عدن نت.. مشروع فاشل للشرعية أم ضحية لمؤامرة هوامير الفساد؟
“أبواق نشاز وإشاعات مغرضة”، بهذه اللغة الحادة عبرت وزارة الاتصالات بالحكومة الشرعية وعلى لسان “مصدر مسئول” عن غضبها من الأنباء التي سرت عن مستقبل شركة “عدن نت”، ورجحت أن مصيرها سيكون الإغلاق أو دمجها مع شركة اتصالات جديدة.
هذه الأنباء سرت بعد تزامن توقف الشركة عن تقديم خدمة الانترنت لمشتركيها في عدن ليومين كاملين، مع الكشف عن قرب تدشين شركة اتصالات جديدة بتقنية الجيل الرابع 4G والتي تقدمها الشركة، ما دفع بالتكهنات عن فشل أو انتهاء شركة “عدن نت”.
الشركة التي دشنها الرئيس هادي في يونيو 2018م، وّصفت حينها بأنها مشروع استراتيجي بلغت تكلفته 100 مليون دولار لتقديم خدمات الجيل الرابع من نقل البيانات لمحافظات الجمهورية بالكامل، ومقدمة لإنهاء سيطرة جماعة الحوثي على ملف الاتصالات.
إلا أن مصير الشركة أكثر من ثلاثة أعوام من هذا الكلام، انتهى إلى ما يشبه الفشل وظلت محصورة بتقديم خدمة الإنترنت في أجزاء من مدينة عدن وبجودة لا تختلف كثيراً عن ما تقدمه “يمن نت” الخاضعة لسيطرة الحوثي، بل أن الشركة لم تتمكن من تغطية الحاجة الكبيرة لخدمة الإنترنت في عدن، ما حول أجهزتها إلى سلعة باهظة الثمن تباع في السوق السوداء بأسعار تجاوزت نحو 3 آلاف ريال سعودي.
وضع غامض ومحير ترفض الشركة والوزارة تقديم أي تفسير لفشل المشروع رغم إمكانياته التقنية الكبيرة، فتأسيس الشركة جاء بعد اكتمال مشروع الكابل البحري Asia-Africa-Europe 1 (AAE-1)، الذي ساهمت فيه اليمن بمبلغ 30 مليون دولار عام 2013م، وانتهى العمل منه في يونيو 2017م، وتم ربط اليمن عبر بوابة رقمية في عدن.
الكابل البحري الجديد البالغ طوله 25 ألف كم يربط حوالي 20 دولة من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر مصر، ويعد من أحدث تقنيات النقل بسرعة 100 جيجابايت في الثانية، مع سعة تصميم لا تقل عن 40 تيرا بايت في الثانية، كانت حصة اليمن منه 1,8 تيرا بايت.
وهو ما يعني نقلة كبيرة في خدمة الاتصالات باليمن بمقارنة مع الكابل البحري القديم والوحيد “فالكون” الذي تعتمد عليه اليمن أو شركة “يمن نت” منذ تأسيسها الذي لا تتجاوز سعته بـ2.56 تيرابايت في الثانية فقط.
المقارنة بين هذه الأرقام تطرح سؤالاً محيراً عن سبب تعثر مشروع “عدن نت” في حين أن الإمكانيات التي يقدمها الكابل البحري الجديد، يشير إلى أن الشركة قادرة على تقديم خدمة انترنت لمحافظات اليمن وبتقنية الجيل الرابع التي تزيد بـ5 أضعاف عن ما تقدمه “يمن نت” المحتكرة للإنترنت المنزلي وما تقدمه شركة “يمن موبايل” المحتكرة لخدمة الجيل الثالث 3G.
وفي ظل غياب أي معلومات من الوزارة والشركة تجيب على هذا السؤال، يمكن تقديم احتمالات للإجابة عنه، أبرزها فشل الشرعية حتى اليوم عن نقل إدارة شركة الشركة اليمنية للاتصالات الدولية “تيليمن”، والتي تعد بوابة الاتصالات الدولية لتزويد شركات الاتصالات المحلية بخدمات الاتصالات، ولا تزال إدارتها تحت يد جماعة الحوثي في صنعاء، رغم إصدار الشرعية قراراً بنقلها إلى عدن في يناير 2019م.
وما يشير إلى ذلك هو الموقع الرسمي للشركة التي تدير الكابل البحري (AAE-1)، فالموقع يورد أسماء المشاركين في المشروع من شركات الاتصالات الحكومية والخاصة، ومن بينها “تيليمن” وبالضغط على الأيقونة الخاصة بها، يتم إحالتك إلى موقع الشركة الخاضع لسيطرة الحوثي، ما يعني أن الشركة لا تزال تعترف بإدارة “تيليمن” الحوثية، ما يرجح أن الشرعية غير قادرة على الاستفادة من مشروع الكابل البحري الجديد، ما يفسر فشل انطلاقة مشروع “عدن نت”.
ما يعزز من هذا أيضاً، هو تصريح المصدر المسئول لوزارة الاتصالات حول وضع شركة “عدن نت”، وشرح فيه أسباب توقفها ليومين كاملين، حيث قال بأن سببه “انقطاع الوصلات الخارجية الممتدة للخط الدولي البحري الرابط بين جيبوتي وعدن”، ما يؤكد أن الشركة باتت معتمدة على هذا الخط الذي تم إنشاؤه عام 1994م وليس على الكابل البحري الجديد (AAE-1).
ترجيح فشل المشروع جراء الفشل العام الملازم لإدارة الشرعية بشكل عام، يقف في مواجهته الأنباء التي سرت مؤخراً عن قرب تدشين شركة اتصالات جديدة في 4 مدن محررة بتنقية الجيل الرابع، على وقع حملة إعلانات ضخمة في شوارع هذه المدن، تحت عنوان غامض #خليك_متصل.
وبحسب مصادر إعلامية فإن الحملة هي تشويق لتدشين مرتقب لشركة “واي” في نوفمبر القادم في عدن ومأرب والمكلا وحضرموت بعد أكثر من سنة ونصف من الحديث عن نقلها من صنعاء وعدن، وتأكيد وزير الاتصالات السابق لطفي باشريف في أغسطس 2020م عن تدشين عملها من عدن، إلا أن الأمر توقف بشكل غامض.
وأثيرت حول الموضوع اتهامات كبيرة تنفي كون الأمر نقلاً للشركة من صنعاء إلى عدن، حيث أكد ناشطون وصحفيون أنها شركة اتصالات جديدة يجهز لها قيادات بارزة في الشرعية وعلى رأسهم جلال نجل الرئيس هادي ورجل الأعمال الإخواني أحمد العيسي بذات الاسم، مستدلين بوثائق لتوجيهات الوزير السابق باشريف بإعفاء أجهزتها من الجمارك.
وبحسب مختصين فإن تدشين الشركة يشير إلى وجود إمكانيات تقنية لدى الشرعية لتقديم خدمات الجيل الرابع عبر بوابة “عدن نت”، وأن الضعف والفشل الذي تعاني منه الشركة الحكومية منذ ثلاث سنوات كانت سياسة متعمدة لإفساح المجال أمام شركات تجارية لتقديم هذه الخدمة وجني أرباح بمليارات الريالات.