التصعيد العسكري في لودر يُنذر بانفلات صراع الأجنحة داخل الشرعية فماذا يريد الجنرال؟
الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية لا يمثّل العائق الوحيد أمام الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتوحيد صفوف الشرعية المنقسمة من الداخل وتتجاذبها مصالح وأجندات حزبية وخاصة بدأت تتدرّج من صراع الكواليس إلى المواجهات على الأرض التي يعتبر التصعيد العسكري الجاري في لودر مظهرا لها.
أعاد بيان سعودي اتفاق الرياض الموقّع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية إلى دائرة الضوء في أعقاب تصاعد حدّة التوتّر بين الطرفين، وانطلاق شرارة صدام عسكري في لودر كبرى مدن محافظة أبين جنوبي اليمن.
ودعا البيان الذي أصدرته الحكومة السعودية الجمعة “طرفي اتفاق الرياض للاستجابة العاجلة لما تم التوافق عليه ونبذ الخلافات والعمل بالآلية المتوافق عليها وتغليب المصلحة العامة لاستكمال تنفيذ بقية بنود الاتفاق”.
وأشار البيان إلى “أن التصعيد السياسي والإعلامي وما تلاه من قرارات تعيين سياسية وعسكرية من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين”، مؤكّدا اعتبار “عودة الحكومة اليمنية المشكّلة وفقا لاتفاق الرياض أولوية قصوى”.
ورحبت وزارة الخارجية اليمنية بالبيان السعودي. وجاء في تغريدة على تويتر للوزير أحمد عوض بن مبارك أنّ البيان يتضمّن “رسائل واضحة لاحترام الالتزامات المتوافق عليها لوقف التصعيد والتهيئة لعودة الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن”.
وفي تصريح خاص لـ”العرب” قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح إنّ المجلس لم يتخذ أي قرارات تتعارض مع اتفاق الرياض، موضحا أن القرارات التي أصدرها رئيس الانتقالي عيدروس الزُبيدي خلال الأيام الماضية “قرارات داخلية خاصة بالمجلس وتنظيم قوّاته”.
واعتبر أن “من حق المجلس ترتيب بيته الداخلي وليس منطقيا أن نقول إنه يجب تعيين ممثل للمجلس في كندا من قبل وزارة الخارجية اليمنية ولا تعيين قائد لقوات الحزام من قبل وزير داخلية الشرعية”، مبينا “شرحنا ذلك للأشقاء في السعودية وأكدنا التزامنا بوقف كل أشكال التصعيد، لكن الإشكالية تكمن لدى الطرف الآخر الذي لم يتعامل بإيجابية مع ضرورات التعجيل باستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض وهو من اتخذ قرارات وإجراءات مثلت تجاوزا للاتفاق ومنها تعيين رئيس لمجلس شورى دون التشاور وكذلك تعيين نائب عام بالتجاوز ومن خارج سلك القضاء. كما تمت إقالة قائد القوات الخاصة المحسوب على المجلس بالإضافة إلى الانتهاكات بحق أبناء الجنوب في شبوة ولودر”.
كما أكّد صالح أنّ وفد المجلس الانتقالي المتواجد في العاصمة السعودية “جاهز لمناقشة الخطوات التنفيذية لما تبقى من بنود اتفاق الرياض”، آملا أن “يكون هناك ضغط كاف على الطرف الآخر لإبداء جاهزيته لذلك”.
وجاءت التطورات الأخيرة المتصلة باتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في أعقاب تجدد الاتهامات بين الطرفين بالتصعيد الإعلامي والسياسي وإصدار الطرفين لسلسة من القرارات وصفها كل طرف بأنها انتهاك لبنود اتفاق الرياض.
وتأتي التداعيات بالتوازي مع حالة تصعيد على الأرض في مدينة لودر بمحافظة أبين شرقي عدن عزتها مصادر يمنية مطلعة إلى “صراع خفي بين أقطاب الشرعية”.
وشهدت مدينة لودر إحدى أكبر مدن أبين اشتباكات مسلحة وتظاهرات شعبية احتجاجا على تعيين وزير الداخلية في الحكومة اليمنية مديرا لأمن المديرية متّهما بربط صلات مع تنظيم القاعدة، فضلا عن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين.
وقالت مصادر محلية في لودر إنّ مدير الأمن وافق على تسليم منصبه ولكن بشرط تعيين مدير آخر يحظى بثقة أبناء القبائل في المنطقة التي تخشى من عودة نشاط القاعدة وتنفيذ عمليات انتقامية ضد المدنيين الذين شكّلوا في وقت سابق لجانا شعبية تمكنت من طرد عناصر التنظيم.
وفي تصريح لـ”العرب” حول خلفيات الصراع الذي تشهده المنطقة كشف الصحافي اليمني صالح أبوعوذل أن أحداث لودر تأتي انعكاسا لحالة الانقسام الشديد داخل الحكومة الشرعية. وأضاف “هناك فصيل يدين بالولاء للرئيس عبدربه منصور هادي وتمثله شخصيات أقل حدّة في مواقفها تجاه الأطراف الجنوبية. وهناك طرف آخر متطرف يتبع نائب الرئيس علي محسن صالح الأحمر يريد الاستحواذ على كل شيء. وهذا الفصيل يقوده في الداخل السياسي اليمني وعضو مجلس الشورى علي محمد القفيش الذي يعد أحد الأذرع المحلية للأحمر”.
وكشف أبوعوذل وهو من أبناء المنطقة أن “نائب الرئيس اليمني عمل منذ فترة على عزل موالين للرئيس عبدربه منصور من مناصبهم العسكرية واستبدالهم بقيادات عسكرية موالية له، ومنهم وزير الداخلية إبراهيم حيدان الذي يدين بالولاء لمحسن صالح ويعمل على تنفيذ أجندته”، مضيفا “أحداث لودر تأتي في سياق التمكين للقفيش والقيادات العسكرية الموالية للأحمر، وتحمل كثيرا من الدلالات خصوصا أنها تجري في المحافظة التي ينحدر منها عبدربه منصور هادي نفسه ودون مراعاة لأي اعتبارات أو حسابات قبلية. وأهل المحافظة يدركون أنّ التمكين لهؤلاء يعني بشكل أو بآخر إفساح المجال أمام تنظيم القاعدة الذي يتوق للثأر من قبائل العواذل في المنطقة”.
وفي تغريدات له على تويتر أكد رئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي اللواء أحمد بن بريك دعم المجلس الانتقالي لأهالي منطقة لودر “ومساندتهم في الحصول على حقوقهم ومطالبهم المشروعة في الأمن والحياة الكريمة.”
وفي نفس الإطار قال المتحدث باسم القوات الجنوبية محمد النقيب تعليقا على الأحداث التي شهدتها منطقة لودر “إنّ الشرعية الإخوانية تهدف إلى توسيع خارطة بؤر التوتر في أبين وشبوة وصولا إلى إحداث واقع عسكري ملتهب يؤدي إلى تقويض اتفاق الرياض، غير أن الدفع بميليشياتها وعناصر القاعدة في محاولة منها لاقتحام مدينة لودر يحمل هدفا مزدوجا وأشد خطورة”.
ولفت النقيب في سلسلة تغريدات على تويتر إلى أن:
عناصر القاعدة الذين يمثلون راس حربة هذا التحشيد، يعتبرون اقتحام لودر معركتهم القديمة وذلك للإنتقام من القبائل التي ألحقت هزيمة ساحقة بالتنظيم عام ٢٠١٢م القبائل وقوات الحزام والمقاومة الجنوبية قد اعدت نفسها بما يكفي لتلقين مليشيات الاخوان وتنظيم القاعدة درسا أشد مرارة من سابقه