منذ اندلاع الأزمة اليمنية كانت دولة الإمارات العربية المتحدة السباقة في مد يد العون والمساعدة لأشقائهم اليمنيين في مختلف المحافظات دون استثناء، عبر حزمة من المشاريع الإغاثية والإنسانية والتنموية التي بثت روح الحياة وعززت الأمن والاستقرار وخففت الكثير من المعاناة عن المتضررين والمحتاجين.
وشملت المساعدات الإماراتية، أغلب القطاعات الحيوية من الاجتماعية، والصحية، والمساعدات السلعية، والنقل والتخزين، والتعليم، وقطاع صيد الأسماك، والبناء والتنمية المدنية، وتوليد الطاقة وإمدادها، والمياه والصحة العامة، إضافة إلى دعم الحكومة اليمنية خصوصاً في الجانب الاقتصادي والمؤسسات والقطاعات الخدمية والمجتمع المدني.
جزيرة ميون، أو كما يطلق عليها أيضاً جزيرة بريم، هي جزيرة يمنية مأهولة بالسكان تقع على مدخل مضيق باب المندب، وتبلغ مساحتها 13 كم² وترتفع إلى منسوب 65 م، فوق مستوى البحر وإدارياً تتبع محافظة عدن. ويعتمد السكان على مهنة صيد الأسماك كمصدر دخل رئيس.
وعلى مدى سنوات طويلة، ظلت الجزيرة وأبناؤها يعانون من الحرمان من أبسط الحقوق وتردي الخدمات الضرورية من صحة وتعليم وكهرباء ومياه وغيرها. ومع اندلاع الحرب الحوثية العبثية زادت تلك المعاناة وأصبح السكان يواجهون مشقة العيش في البقاء على الجزيرة.
وعقب تحرير الجزيرة وتأمينها من قبل قوات ألوية العمالقة والقوات المشتركة في الساحل الغربي في أكتوبر من العام 2015، سيرت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية عدة قوافل إغاثية إلى الجزيرة، بهدف التخفيف من معاناة الأهالي وتوفير لهم المتطلبات الغذائية الأساسية. واستمر الدعم الإماراتي خلال السنوات المتعاقبة في الكثير من الخدمات والمجالات المرتبطة بحياة ومعيشة السكان.
لم يقتصر الدور الإنساني الإماراتي في الجزيرة على تقديم المساعدات من أغذية وأدوية، بل توسع الدعم إلى مساعدة الأهالي لإعادة البناء والإعمار، ضمن رؤية متكاملة التزمت بها قيادة الإمارات الرشيدة وعلى مسارات متوازية تنموياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وإنسانياً.
فرحة بناء الجزيرة
ومنذ مطلع العام 2023، بدأ أبناء الجزيرة يجنون ثمار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها وتبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في إطار حرصها على تحسين الأوضاع المعيشية للسكان وانتشالهم من الحالة الصعبة التي عاشوها على مدى عقود.
وخلال الأيام الماضية تم الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من مشروع دولة الإمارات العربية المتحدة الهادف إلى إقامة وحدات سكنية متعددة للأسر الفقيرة والمحتاجة من أبناء جزيرة ميون. وشملت المرحلة الأولى إنجاز نحو 25 منزلاً متكاملاً سيتم تسليمها لأبناء الجزيرة وفق آلية متفق عليها.
المشروع سيسهم في إنهاء معاناة تلك الأسر التي كانت تقطن في العشش والمنازل الضعيفة المعرضة للتدمير والانهيار وتساعدهم على تأمين منازل آمنة تساعدهم على الاستقرار المعيشي والأمن والأمان.
وجاء إنجاز المرحلة الأولى بزمن قياسي منذ توقيع اتفاقية تنفيذ المشروع المتضمن إنشاء 140 وحدة سكنية في أكتوبر من العام 2022 بين وزير الدولة محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس والشيخ صالح علي سعيد الخرور شيخ جزيرة ميون. كما أن المشروع أيضاً يشمل مشروعات مرافقة للبنية التحتية والخدمات الملحقة من مدارس ووحدات صحية وغيرها من المرفقات التي سيتم تنفيذها على مراحل لإنهاء معاناة سنوات حرمان طويلة عاشها سكان ميون.
زفاف جماعي
فرحة إنشاء الوحدات السكنية الجديدة في الجزيرة تزامنت أيضاً مع احتفالات تشهدها الجزيرة بزفاف 26 عريساً من أبناء ميون، ضمن المبادرة الإنسانية التي يرعاها سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لمساعدة الشباب والشابات على الاستقرار الاجتماعي والأسري وبدء حياة زوجية سعيدة.
وعبر أبناء ميون المستفيدون من العرس الجماعي عن تقديرهم وشكرهم لدولة الإمارات العربية المتحدة على مساعداتهم ودعمهم في إكمال نصف دينهم وتوفير لهم سبل الاستقرار الاجتماعي والنفسي، مؤكدين أن الشباب في ميون يواجهون الكثير من الصعوبات لتوفير متطلبات الزواج وتأسيس حياة جديدة، مثمنين رعاية الإمارات لهم والعناية بهم وتيسير أمورهم وتهيئة الظروف الملائمة لاستقرارهم.
حفل الزفاف لشباب ميون، جاء تواصلاً لأعراس جماعية نفذتها أذرع الإمارات الإنسانية في 11 محافظة ومنطقة يمنية بينها عدن وحضرموت وسقطرى وتعز ولحج وأبين والحديدة والساحل الغربي. حيث بلغ عدد الأعراس التي أقيمت في المحافظات المحررة بدعم ورعاية كريمة من دولة الإمارات نحو 25 عرساً جماعياً، استفاد منها آلاف الشباب والشابات الراغبين بالزواج وتأسيس حياة مستقرة.
مبادرة دولة الإمارات لإقامة الأعراس الجماعية هدفت إلى تعزيز النسيج الاجتماعي وتمتين الروابط العائلية، وتدعيم الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في المحافظات اليمنية المحررة، إضافة إلى كونها تأتي ضمن استجابة الإمارات لمتطلبات الساحة اليمنية من الدعم والمساندة في جميع المجالات.
وتعتمد المبادرة الإماراتية في رعاية ودعم الأعراس الجماعية، لتحقق العديد من الأهداف في مقدمتها تقليل نفقات الزواج وتيسير سبله والحد من الإسراف في المناسبات الاجتماعية وتعزيز قيم التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع اليمني المتجانس ومحاربة مظاهر التباهي والتفاخر في مثل هذه المناسبات.
تجاوز التحديات
المساعدات الإنمائية والإغاثية التي قدمتها وتقدمها دولة الإمارات لأبناء المحافظات اليمنية المحررة على مدار السنوات الماضية، مثّلت العامل الأبرز في تجاوز العديد من التحديات والأوضاع الإنسانية غير الاعتيادية، وساعدت مئات الآلاف من الأسر على النهوض والعودة للحياة في ظل الأوضاع الصعبة التي خلفتها الأزمة والحرب الحوثية على البلد.
وقال الإعلامي والناشط أصيل السقلدي، معبراً عن اعتزاز مواطني الجزيرة بما تقدمه الإمارات من مكرمة لتحسين حياتهم، في تدوينه على صفحته في تويتر: “تدشين المرحلة الأولى من مشروع بناء مساكن لأبناء ميون في الجزيرة وزفاف 25 شاباً من أبناء الجزيرة، كل هذا بدعم أخوي سخي من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة”. وتأتي هذه المكرمة من دولة الإمارات ضمن سلسلة من المشروعات التي دأبت على تقديم يد العون في شتى المجالات العسكرية والاقتصادية والتنموية.