غرق “روبيمار” ينذر بظهور “مناطق موت” في البحر الأحمر
عندما غرقت السفينة روبيمار في البحر الأحمر، بعد هجوم لميليشيا الحوثي، كان على متنها 21 ألف طن من الأسمدة التي قد تحفز نمو الطحالب بشكل هائل؛ ما يترتب عليه حرمان الشعاب المرجانية من الضوء وظهور “مناطق موت” تخلو من الحياة البحرية.
وإلى جانب تسرب الوقود، يمكن أن تتسبب أسمدة كبريتات فوسفات الأمونيوم في توفير دفعة مفاجئة من العناصر المغذية في المياه، التي تعد موطنا للشعاب المرجانية النادرة، والثدييات البحرية، وأسماك الشعاب المرجانية؛ ما يؤدي إلى انتشار زبد البحر فوق سطح الماء.
ووفقا لتحذير بحري تم تعميمه على السفن في المنطقة، غرقت السفينة “روبيمار” التابعة للمملكة المتحدة، وهي أول سفينة تُفقد منذ أن بدأت ميليشيا الحوثي في شن هجمات على السفن التجارية في نوفمبر/تشرين الثاني، في مطلع الأسبوع، في منطقة ضيقة بين اليمن وإريتريا على عمق حوالي مئة متر على المنحدر القاري.
وتعج المياه الضحلة نسبيا بالقرب من السواحل بالشعاب المرجانية.
وقال مدير محطة العلوم البحرية في الجامعة الأردنية علي السوالمة، “توجد كمية هائلة من الأسمدة، وموقعها مفزع”.
ومع تكيف الشعاب المرجانية مع ظروف المياه الدافئة، يأمل العلماء في أن يصبح البحر الأحمر ملاذا للشعاب المرجانية مع تغير المناخ الذي يزيد من ارتفاع حرارة المحيطات حول العالم؛ الأمر الذي يزيد أهمية أي تأثير محتمل.
وقالت مصادر في مجال الشحن، إن الصراع في المنطقة يزيد من تعقيد أي عملية لتطهير المياه، ويجعل سفن الإنقاذ تتردد في دخول المياه ذات المخاطر العالية.
ولم تتضح حتى الآن هوية الجهة التي كانت تقدم التغطية التأمينية للسفينة روبيمار المسجلة في بيليز، والتي من المفترض أن تدفع تكاليف أي إجراءات تصحيحية لمعالجة التلوث. ولم يتم التأكد بعد من طريقة تخزين الأسمدة وما إذا كانت هناك تدابير فعالة لمنع تسربها إلى الماء. وحتى الآن، لم يتم الإبلاغ عن وقوع أضرار.
ولكن السوالمة قال، إن غرق السفينة يمكن أن يتسبب في أسوأ كارثة بيئية تشهدها المنطقة منذ أكثر من عقد من الزمن.
وقد تتسبب كمية كبيرة من الأسمدة في تحفيز انتشار ونمو الطحالب بشكل مفرط، وهو ما يستهلك كميات ضخمة من الأكسجين؛ الأمر الذي لا يمكُّن الكائنات البحرية الأخرى من البقاء، ويتسبب هذا في مناطق للموت يغيب عنها أي شكل من أشكال الحياة.
وغالبا ما تحتوي الأسمدة على نسب من مواد كيميائية ضارة وسامة للكائنات البحرية.
وقال محمد الباشا من شركة التحليلات الأمريكية “نافانتي غروب”، إن “مجتمعات صيد الأسماك على طول ساحل البحر الأحمر اليمني في الحديدة وتعز ستتأثر سلبا بالتلوث”، وقد يؤدي هذا إلى تراجع الثروة السمكية والإضرار بسبل عيش الصيادين في هذه المنطقة.
وتعهدت ميليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن بمواصلة إغراق السفن في البحر الأحمر وممر باب المندب الضيق جنوبا، والذي تمر عبره ملايين من براميل النفط، ومئات الآلاف من الأطنان من السلع الصناعية يوميا.
ويمثل غرق السفينة “روبيمار” حالة من الحالات القليلة في السنوات القليلة الماضية التي تغرق فيها سفينة على متنها كميات ضخمة من الأسمدة، وربما يكون الغرق الوحيد في نظام بيئي حساس مثل الشعاب المرجانية.
وفي وقت سابق من هذا العام، اصطدمت سفينة ترفع العلم الألماني كان على متنها ألف طن من الأسمدة النيتروجينية بجسر، وغرقت على الحدود في نهر الدانوب بين صربيا وكرواتيا.
وقالت السلطات الصربية إن الأسمدة انتقلت نحو مصب النهر، وأشار تحليل المتابعة إلى عدم حدوث زيادة في مستوى التلوث.