هل أدركت أميركا أن الحوثيين لايرغبون بالسلام؟
يمن الغد/ تقرير – عبدالرب الفتاحي
يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية أجرت تغيرات حيال سياسة تعاملها مع جماعة الحوثيين، بعد أن شعرت أن التشدد الحوثي حيال الواقع السياسي والعسكري في اليمن، قد يزيد من معاناة اليمنيين لسنوات أخرى دون الوصول لحلول أو الاتفاق على خيارات قد تدفع الاطراف المتصارصة للاتفاق على حل سياسي للصراع.
التساهل الامريكي
خلال السنوات الأخيرة كانت الولايات المتحدة تتعامل مع الحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء، بحالة من الرضاء وكان الدور الامريكي يقوم على سياسات رتبت لأجندة قد تكون أحد الاسباب التي دعمت وجود الحوثيين كقوة جديدة، وذلك لخلط الاوراق في اليمن وفق التوجهات الامريكية مابعد ما عرف بالربيع العربي، والذي فرض نوع من الإنقسام وتعزيز خريطة الحرب وتفكك بعض الدول العربية، لتبدأ حالة من التجاذبات في المنطقة والذي عزز الوجود الايراني بالمنطقة، حيث تعاطت معه ايران كمؤشر على قوتها وتأثيرها وتعزيز لنفوذها في المنطقة، من خلال دورها في دعم المليشيا وهو ما مكَّن حلفاءها من تحقيق سيطرة كاملة على خريطة بعض الدول وعزز قوة المليشيا فيها لتصبح خاضعة للنفوذ الايراني وأجنداتها في المنطقة نتيجة للتساهل الامريكي والسعي الاميركي لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير.
عملت الولايات المتحدة على وضع نوع من الترتيبات لمعالجات كانت تحاكي الرضى الامريكي لوجود الحوثيين والسير وفق هذا الاجندة، إذ تمكن الحوثيين من تنفيذ واقع سيطرتهم على الدولة اليمنية، إذ كان الموقف الامريكي الأقرب للحوثي ،من أي موقف أخر خلال السنوات السابقة، والذي تميز بعدم الوضوح والتعامل مع الحرب في اليمن بإعتبارها ذات طبيعة متشابهة من أزمة المنطقة الطويلة في نطاق المجالات السياسية والدينية.
بعد اقتحام الحوثيين للسفارة الامريكية في بداية شهر نوفمبر اعتدت قوات تتبع مليشيات الحوثي على مبنى السفارة الامريكية، واعتقلت موظفين يعملون فيها وهو ما آثار حالة من الغضب الامريكي حيث رأت في ذلك تجاوزاً للأعراف الدبلوماسية.
أراد الحوثيون من الولايات المتحدة من خلال اقتحام السفارة أن تخفف أمريكا الضغط على الجماعة لوقف هجماتها على مأرب، والذي كان للولايات المتحدة موقفا معارضا للهجوم الذي زعزع الحلول، وقد يفشل الترتيبات الامريكية لانهاء الحرب.
كما أن الدور الايراني واضح من خلال قيام الحوثيين بمثل هذه الخطوة، ربما يريد الايرانيون وضع اميركا في موقف محرج تضطر معه لتوقف مساعيها وتحركتها في رسم خريطة الحل في اليمن، والحوثيون يرغبون أن يضعوا الجميع أمام خيار التعامل مع ايران والتي لها القوة في الواقع السياسي والعسكري .
لكن أمريكا بعد مرور حرب اليمن السبع صارت تدرك أن الحوثيين ليسوا غير جماعة برهنت على أنها لم تحدد موقفها، حيال الالتزام بالحلول السلمية ومازالت تتجه باليمن لتصبح في مسار كارثي في حال تمادت الجماعة ،في تصعيدها العسكري ورفضها للحلول السياسية.
الضغط الأقصى
غيرت الولايات المتحدة من خطابها ولهجتها تجاه الحوثيين وهذا ما أدركته الحماعة المتخوفة من أن يعزز مثل هذا الموقف تغيرات جوهرية قد تصب لصالح خصومهم.
يرى شوقي عبد الله عبيد وهو محلل سياسي أن امريكا وضعت مسار جديد لوقف حالة العداء الحوثي لكل القوى الداخلية والخارجية.
وأضاف أن أمريكا أرادت أن تجري بعض التغيرات السياسية والعسكرية وتغير تعاطيها مع الواقع اليمني، وهذه رسالة فهمها الحوثيون سواء من خلال تزويد امريكا للسعودية بمنظومات دفاعات جوية، وهذا ما عزز الخوف لدى الحوثي من أن هجماتهم في الداخل والخارج لن ترسم اي توازن جديد ،بل ستكون مقدمة لعمل عسكري واسع ضدها، قد يفقدها اي تفوق أو مساحة تحت سيطرتها .
وقال شوقي ” الحوثيون مابعد قيام قوات الساحل بإحداث تقدم واسع أصبحوا قلقين أكثر على مستقبلهم كما ان الغارات الجوية التي استهدفت عدة مواقع في صنعاء، كانت ربما بناء على معلومات استخبارية امريكية للسعودية، مما قد يضعف الألة الحوثية العسكرية والسياسية المدعومة من ايران والتي يجب أن تدرك حجمها الحقيقي .
في بداية 2021 توجهت إدارة ترمب لتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية ،وهي خطوة وضعت هذه الحركة المدعومة من ايران، في هذه الائحة وبناء على هذا فإن هناك قيود دا سياسية واقتصادية ضدها .
وليد الحريري، مدير مكتب نيويورك في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية اعتبر أن تصنيف جماعة الحوثيين المسلحة، كمنظمة إرهابية بمثابة محاولة من إدارة ترامب لتصعيد حملة “الضغط الأقصى” على إيران. ولكن على مستوى اليمن.
وأضاف: كان السعي الامريكي لوضع الحوثيين في هذه القائمة سيحد من الوصول الدبلوماسي الغربي للحوثيين، فعلى سبيل المثال، شارك دبلوماسيون أمريكيون في التوسط في صفقات صغيرة لتبادل الأسرى سهلتها عُمان.
وأشار إلى أنه بغياب أي ضغوط أمريكية – يحظر تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية هذا النوع من التواصل معها- سيكون لدى الحوثيين مجالًا أوسع للمماطلة وتجاهل مناشدات الأمم المتحدة لتقديم تنازلات.
ورأى أن النهج الأكثر فاعلية هو استهداف أعضاء جماعة الحوثيين، كما أوصت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الصادر في يناير/كانون الثاني 2020 وكما ستوصي بذلك مجددًا في تقريرها المرتقب حسبما أكد مركز صنعاء.
لكن في 12 فبراير أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ألغى تصنيف جماعة الحوثي اليمنية منظمة إرهابية أجنبية، بدءا من 16 فبراير شباط، لكنه حذر من إمكانية فرض مزيد من العقوبات على أعضاء بالجماعة.
وتحرك الرئيس جو بايدن سريعا لإلغاء التصنيف بهدف تخفيف حدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية اليمنية.
وقال بلينكن في بيان “القرار اعتراف بالوضع الإنساني المريع في اليمن”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكيةحينها إنه تقرر أيضا رفع التصنيف عن ثلاثة من زعماء الحركة، هم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم، وذلك اعتبارا من 16 فبراير شباط.
عرقلة الحل
حسان يحيى شاهر ناشط سياسي يعتقد أن الامريكيين يشعرون أن الحوثيين هم من يضعون العراقيل، ويريدون فرض خيار الحرب .
وشدد على أن امريكا تعاطت مع الحوثيين بشكل مرن ومنحتهم الكثير من الفرص، وحاولت الوقوف امام خصومهم وإرادت اعتبارهم قوة حقيقية وفعالة .
وقال ” الحوثيون أصروا على تحقيق مشروع ايران وفرض خيار القوة ،وتماهو مع اجندتها وحاولوا تصعيد الموقف سياسيا وعسكريا، وتراجعوا عن التزاماتهم وهذا ربما قد يدفع الولايات المتحدة في حال أدركت أن الحوثيين جزء من المشكلة، ولديهم قناعة بإستمرار الحرب و يرفضون الحلول مما قد يجعل الولايات المتحدة، تدعم استخدام العمل العسكري للقضاء على وجود الحوثيين كخيار نهائي.