تقرير دولي: إجراءات الحوثي وجهت ضربة قاتلة للاقتصاد اليمني وتهدد بإغلاق وشيك للبنوك
توقع تقرير دولي جديد، حدوث ضربة قاتلة للاقتصاد اليمني، وإغلاق وشيك للبنوك .
وأكد تقرير حول الاقتصاد اليمني والتهديدات التي تواجه سبل العيش في البلد الذي يعيش حرباً طاحنة منذ سنوات، أعدته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن سنوات من الصراع -والإدارات المتنافسة التي أقيمت في صنعاء وعدن- جنباً إلى جنب مع آثار تغير المناخ وضعت الاقتصاد اليمني في وضع هش، أثر على اليمنيين من جميع أنحاء الاختلافات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وأجبرهم على تعديل أعمالهم من أجل البقاء.
ونقل التقرير تحليلاً أعده الباحث، محمد علي ثامر، أن القانون الذي أصدره الحوثيون مؤخرا الخاص بحظر المعاملات الربوية في اليمن، عقد من تعاملات البنوك مع المؤسسات المالية الدولية ويهدد الأطر القانونية التي تحافظ على حقوق المستثمرين وأموالهم وودائعهم، مما يؤدي في النهاية إلى توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد اليمني.
وأصدر مجلس النواب بصنعاء في 21 مارس 2023 قانونًا يحظر جميع أشكال المعاملات الربوية في البنوك التجارية والإسلامية، وتم الإعلان عن القانون الجديد في التعميم الأول الصادر عن البنك المركزي في صنعاء لتنظيم عمل البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويتضمن القانون 13 مادة تحظر كل أشكال الربا في جميع المعاملات المدنية والتجارية التي تتم بين الأشخاص أو الكيانات الاعتبارية، ويعلن أن جميع المنافع الربوية لاغية وباطلة تمامًا.
ووفقاً لتحليل الباحث، تعرضت البنوك اليمنية بالفعل للخطر بسبب تسع سنوات من الحرب الأهلية والاضطرابات السياسية التي أضعفت وضعها المالي وتركتها تكافح من أجل سداد ديونها العامة، التي وزعتها على أقساط صغيرة على فترات طويلة من الزمن.
كما أدى تقسيم البنك المركزي اليمني -في عام 2016- إلى فروع متنافسة مرتبطة بالأطراف المتحاربة الرئيسية في عدن وصنعاء، إلى تقويض القطاع المصرفي اليمني بشدة، وأدت حقيقة اضطرار البنوك اليمنية إلى تنفيذ سياسات نقدية متضاربة واستخدام أنظمة عملات مختلفة إلى زعزعة استقرار الريال اليمني وتقلبه مقابل الدولار الأمريكي.
ونقل التقرير على لسان متخصصين في البنوك والقطاع المصرفي، أن إغلاق البنوك أصبح وشيكاً، كونها لن تتمكن من سداد التزاماتها العامة أو حتى تغطية نفقاتها ما لم تنوع استثماراتها، موضحا أنه في حال قررت البنوك اليمنية اختبار أنشطة جديدة فإنها ستواجه المواد 20 و21 و22 من قانون البنوك اليمني لعام 1998 التي تحظر على جميع البنوك المشاركة في الأنشطة التجارية، لذا الحل الوحيد للتغلب على هذه القوانين هو إنشاء شركات فرعية تقوم بالاستثمارات نيابة عن البنوك، وسيتطلب ذلك وقتًا ومالًا وخبرة، مما يثقل كاهل البنوك ويعرضها للإفلاس والإغلاق.
وأشار التقرير إلى أن تطبيق قانون حظر الفائدة سيؤثر على الوضع الاقتصادي الهش في البلاد ويزيد من سوء الأحوال المعيشية للناس، وسوف يلتهم تنفيذه 1.7 تريليون ريال (3.3 مليار دولار أمريكي) الذي يشكل إجمالي استثمارات البنوك في الدين العام للدولة البالغ 9 تريليونات ريال (17.4 مليار دولار أمريكي)، و3.9 تريليون ريال (7.5 مليار دولار أمريكي) هذا الإجمالي، وأرصدة مودعة كاحتياط للبنوك وشركات التأمين وشركات الاتصالات والبريد.
ولفت التقرير إلى أنه وبالرغم من أن القانون ينص على استراتيجية وطنية لسداد الدين العام، إلا أنه لا ينص على إطار زمني أو آلية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، موضحا أن القانون يحظر جميع أنواع القروض وهو ما سيثبط الاستثمار، لأن المؤسسات المالية لا تستطيع التبرع بأموال مجانية، وستنخفض العمليات المصرفية في نهاية المطاف، وستضطر البنوك إلى اعتماد سياسات تقشف ستؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة، بنسبة 14 في المائة في عام 2022، والذي قدرته دراسة حديثة مولتها (اليونيسف) بنسبة 32 في المائة.
وتشير المؤشرات الدولية ومن أبرزها تقرير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الأممية، إلى أن 17 مليون يمني يواجهون انعدامًا شديدًا للأمن الغذائي، ما لم تنهِ أطراف النزاع في اليمن التصعيد المستمر وتوقف تنفيذ القانون الجديد الذي من شأنه أن يزيد الأمور سوءًا، فسيكون اليمن موطنًا لأكبر عدد من الجياع والفقراء في العالم.
ووفقاً للتقرير، يمكن لليمن أن يسترشد بتجارب ليبيا وإيران، حيث أصدرت ليبيا تشريعات لمنع المعاملات الربوية في 2013 لكنها علقت تطبيقها في 2015 عندما أدرك المسؤولون الأثر السلبي لهذه القوانين على المركز المالي لقطاعهم المصرفي. وفي إيران تمكن صانعو السياسة من إيجاد طرق للتعامل مع مسألة الربا بدلاً من حظره من خلال إنشاء قوانين منفصلة تحل محل قانون عام 1982 لحظر الربا في الخدمات المصرفية. وصدرت تعليمات للبنوك الإيرانية بتوزيع أرباح الأسهم بأسعار ثابتة، أو كرسوم على القروض، أو كحصة من أرباح الشركات.
كما أنشأ البنك المركزي الإيراني (CBI) الحد الأدنى من الأرباح التي يُسمح للبنوك بتحصيلها في المشاريع المشتركة والمضاربات والاستثمارات وتمويل المنتجات ومعاملات التقسيط ومشتريات الائتمان وإيداعات العملاء والعمولات المصرفية، مما أدى في النهاية إلى إنقاذ البنوك الإيرانية.
وأكد التقرير: ما لم تحذو البنوك اليمنية حذوها وتوقف تطبيق قانون مكافحة المعاملات الربوية، فإن الاقتصاد اليمني سيتعرض لضربة قاتلة ستدمر كل ما تبقى من سلامته، مضيفا إن الدولة غير مستعدة لقانون من شأنه أن يعقد تعاملات البنوك مع المؤسسات المالية الدولية ويقوض الأُطر القانونية التي تحافظ على حقوق المستثمرين وأموالهم وودائعهم، وسيؤدي هذا القانون أيضًا إلى تكثيف معضلة الدين العام التي تتعاظم منذ بداية الحرب في عام 2014 نتيجة لفساد الحكومة وسوء السياسات والقرارات الاقتصادية.