نص إحاطة المبعوث الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ لمجلس الأمن
شكرا سيدي الرئيس،
اسمحوا لي بدايةً بالترحيب بالأعضاء المنتخبين حديثاً في هذا المجلس. أتطلع قدماً للعمل بشكل وثيق معكم، من أجل التوصل الى تسوية سلمية، دائمة، وشاملة للنزاع في اليمن.
يسعدني أن أقدم الإحاطة الأولى لهذا العام من اليمن. لقد أجريت اليوم مناقشات إيجابية وبناءة مع القيادة هنا في صنعاء، متمثلة بمهدي المشاط، وأتطلع قدماُ لمواصلة هذه المحادثات. في الأسابيع الأخيرة، أجريت أيضًا مناقشات مثمرة مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وكذلك مع أصحاب المصلحة الإقليميين في الرياض ومسقط. آمل أن نتمكن من البناء على هذه المناقشات لضمان أن يتيح عام 2023 مستقبلًا أكثر سلاماً وازدهاراً لرجال ونساء اليمن.
السيد الرئيس،
قبل مناقشة الوضع الراهن وسبل المضي قدماً، اسمحوا لي أولاً بتسليط الضوء على الوضع كما هو على أرض الواقع. مازال الوضع العسكري العام في اليمن مستقرا. فلم يكن هناك تصعيد كبير، ولا تغيرات في خطوط المواجهة الأمامية. أقدر استمرار الأطراف مواصلة اظهار ضبط النفس على الجانب العسكري بشكل عام. ومع ذلك، ما زلنا نشهد نشاطات عسكرية محدودة على خطوط الجبهات وتحديداً في محافظات مأرب وتعز والضالع والحديدة ولحج وكذلك على منطقة الحدود السعودية اليمنية. أسفرت هذه الأنشطة العسكرية، للأسف، عن سقوط ضحايا من المدنيين. أدعو الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي. إن النشاط العسكري المقرون بلهجة الخطابات السلبية والتدابير السياسية والاقتصادية التصعيدية تخلق وضع يمكن من خلاله ان يؤدي مجرد سوء من التقدير لإعادة إشعال حلقة من العنف يصعب تداركها. أحث الأطراف على مواصلة العمل من أجل تمديد أطول فترة من الهدوء النسبي شهدناها خلال السنوات الثماني الماضية، والتي وفّرت فترة من الراحة كان يتطلع لها الشعب اليمني بشدّه.
ان عدم اتساع نطاق القتال هو أمر إيجابي لاستمرار البنود العاملة في ظل الهدنة. فمنذ أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ في 2 نيسان/أبريل العام المنصرم، نقلت 97 رحلة تجارية ما يقرب من 50.000 مسافر بين صنعاء وعمان، تم تسيير 46 رحلة منذ انتهاء الهدنة في 2 تشرين أول/أكتوبر 2022. وعلى صعيد اخر، دخلت 81 سفينة وقود ميناء الحديدة، منها 29 سفينة دخلت بعد انتهاء الهدنة. أرحب باستمرار هذه التدابير التي تتيح لرجال ونساء اليمن الاستمرار من الانتفاع بفوائد الهدنة حتى بعد انقضائها بشكل رسمي في 2 أكتوبر.
السيد الرئيس،
اسمحوا لي الآن أن أنتقل للحديث عن الوضع الراهن لجهود الوساطة. لقد كنت على تواصل مستمر مع الأطراف، وكذلك مع دول المنطقة. ركزت المناقشات على خيارات تأمين اتفاق بشأن خفض التصعيد العسكري وتدابير لمنع المزيد من التدهور الاقتصادي وتخفيف تأثير النزاع على المدنيين. ومع ذلك، نعلم ومن خلال التجربة بأن التدابير قصيرة المدى والنهج التدريجي الذي يركز على القضايا الفردية لا يمكنه إلا أن يوفر راحة مؤقتة وجزئية، وهو السبب في انخراطي واشراك الأطراف من أجل تضمين هذه التدابير الفورية في رؤية أكثر شمولية لضمان المضي نحو تسوية أكثر شمولاً، بما في ذلك وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني واستئناف العملية السياسية.
نشهد حالياً نشاطاً دبلوماسياً مكثف على الصعيد الإقليمي والدولي لحل النزاع في اليمن، أود أن أجدد تقديري لجهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في هذا الصدد. إننا نشهد خطوة محتملة لتغيير مسار هذا النزاع المستمر منذ 8 سنوات. ان المحادثات الجارية هي فرصة لا يجب إهدارها وتتطلب إجراءات مسؤولة. في حين أن الدعم الإقليمي والدولي أمر حاسم في كل من مرحلتي التفاوض والتنفيذ لأي اتفاق، أود أيضاً التأكيد على أهمية تولي اليمنيين زمام العملية. لا يمكن معالجة العديد من القضايا المطروحة على الطاولة بشكل فعّال، خاصةً القضايا المتعلقة بمسائل السيادة، إلا من خلال حوار شامل بين اليمنيين. يواصل مكتبي إجراء المشاورات مع مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة اليمنيين، بما في ذلك الأحزاب السياسية، والمجموعات النسائية والمجتمع المدني، وهو ما يساعد على ضمان عدم تحديد أجندة المفاوضات من قبل الأطراف المتحاربة، وأن الجوهر الذي تم تطويره ومناقشته مع الأطراف، يسترشد بمجموعة من الرؤى والمصالح المتنوعة من قبل اليمنيين.
السيد الرئيس،
لا يزال الوضع معقدًا ومتقلّباً، فبناءً على المناقشات التي أجريتها مؤخراً مع الأطراف، أود أن أشير بأن جهود الحوار المختلفة في الأشهر الماضية أتاحت تحديداً أوضح لمواقف الأطراف ووضع خيارات لحلول مقبولة للطرفين متعلقة بالقضايا العالقة. ومع ذلك، من المهم أن يتم تأطير المناقشات حول طريق قصير المدى للمضي قدماً في سياق نهج أكثر شمولاً يرسم مساراً واضحاً نحو تسوية سياسية مستدامة. لا يمكن عرض بعض القضايا على طاولة المفاوضات بمعزل عن غيرها. هناك تحديات متصلة وكذلك مخاوف بشأن الضمانات من قبل جميع الأطراف، وهي أمور يتعيّن معالجتها، بالإضافة إلى العمل نحو رؤية مشتركة لإنهاء النزاع، من الضروري أيضاً تجزئة هذه الرؤية لخطوات ملموسة قابلة للتنفيذ، وإلا ستنشأ تحديات ستتسبب في تأخير مرحلة التنفيذ. في نهاية المطاف، يجب اتخاذ خطوات لتسهيل عملية شاملة بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة لحل النزاع بشكل مستدام.
السيد الرئيس،
اسمحوا لي أن أختتم الإحاطة بالتأكيد بأن المناقشات المكثفة الجارية قد شجعتني. يحتاج اليمنيون لاتفاق يتضمن رؤية مشتركة للمضي قدماً ولتجنب العودة للنزاع الكامل. أحث الأطراف للاستفادة القصوى من مساحة الحوار التي خلقت بفضل عدم اتساع نطاق الاقتتال.
أود أيضاً أن أكرر تقديري الصادق للدعم المستمر من هذا المجلس. إن الموقف الموحد لهذا المجلس يرسل إشارة واضحة إلى الأطراف اليمنية بأن المجتمع الدولي يتوقع، لا بل ويلتزم بمساعدتهم، لإحراز تقدم نحو تسوية شاملة ومستقبل أكثر سلاما.
شكرا سيدي الرئيس.