عاصمة “قتبان” تقهر الحوثي وتضرب الاخوان في الخاصرة
لم يمض على سيطرة الحوثيين على مديرية “عسيلان” شمال غرب شبوة غير 3 أشهر ليتم تطهيرها في عملية عسكرية خاطفة لـ”العمالقة”.
ويشكل تحرير مديرية عسيلان في وادي بيحان أهمية استراتيجية بالغة وضربة موجعة لمليشيات الحوثي؛ ونظيرتها الإخوانية التي سلمتها في سبتمبر/أيلول الماضي، دون قتال للانقلابيين المدعومين من إيران.
وأعلنت ألوية العمالقة، السبت، نجاح عملية “إعصار الجنوب” بتحرير وتطهير مديرية عسيلان بمحافظة شبوة، ودحر مليشيات الحوثي منها ضمن عملية عسكرية واسعة تستهدف تحرير أيضا مديريتي “بيحان” و”عين” من قبضة الانقلابيين.
ويأتي انطلاق العملية العسكرية الخاطفة والمفاجئة بالنسبة إلى الحوثيين عقب 5 أيام فقط من وصول ألوية العمالقة إلى شبوة، وإعادة انتشارها العسكري في جبهات المحافظة الحدودية مع مأرب والبيضاء وأبين وحضرموت.
وعسيلان هي موطن مدينة “تمنع” عاصمة مملكة “قتبان”، إحدى حضارات اليمن القديمة التي ترجع للقرن الـ5 قبل الميلاد، ذات التأثير القوي بشبه الجزيرة العربية، لكن آثارها ظلت منسية لقرون حتى تم اكتشافها بين 1895و1950 من قبل البعثات الدولية المتعاقبة.
أهمية عسيلان
تعد اليوم عسيلان موطن قبائل “بلحارث”، أحد أعرق القبائل العربية، وكانت عام 1948، مسرحا لمعركة “شمسان” إحدى أهم الشرارات الجنوبية التاريخية ضد الاحتلال البريطاني، التي قادتها “بلحارث” في مواجهة المستعمر، بحسب المؤرخين.
جغرافيًا تصل مساحة عسيلان لنحو 3 آلاف و232 كيلومترا مربعا، وتعد امتداد لوادي بيحان وصحراء الربع الخالي وتضم عديدا من الجبال في الجزء الجنوبي، أهمها جبل “حيد بن عقيل” الذي حررته ألوية العمالقة في المرحلة الأولى من العملية العسكرية.
وتضم عسيلان منجما تاريخيا للملح الصخري، وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي تم اكتشاف أحد أهم حقول النفط في المديرية لتكون موطنا أصيلا لتركز الثروة النفطية.
ويعد حقلا “إس 1” و”جنة هنت”، في وادي جنة بصحراء عسيلان من أهم حقول النفط، حيث كان القطاعان هدفا لحملات أطماع مليشيات الحوثي والإخوان في مسعى لتمويل أنشطتهم الإرهابية.
تهاوي الأطماع الحوثية والإخوانية
تحرير عسيلان يشي بالكثير من المؤشرات التي تؤكد أن العمليات العسكرية لن تقف عن حدود مديريات شبوة، بل ستتعداها إلى عمق سيطرة مليشيات الحوثي؛ عطفا على الامتداد المكاني لتهاوي مشروع الإخوان هنا.
وبحسب قائد الشرطة العسكرية في شبوة سابقا العقيد محمد البريكي فإن “عسيلان تعد من أهم مديريات شبوة، وهي مديرية نفطية وإحدى بوابات المحافظة وتسكنها أهم القبائل وهي قبيلة بلحارث”.
وأضاف، أن “هذه الأهمية للمديرية جعلها محل أطماع مليشيات الحوثي والإخوان، حيث سعى الإخوان بعيد سيطرتهم على شبوة إلى طرد أبناء المديرية من المنشآت النفطية وإحلال عناصر موالية للتنظيم الإرهابي”.
وأشار إلى أن سياسة حزب الاصلاح الإخواني فجرت حربا شرسة بين مليشياته وأبناء قبيلة بلحارت وأدت إلى سقوط عديد الأرواح من الطرفين، لكن في نهاية المطاف انتصرت بلحارث، صاحبة الأرض.
وعقب ذلك، وفق المسؤول العسكري السابق، دخلت مليشيات الحوثي عسيلان بتواطؤ من الإخوان وانتفضت قبيلة بلحارث وقدمت خيرة شبابها قبل أن تتدخل ألوية العمالقة وتسحق المليشيات في معركة خاطفة.
وانتقد البريكي خذلان بعض الوحدات العسكرية الموالية للإخوان والتي تسعى لنسب الانتصار لها وتقتات من النفط والضرائب والقات والجبايات.
وأشار إلى الدور المحوري للعمالقة بدعم من التحالف بقيادة السعودية لتحرير عسيلان، فيما ستلاقي المليشيات الحوثية مصيرا محتوما الساعات المقبلة في كل بيحان، على حد قوله.
شرارة البداية
يعتبر تحرير عسيلان في أول أيام عام 2022، بداية لمعركة أوسع لن تقف عند عين وبيحان، وسوف تتجه لفك حصار مأرب والتوغل في قلب مناطق شمال اليمن والتي يتخذها الحوثيون منطلقا لإرهابهم.
وتكمن الأهمية الجيوعسكرية التي تتمتع بها المديريات الثلاث، عسيلان وبيحان والعين، في تسريع انهيار مليشيات الحوثي، ليس فقط في شبوة، ولكن في مناطق سيطرة الانقلابيين بالمحافظات المجاورة.
وهذا الارتباط بين المديريات الغربية لشبوة، والمحافظات المتاخمة فرضته الجغرافيا المتصلة التي تجعل من هذه المنطقة في غاية الأهمية، استراتيجيا وعسكريا واقتصاديا.
وتتاخم عسيلان مباشرةً المديريات الجنوبية من محافظة مأرب، ما يجعلها ذات أهمية على مستوى مسرح العمليات العسكرية الحالي.
وأكد الباحث السياسي ووكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب أن الاستراتيجية العسكرية ستأخذ بعدها الوطني والعربي في شبوة، وأن تحرير المحافظة “مسألة وقت”، بينما النقلة الأكبر ستكون في البيضاء المجاورة.
واعتبر غلاب أن إعادة تموضع قوات العمالقة اليوم من الساحل الغربي، ووصولها اليوم إلى شبوة، ستكون غدا في البيضاء، وستنعكس نتائجها في مأرب، ضمن استراتيجية إعادة بناء قواعد الحرب اليمنية.
وأضاف أن مليشيات الحوثي وصلت إلى ذروة قوتها بالهجوم على مأرب واحتلال ثلاث مديريات في شبوة، والضربة القادمة ستكون قاصمة، وسنشاهد القوى الوطنية على حدود صنعاء، وبعدها ليس أمام المشروع الإيراني في اليمن إلا الاستسلام أو الانتحار.