آخر عنوان مشرق يُطمس في صنعاء
يمن الغد / تقرير – عبد الرب الفتاحي
وسط انتقادت تطال ممارسات جماعة الحوثيين ونهجها الرامي لتصفية الثقافة والفكر.. أختارت الجماعة مواجهة اشكال الثقافة والمعرفة المستقلة ،سواء المكتبات أو غيرها من الانشطة الثقافية والأدبية والنشاطات الفكرية بشكل واسع .
التعبئة السوداء:
ويعمل الحوثيون حاليا بجدية أكثر لإغلاق المكتبات التي تعرض الكتب الثقافية والروائية والدينية ، وتعزز بذلك قبضتها لجعل الواقع الفعلي يخضع لطبيعة النهج السياسي والقمعي لها ،وفرض لون واحد من التعبئة المرتبطة بمخططها وتصوراتها، لتكون أدوات جهلها حرة في نشر الخرافات والفوضى والجهل .
وأغلقت جماعة الحوثيين مكتبة أبى ذر الغفاري والتي أمتلكت أكثر من فرع في العاصمة صنعاء ،خلال العقود الماضية لتساهم في زيادة المعرفة والقراءة ،و أرتباطها بنوعية الكتب المعروضة وطبيعتها الفكرية .
وجسدت مكتبة أبي ذر نموذج معرفي راقي حيث انها كاتت تقوم بعرض وبيع الكتب، التي تتوزع بين الديني والسياسي والروائي والنقدي والفكري ،وضمت في رفوفها أشهر الكتب لأكثر المفكرين شهرة ،من توفيق الحكيم ونجيب محفوظ والدكتور محمد عابد الجابري ،والروائي البير كامي وجابرييل ماركيز والمفكر الامريكي نعوم تشومسكي وغيرهم .
يربط سامي نعمان صحفي ليمن الغد التوجة الحوثي على أنه يعزز نهج الجماعة بإقصى الفكر والتراث والثقافة والمعرفة والحضارة، ومنع اليمن من اللحاق بركاب التقدم خاصة مع الظروف الصعبة التي تحيط باليمن نتيجة الحرب ،وفرض جماعة الحوثي للفوضى والتدمير وانهاك اليمنيين بحروبها وسياستها .
ويؤكد نعمان أن سبب مواجهة الحوثيين للمكتبات ودوائر الثقافة والأدب والمعرفة، يقوم وفق نهج منظم ومخطط من قبل الحوثيين يهدف لعزل المجتمع واقضاء الثقافة والغاء الهوية، واحلالها بإفكار طائفية وعنصرية تجعل اليمنيين يعتمدون في اساليبهم ونهجهم وفق معيار النظام الايراني
وقال نعمان ليمن الغد ” مليشيات الحوثي تخوض مواجهة عنيفة منذ اليوم الاول مع المثقفين ،وكذلك فهي تخاف من الكتاب والصحافة ومن الاعلام ومع نخب المجتمع ومع أي فكر، أو أي توجة يتعارض مع ممارسات وسياسات الحوثيين العنصرية “.
وأضاف ان هناك مثقفون وأدباء تعرضوا للانتهاكات والتضيق ،حيث عملت جماعة الحوثي على منع أي فعاليات ثقافية أو أدبية وأجتماعية،إلا بموافقة وبترخيص منها .
وتحدث سامي نعمان ما تعرض له أحد المثقفين والموظفين في وزارة الثقافة، والذي توفى تحت التعذيب حيث اعتقل الحوثيين خالد الحيث ،واستمر في سجونهم حتى تخلصت منه الجماعة .
وتطرق إلى التخلص الذي قامت به جماعة الحوثيين للناقد والاديب محمد ناجي احمد الذي تعرض لحادث في نهاية ديسمبر من العام الماضي ،حيث كان الحادث المروري مدبر ومخطط له وامام نقطة عسكرية، وتجاهلت السلطات الحوثية مطالب أسرته بالتحقيق في القضية وقيدها ضد مجهول بإعتبار ذلك حادث جنائي .
ورأى نعمان ان الحوثيين يسعون إلى تصفية المثقفين ومواجهة الثقافة واحلال مسيرتها العنصرية، التي ترتبط بها وهي لا تمثل اليمنيين وليست جزء من تأريخهم وحضارتهم ومنظومة قيمهم ومعتقداتهم .
تعزيز النهج الحوثي:
فائز عثمان مهدي” شاعر ” يعتبر أن الدور الذي اختارته الجماعة في اقفال المكتبات ومواجهة الادباء والمثقفين، هو نهج اختارته جماعة الحوثيين للتعاطي مع سلطتها الموجودة ،ومنع اعتماد المجتمع على خياراته التي يحصل منها على معرفته وتوجهاته .
ويفند فائز طبيعة اساليب المواجهة الحوثية للمكتبات على أنه امر اعتيادي وأعتبر أن مخطط الحوثيين مدروس ،وهو ازالة الثقافة الحقيقية التي ترتبط بالعقل والاختيار والاستقلالية ، وهذا ماجعلها تعمل على فرض هيمنتها على الواقع الثقافي وذلك لمنع المجتمع من تكوين قنعته وفكره والحوثيين بذلك يواجهون اختيار الناس، للكتب المستقلة التي تنمي فكرة الحرية والاستقلالية .
وقال” تدرك جماعة الحوثيين أنها جماعة متخلفة أتت لتعزيز الجهل ،وفرض الفوضى وهي كالعادة تخاف من كل الادوات الثقافية والمعرفية الحقيقية، حيث تعمل الجماعة على التضيق ومحو كل خيارات المعرفة والثقافة ،التي تعتمد على وعي الناس وهي بذلك تعمل على تهيئة الواقع، ليكون أكثر تقبلا لما تصدره الجماعة من تشوهات وبشاعات وتجاوزات وجهل .
تصفية المكتبات:
وعلقت المحلله السياسية والناشطة ميساء شجاع الدين في حسابها في تويتر بالقول ” اغلقت نهائيا وبقرار محكمة أهم مكتبات صنعاء “ابي ذر”، ضمن سلسلة طويلة من اغلاق المكتبات لأسباب اقتصادية وقمعية سياسية”
ورأت أن صنعاء اكبر حواضر اليمن وبعدد سكان ٢ مليون ،تخلو كليا من المكتبات سوى المكتبات الدينية. هذا شيء لا يقل بشاعة عن قتل البشر وتدمير البنية التحتية.
وحاولت جماعة الحوثي قبل 3 سنوات من إغلاق مكتبة أبي ذر ،حيث طلبت محكمة تابعة الحوثي في صنعاء بإفراغ مكتبة “أبو ذر الغفاري” من محتواها وإغلاق أبوابها نهائياً، بعد أن أثرت المشهد الثقافي اليمني لأكثر من 40 عاماً.
التجريف:
الاعلامي السعودي بدر القحطاني وصف ماتقوم به جماعة الحوثيين بالتجريف .
وقال “استهداف الحوثيين لكل ما يتعلق بالثقافة والتعليم والتفكير على أنه ، يحتاج بحثا ورصدا وتحليلا فالتجريف الذي يرتكبه وكلاء إيران ببعض الدول طال الثقافة والتعليم وأضرها كثيرا، لكن ما يحصل في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أشبه باقتلاع كامل لهوية وثقافة وفكر وتعليم وتاريخ “.
الاعلامي حمود منصر على صفحته في تويتر أبرز أهمية مكتبة أبي ذر الغفاري ،والتي أعتبرها آخر عنوان مشرق يمحى في صنعاء الحضارة والتاريخ والفن والجمال.
وقال ” يطفئون النور، ولا يدركون أنهم لن ينموا في الظلام، يغيبون العقل، ولا يعلمون أن جنونهم لن يقود إلا إلى الهلاك، يفتتحون المقابر، ويغلقون المدارس والمكتبات، ويحهم.”