ملف بوقائع “مذبحة حوثية” جديدة بحق أبناء تهامة
● أبناء تهامة.. لم ترحمهم المليشيا الحوثية ولم تتركهم لرحمة المنظمات الإغاثية (مستشفى كمران أنموذجًا).
● صراع الاستحواذ ، وحرب (لنهب) التمويلات، وسائل الاحتيال، والإدارة بالتجويع.
● ملف طافح بالممارسات والانتهاكات الحوثية تجاه المجتمع والتمويلات الدولية ومنظمة أدرا.
بعد أن تمكنت المليشيا الحوثية من حوثنة مؤسسات الدولة بشكل عام وتحويلها إلى إقطاعيات خاصة بها، وحرمت المواطن اليمني من الحصول على أبسط الخدمات، بما في ذلك الخدمات والإغاثات المقدمة من المنظمات الخارجية، سعت إلى حوثنة مستشفى كمران الخيري في مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، متسببة بحرمان سكان ثماني مديريات من الخدمات الطبية التي يقدمها المستشفى بعد أن حولته إلى مقر لعملياتها العسكرية في الساحل الغربي.
من المعلوم أن مستشفى كمران الخيري بُني على نفقة مؤسسة كمران الخيرية، فيما قامت منظمة أدرا (ADRA) للإغاثة والأعمال الإنسانية بتشغيله وتأثيثه وتوفير الأجهزة والأسرّة والأدوية ودفع كافة النفقات التشغيلية للكادر الطبي، ليقدم خدماته للمواطنين مجانًا. وقدم المستشفى خدماته لكل الحالات الإنسانية دون استثناء، فضلا عن قسم الطوارئ الذي كان يعمل على مدار 24 ساعة، ويحيل الحالات الطارئة والحرجة إلى مستشفى الثورة العام بالحديدة على نفقة منظمة أدرا.
صراع الاستحواذ
أُغلِق المستشفى لفترة طويلة بسبب صراع حوثي مع مؤسسة كمران للتنمية، للسيطرة على الدعم الأممي الكبير الذي يحصل عليه المستشفى عبر منظمة أدرا (ADRA) التي أوقفت دعمها للمستشفى وطاقمه مؤخراً، بسبب هذا الصراع مما انعكس سلباً على المستفيدين من الخدمات الطبية التي توفرها المستشفى وتستفيد منها ثماني مديريات مجاورة.
وبعد إثارة قضية مستشفى كمران وحيثيات توقفها وإغلاقها، في مجلس النواب الخاضع للمليشيا في العاصمة صنعاء، وما تلى ذلك من اجتماعات ومفاوضات طويلة بين مؤسسة كمران ومنظمة أدرا من جهة ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، عاد مؤخراً المستشفى للعمل الشكلي مع غياب شبه تام للخدمات التي كان يقدمها قبل توقفه، لا سيما بعد أن حولته المليشيا الحوثية إلى غرفة عمليات عسكرية، لرصد وشن هجمات معادية لاستهداف القوات المشتركة في الساحل الغربي.
وكان النائب البرلماني عن حزب المؤتمر بمديرية المراوعة أسامة محمد قاسم عمر، أثار قضية مستشفى كمران في مجلس النواب الخاضع للمليشيا في صنعاء، وطالب بكشف دوافع التآمر على المستشفى وإيقاف خدماته وتقليص دوره بعيداً عن خدمة الصالح العام.
حيثيات.. وثكنات
افادت مصادر مطلعة لـ”الساحل الغربي” بعودة المستشفى للعمل شكليًا في ظل غياب الخدمات والآلية التي كان عليها سابقًا، بعد أن تمكنت المليشيا الحوثية من الإشراف الإداري عليه. “المليشيا عملت على تحويل مستشفى كمران الخيري إلى ثكنة عسكرية واستخدامه غرفة عمليات عسكرية لها، لرصد وشن هجمات معادية لاستهداف القوات المشتركة في الساحل الغربي”، قال للساحل الغربي قائد مقاومة المراوعة سامي باري.
وتكمن أهمية مستشفى كمران الخيري في تقديمه للخدمات الطبية لثماني مديريات، خصوصًا في المرحلة الراهنة، نظرًا لصعوبة وصول المواطنين من تلك المديريات إلى مستشفيات مدينة الحديدة، بسبب قطع مليشيا الحوثي عددًا من الطرقات، ومنها طريق كيلو 16، وقد كان له دور كبير فى المنطقة لمعالجة الأمراض والأوبئة التي حصلت في الفترة الأخيرة.
حرصت شركة كمران للصناعة والاستثمار على أداء مسؤولياتها الاجتماعية بتميز وتفوق يعكس مكانتها كشركة رائدة حققت إنجازات كبيرة، حيث كانت ولا تزال هي الشركة السباقة في دعم ورعاية الكثير من البرامج الاجتماعية والتنموية والإنسانية خلال العقود الماضية. ومن هذه البرامج الاجتماعية، بناء عدد من المستشفيات، أبرزها مستشفى كمران الخيري، فضلًا عن دعم وبناء وترميم العديد من المساجد، ودعم دار رعاية وتأهيل الأيتام، وبناء العديد من المدارس الحكومية والمعاهد التقنية والمراكز التعليمية ورعايتها للكثير من الأنشطة والفعاليات المجتمعية التنموية بشتى مجالاتها.
التمويل مغرم المليشيا
رغم فشل مليشيا الحوثي في إدارة كافة المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها وتدني الخدمات فيها إلى أدنى المستويات التي شهدها القطاع الصحي في اليمن منذ عام 1962م، زاحمت المليشيا على هذا المشروع بهدف إدارته والسيطرة على الدعم المالي واللوجستي، وتسخير ذلك الدعم لمصلحتها. وتسببت المليشيا الحوثية في حرمان المديرية من الدعم العلاجي الذي تقدمه المنظمة للمستشفى حيث كانت تقوم بصرف أدوية الأمراض المزمنة والحالات النفسية شهرياً للمرضى، وشكل انقطاعها عبئًا كبيرًا على المرضى وأسرهم في ظل الظروف الصعبة، ناهيكم عن عيادة الأطفال والطوارئ وعيادة النساء والولادة وكروت التحويل للحالات الطارئة إلى مستشفى الثورة العام بالحديدة على حساب المنظمة والتي توقفت مؤخرًا نظرًا للخلاف الذي اختلقته المليشيا بغية الاستحواذ على الدعم المادي الذي تقدمه منظمة أدرا للمستشفى والمقدر بـ 300 مليون ريال.
الحوثي يقتل أبناء تهامة
وتسببت التدخلات الحوثية في تدهور الخدمات في المستشفى، حيث اشترطت المليشيا أن يكون المستشفى تابعًا لمكتب الصحة إداريًا وتعيين مدير للمستشفى من قبل مكتب الصحة الخاضع للمليشيا. ويرى مراقبون، أن هذه الشروط أثرت على العمل في المستشفى، كون تدخل مكتب الصحة في عمل المنظمة سيجعله مستشفى حكوميًا وإدخال رسوم يدفعها المريض مقابل الخدمات الطبية والصحية وهذه كارثة حقيقية كون المال والرسوم دخلت إلى المستشفى، وهنا يبدأ البيع والشراء في المستشفى، والضحية المواطن المريض الذي لا يجد لقمة العيش. ووفقًا للمراقبين، ستقوم الإدارة الجديدة المعينة من المليشيا الحوثية بتوفير بعض الأدوية ويتم الضغط على الأطباء بكتابتها في الوصفة للمريض، وسيضطر المريض لشرائها مثل المستشفيات الحكومية في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا، المنظمات موجودة فيها ولكن كل شيء بفلوس.
الضغط والإجبار وسائل احتيال
المليشيا لا تستطيع أن تعين مديرًا لمستشفى كمران من قبل مكتب الصحة، لأن المنظمة استلمت المستشفى من مؤسسة كمران الخيرية وهي مسؤولة عن تشغيله وترميمه وكل شيء، لذا لجأت إلى الضغط على مؤسسة كمران الخيرية لتسليم المستشفى لمكتب الصحة في المحافظة. المستشفى يفد إليه المواطنون من جميع المديريات ومن خارج محافظة الحديدة، لكن المليشيا الحوثية أزعجها العمل الخيري، لأنها مادية مائة بالمائة ولا توجد لديها ذرة إنسانية فهي تحاول النيل منه لمصالحها الشخصية. وطبقًا للمراقبين، فإن منظمة (ADRA) المشغلة لمشروع مستشفى كمران الخيري تنفذ عملها وتشرف عليه وعلى موظفيها وتحاسبهم ولا يتدخل مسؤولو الصحة بهذا، وهذا ما يزعج المليشيا.
الإدارة بالتجويع
في غضون ذلك، أفادت مصادر طبية، بإرسال المليشيا الحوثية لجاناً تقول إنها تتبع زارة الصحة العامة والسكان تأتي إلى المستشفى كل يومين للتفتيش ومساءلة الكادر العامل بالمستشفى “هذا أين يتورد؟ هذا بكم اشتريتوه؟ هذا بكم بنيتوه؟ هذا الموظف كم تعطوه راتب؟ ليش تعطوا رواتب مرتفعة للموظفين؟”. وطبقًا للمصادر، قام مكتب الصحة بالضغط على المنظمة وإجبارها على تخفيض مرتبات الكادر الطبي، وتبديل العقود التي كانت تعطيها المنظمة للموظفين الأساسيين والتأمين الصحي والإجازات السنوية. “يتم الضغط على المنظمة من قبل اللجان التابعة للمليشيا من أجل تغيير العقود حتى لا يبقى هناك موظف متعاقد مع المنظمة براتب شهري، واستبدال ذلك بنظام حوافز عن طريق مكتب الصحة التابع للمليشيا، لكي يبتلع مكتب الصحة ثلث راتب الموظف المسكين، ومن ثم يتم حرمانهم من التأمين الصحي والإجازات، هذا هو نظام الحوافز الذي تسعى المليشيا إلى فرضه”.