدها وهي منتشية والبسمة تملأ وجهها، وتتمتم قائلة بـ اشتري لي جعالة (شوكولاته) من البقالة”.
الوداع الأخير
وبينما يتابع “عبدالغني” سرد التفاصيل داهمته غصّة لم يستطع المواصلة، أغرورقت عيناه بالدمع، سكت برهة ثم واصل الحديث “صعدت ليان إلى سيارة والدها ثم أشارت بيديها نحونا مع السلامة يا ماما أنا رايحة مع بابا السوق ولم تعلم ليان أنه الوداع الأخير”.
ومضى يقول: “لم أرى ليان تضحك وتشاغب وتلعب معنا مثل يوم أمس قبيل الحادثة بساعات، لم أكن أعلم أنه الوداع الأخير”.
يتساءل بحرقة وحزن كبيرين :”ما ذنب أخي وطفلته وبقية الضحايا كي تستهدفهم مليشيات الحوثي بصاروخ بالستي وطائرة مسيرة مفخخة، لتنهي حياتهما بطريقة بشعة، مرتكبة جريمة فظيعة ترقى لجرائم حرب، أين المنظمات الحقوقية والانسانية، والمبعوث الأممي والأمم المتحدة مما يحدث معنا كنازحين، لماذا هذا السكوت المخزي على هذه الجرائم الفضيعه”.
لم استطع معانقته
كان وقع خبر استهداف محطة الوقود بصاروخ بالستي بعد دقائق معدودة من وقوعه كالصاعقة على والدة الشهيد طاهر فرج، التي بدت بقلب مكلوم، والحزن ولوعة الفراق يفطر قلبها، والدمع يسيل على خدها.
وتحت تأثير الحزن والصدمة، تشرح تفاصيل تلك اللحظات: “هرعت إلى مكان الحادث لأبحث عن ابني وحفيدتي، كنت أعرف أن طاهر ذهب لتعبئة البترول من ذات المحطة، فلما وصلت لم أرى شيئا سوى ألسنة اللهب، وأعمدة الدخان المتصاعد في السماء، لم أستطع التقدم أكثر بسبب تطويق مكان الحادث من قبل أجهزة الأمن وطواقم الإسعاف والدفاع المدني”.
وتضيف والدة الشهيد طاهر – في منتصف الستينات من عمرها – ” كنت أصرخ وأبكي وأبحث عن طاهر بين الناس المجتمعين لكن ما وجدته، أيقنت أن طاهر وليان قد ماتوا، ثم اوصلني ابني بعد ذلك إلى البيت وأنا فاقدة الأمل، وبعدها بساعتين من وقوع الحادثة، ذهبنا إلى المستشفى فوجدنا طاهر وابنته قد فارقا الحياة، لم يتبق منهم غير جثتين محروقتين لا تعرف تفاصيلهما، مات ابني ولم استطع معانقته وضمه إلى صدري، لكن أسأل الله أن يحرق أجسادهم مثلما أحرقوا قلبي”.
صديقة ليان
تقول شذى عبدالغني – ذات الـ 5 أعوام : “كانت ليان صاحبتي كانت تلعب معانا ونلعب معاها ونشتري جعالة سويا، لكنها ماتت رحمها الله، أحرقها الحوثي بالصاروخ، الله بيدخل الحوثة النار، مثلما أحرقوا صديقتي ليان”.