«الحوثي» يصعّد «حرب التجويع» ويستولي على المساعدات
وسط تنديد واسع النطاق بتصعيد ميليشيات «الحوثي» الإرهابية حرب «التجويع» التي تشنها ضد ملايين اليمنيين، كشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة النقاب، عن أن مزيداً من الأسر في هذا البلد، باتت عاجزة عن الحصول على قوت يومها، وإطعام أطفالها، مع اقتراب الصراع اليمني، من دخول عامه التاسع.
وفي إشارة واضحة إلى العراقيل التي تصر ميليشيات «الحوثي» على وضعها في طريق الوكالات الإغاثية الدولية العاملة في اليمن، حذر مسؤولو البرنامج من أن أي إعاقة لأنشطة هذه المنظمات، تؤدي إلى تدهور سريع للوضع الإنساني في البلاد، لا سيما وأن الاستجابة المنسقة التي أبدتها الفرق التابعة لها على مدار السنوات الماضية، هي التي حالت دون وقوع كارثة هناك حتى الآن.
ومن جانبه، حذر المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في البلاد ديفيد غريسلي، أمس، من أن «وضع العاملين في مجال الإغاثة بات مقلقاً، وسط تعرضهم للعديد من حملات التضليل والتحريض»، لاسيما مع تزايد الحاجات الإنسانية في اليمن، بينما تسعى الميليشيات «الحوثية» إلى السيطرة على المساعدات الغذائية.
وأكد غريسلي أن الهجمات ضد عاملي الإغاثة هذا العام شهدت زيادة «منذرة بالخطر»، مضيفاً، في بيان، نشره مكتب المنسق على «تويتر» بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، أن «العنف والتهديدات ضد العاملين في المجال الإنساني يقوضان عملية تقديم المساعدات، ويعرضان أرواح من هم في أمس الحاجة إليها للخطر».
وأظهرت تقديرات جديدة، نشرتها الوكالة الإغاثية التابعة للأمم المتحدة، أن نسبة الأسر اليمنية التي تعجز عن توفير الغذاء الكافي لأبنائها، قفزت خلال الشهر الماضي بنسبة تتراوح ما بين 50 و55 في المئة، بفعل ارتفاع قيمة الحد الأدنى لـ«سلة الغذاء»، بما بين 40 و75 في المئة تقريبا، على مدار الأشهر الـ12 الماضية.
وحذرت الوكالة في الوقت نفسه، من أن مشكلة انعدام الأمن الغذائي، بلغت مستويات مرتفعة على نحو خطير، في 20 محافظة من أصل 22 يتألف منها اليمن، وسط ارتفاع لأسعار البنزين والديزل في جميع أنحاء البلاد خلال يوليو الماضي، وتضاعف أسعار الوقود، بواقع الضعف في بعض المناطق.
ووفقاً للتقديرات، التي نشرها موقع «ريليف ويب» التابع للأمم المتحدة، تتفاقم مشكلة انعدام الغذاء، بوجه خاص في محافظات مثل لحج والضالع وشبوة وأبين، كما تزيد تكاليفه بشكل أكثر وضوحاً في محافظة تعز، التي ترفض الميليشيات الحوثية الإجرامية، فك الحصار المفروض عليها منذ أكثر من سبع سنوات، رغم أن ذلك مدرج ضمن بنود الهدنة السارية في اليمن، منذ مطلع أبريل الماضي.
ويقود الحصار الحوثي، إلى تقلص إمدادات الغذاء الواصلة إلى هذه المحافظة، التي يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة، خاصة مع فرض مسلحي العصابة الانقلابية، إتاوات على دخول شاحنات البضائع إلى تعز، بما يزيد تكاليف التنقل المرتفعة من الأصل، بين المناطق اليمنية المختلفة، بسبب ارتفاع أسعار الوقود. ويحذر مسؤولو برنامج الأغذية العالمي، من أن أكثر من 17 مليون يمني، باتوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وسط توقعات بأن يصل العدد إلى 19 مليوناً على الأقل، بحلول ديسمبر من العام الجاري، وذلك في وقت يتواصل فيه انخفاض سعر العملة المحلية بنسبٍ بلغت أحياناً أكثر من 20 في المئة، مع استمرار شُح العملات الصعبة.
لكن «برنامج الأغذية العالمي»، أقر باضطراره إلى مواصلة تقليص مساعداته لملايين اليمنيين بسبب نقص التمويل، وهو ما أدى خلال الفترة الأخيرة، إلى خفض حصص الإعاشة المقدمة لنحو 13 مليون يمني مهددين بالجوع، وذلك بنسبٍ تتراوح ما بين 50 و75 في المئة.
وبحسب متابعين للشأن اليمني، لم ينعكس التراجع الراهن في وتيرة أعمال العنف بفضل الهدنة، بشكل كافٍ على وضع الأمن الغذائي، وذلك جراء استمرار ارتفاع أسعار الأغذية، والسلع الأساسية غير الغذائية في الأسواق، بسبب عوامل داخلية وخارجية، وهو ما يُنذر بأن يرتفع عدد اليمنيين، الذين يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة، إلى سبعة ملايين شخص، بحلول نهاية العام الجاري.
يذكر أن المكتب الأممي كان أكد في أحدث تقرير له الأسبوع الماضي أن القيود التي تفرضها جماعة «الحوثي» على العاملين في المجال الإنساني وتحركاتهم تسببت في إعاقة وصول أغلب المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها في البلاد خلال الربع الثاني من العام الجاري 2022. وأوضح أنه من إجمالي 532 حادثة تقييد وصول للمساعدات الإنسانية، أبلغ عنها الشركاء في المجال الإنساني، خلال الفترة (أبريل، مايو، يونيو) من العام الجاري، تم تسجيل حوالي 89% منها في المناطق التي تسيطر عليها جماعة «الحوثي».