تحقيق بريطاني يكشف شبكات وطرق تهريب الأسلحة للحوثي عبر سواحل عُمان
كشف تحقيق أمني بريطاني، مع مهرب أسلحة محتجز، عن شبكات وطرق تهريب الأسلحة الإيرانية لمليشيا الحوثي في اليمن، عبر سواحل سلطنة عمان.
واستجوب محقق بريطاني، بحاراً محتجزاً منذ أشهر يدعى “محمد” عمل ضمن شبكة تهريب على متن قارب ضبطته البحرية الأمريكية، أثناء ما كان ينقل شحنة أسلحة مهربة، في الطريق إلى الحوثيين.
واعتقل “محمد” بعد عودته من مدينة الحديدة اليمنية إلى مسقط رأسه في (بوزار) لزيارة أمه المريضة، وذلك بعد مصادرة البحرية الأمريكية لشحنة الأسلحة الإيرانية، فيما معظم الطاقم مكثوا في الحديدة.
صياد سابق أصبح خبير ملاحة
وكان “محمد” يعمل صيادا في البحر، قبل أن يتم تجنيده إلى شبكة تهريب أسلحة معقدة، تضم مهربين من إيران واليمن وسلطنة عمان، وآخرين من جنسيات أفريقية.
وبعد تغيير مهنته أصبح “محمد” خبيرا في الملاحة البحرية وتورط في الأنشطة البحرية الأخرى مثل التهريب، وفق ما جاء في نص التحقيق الأمني الذي اطلع عليه “نيوزيمن”.
وانتزع المحقق من “محمد” معلومات مهمة عن شبكات تهريب الأسلحة للحوثيين، بعدما أوهمه بأنه يعمل مع الأمم المتحدة، ويقوم ببعض الأبحاث حول الأمن والأسلحة في اليمن والصومال.
يقول المهرب إنه وبعد انتهاء موسم الصيد أراد العودة مع صديق له يدعى محمد عمر (كلاهما صياد) من منطقة (شِكر) إلى مسقط رأسيهما ولكن بعد ذلك تلقى مكالمة من شخص من مسقط رأسه اسمه عمر الكميري، وهو متورط في عمليات التهريب.
وأضاف إن المتصل سألهما أين أنتما..؟ وقالا نحن في (شِكر) وسنعود إلى المنزل. فأخبرهما الأول بأن لا يعودا. “هناك بعض الأشياء نود القيام بها”.
يقول المهرب المحتجز: “تحدثت إلى والدي أنني سأعمل لفترة أطول قليلا حتى منتصف شهر رمضان (رمضان الماضي). ثم بعدها ذهب مع صديقه إلى فندق شبام حيث ينتظرهم أشخاص آخرون هم: عبد الكريم سليل (القبطان)، ومحروس محنش (مساعده) وأيضا سعيد ياسين زكاري وأخوه عبدالله ياسين زكاري وطلال صافي وعبد عبده اير.
وكان سعيد ياسين وعبدالله ياسين، وطلال صافي، وعبده اير، يتولون مهام تجهيز القارب ويقومون بإعداد الصناديق ومن ثم ينطلق الطاقم كاملا لأخذ شحنة السلاح من قارب آخر ليتم تهريبها بحرا.
قارب عماني
وكشف “محمد” خلال استجوابه من قبل المحقق البريطاني، عن اسم القارب الآخر، الذي أوصل شحنة السلاح (صادرتها البحرية الأمريكية في بحر العرب في وقت سابق) إلى قاربهم، وقال إنه قارب عماني واسمه (شامسي).
وقال إنه لم يعرف مالك القارب الآخر أو طبيعة عمله حتى أوضح له الأعضاء الآخرون على القارب انهم ذاهبون إلى السواحل العمانية ليأخذوا شحنة الأسلحة.
وأضاف إنهم غادروا في الثالث عشر من رمضان الماضي واستغرقت رحلتهم أربعة أيام ثم انتظروا لمدة أربعة أيام أخرى لوصول الشحنة إليهم.
مهربون إيرانيون إلى سواحل سلطنة عمان
يقول محمد: “وبعد أربعة أيام من الانتظار، قدم قارب آخر بعد غروب الشمس، فأمرنا قبطان القارب بالتنحي جانبا. وبعد ذلك قام الأعضاء الآخرون الذين احضروا الشحنة بالتعامل مع نقل الأسلحة من قارب المورد إلى القارب الذي نحن فيه.”.
وذكر أن عملية نقل شحنة الأسلحة من القاربين استمرت من الساعة 7 مساء حتى 1 صباحا (6 ساعات) ثم بعد أن انتهوا، سأل قبطان قاربهم (عبد الكريم): من هم هؤلاء الذين قاموا بالنقل؟ فقال القبطان: “الإيرانيون”.
لقد أخبرهم القبطان أنهم إيرانيون، وهذا كل شيء. لم يقدم أي معلومات أخرى.
ووفقا لاعترافات المهرب المحتجز، فإنهم تحركوا بعد استلام شحنة الأسلحة الإيرانية في السواحل العمانية، باتجاه بوصاصو (الصومال).
كيف ضبطت البحرية الأمريكية الشحنة؟
وأثناء ما كانوا في طريقهم إلى الصومال، ظهرت مروحية تحلق فوقهم لكنهم واصلوا الإبحار، وبعد ذلك وصلت سفينة أمريكية وخرج منها حوالي 10 الى 12 ضابطا وصعدوا على متن القارب وقاموا بتفتيشه، وعندما عثروا على الأسلحة اقتادوا المهربين إلى سطح السفينة وجعلوهم يستلقون على بطونهم، وبعد ذلك استجوبهم الضباط الأمريكيون كلا على حدة.
يقول “محمد” إن قبطان القارب، كان قد أخبره بأن يجيب على أي أسئلة بأنهم جاءوا من (شِكر) وذاهبين الى سقطرى، مقابل منحه 100 ألف ريال يمني. رغم أن وجهتهم الفعلية كانت بوصاصو وليست سقطرى.
وكانت خطة إيصال السلاح إلى الحوثيين في اليمن، (لو لم يتم مصادرة القارب من قبل الأمريكيين) التوجه إلى “بوصاصو” وهناك سيتم نقلها إلى قارب آخر، ثم سيأخذها (محروس وعبد الكريم) إلى الغيظة بمحافظة المهرة اليمنية. وتلك ستكون نقطة التسليم.
ووفقا لـ”محمد”، فإن الفريق الذي كان من المقرر أن يتسلم الشحنة منهم كل من: الخميري، محمد ياسين، عبدالله ياسين، وطلال صافي، ليتولوا نقلها إلى مكان اسمه (Oradea) كما جاء في نص النسخة العربية من التحقيق.
ماذا حدث بعد ذلك؟
بعد انتهاء البحرية الأمريكية من الفحص والقيام بجميع عمليات نقل الأسلحة من القارب إلى السفينة ومغادرة الأخيرة، واصل المهربون رحلتهم إلى (بوصاصو) في الصومال.
وعندما وصلوا إلى الصومال اتصلوا بـ”علي الحلحلي” (مهرب أسلحة) وسألوه: ما هي الخطة؟.. فقال لهم الأخير: “اذهبوا نحو الحديدة اليمنية”، وهو ما تم بالفعل.
غير قبطان القارب مسار وجهتهم إلى الحديدة، ووصلوا بعد رحلة استغرقت أربعة أيام، وهناك استقبلهم المدعو (مجاهد الحلحلي) شقيق علي الحلحلي وهذا الأخير قيادي حوثي ومهرب أسلحة خطير.
في غضون ذلك نقلهم الحلحلي إلى فندق ليوم واحد، ومن ثم أخذهم إلى منزل قيادي حوثي يدعى محمد سالم ومكثوا في منزله ليلتين، وفي اليوم التالي نقلوهم إلى صنعاء، ومكثوا في منزل الحلحلي.
وبسؤال المهرب المحتجز حاليا عما إن كان يعرف موقع منزل الحلحلي في صنعاء، قال إنه يقع في مكان يسمى (حي هبرة) بين سعوان ونقم، وإلى جوار مطعم يسمى التل الأخضر.
وعن دور (الحلحلي) في عملية تهريب الأسلحة، وعلاقته بالحوثيين يقول محمد إنه قيادي حوثي وكان يعمل في تجارة السلاح والتهريب لفترة طويلة ويمتلك مبنى شاهقا في صنعاء.
ثم ماذا بعد؟
وقام القيادي الحوثي بنقل المهربين مرة أخرى إلى الحديدة وهناك أخضعوهم لدورات تثقيفية في مزارع بمنطقة الصليف، ثم وعودهم بإعطائهم في المقابل 1500 دولار.
وبعدها عاد “محمد” إلى مسقط رأسه في (بوزار) لزيارة أمه المريضة وهناك اعتقلته السلطات، فيما معظم الطاقم مكثوا في الحديدة.