تواصل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونمها” تحركاتها المضلل خارج نطاق مهامها الرئيسية المتمثلة بتنفيذ بنود اتفاق “ستوكهولم” التي شُكلت من أجلها نهاية العام 2018.
وفي هذا الاطار، قام أعضاء البعثة الأممية برئاسة الجنرال مايكل بيري، بزيارة إلى المناطق المحررة جنوب محافظة الحديدة، والتقى أعضاء الفريق الحكومي، وعقدوا اجتماعًا مع السلطة المحلية في مديريتيّ حيس والخوخة.
وناقش الاجتماع أهم بنود اتفاقية ستوكهولم، والتي تتضمن إزالة جميع الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي، وإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين، بالإضافة إلى التطاول الحوثي والاعتداءات على حرية الملاحة البحرية والانتهاكات المتكررة التي تقوم بها المليشيات ضد الأحياء السكنية والمدنيين.
تنصل البعثة عن مهامها
وركّز الاجتماع على ضرورة فتح الطرقات، بما في ذلك طريق حيس-الجراحي الذي أعلنت القوات المشتركة فتحه للمرة الثانية من جانب واحد، حيث شدد الفريق الحكومي والسلطات المحلية بالحديدة على ضرورة إلزام مليشيات الحوثي بتنفيذ أهم بنود الهدنة الإنسانية وفتح الطرقات أمام المدنيين وتسهيل تنقلاتهم.
وأبدى رئيس البعثة بيري تهرباً من آلية تنفيذ بنود الهدنة، مشيرًا إلى أنهم ميّسرون ولا يستطيعون فرض إحلال السلام، مؤكداً أن ذلك يعود إلى الأطراف اليمنية.
واعتبر موقف البعثة من فتح الطرق، تنصلًا عن تنفيذ مهامها المنصوص عليها في بنود اتفاق “ستوكهولم”، وتحاول البعثة ممارسة أنشطة أخرى بعيدة عن مهامها الحقيقية.
البعثة خارج بنود “ستوكهولم”
ومن خلال متابعة أنشطة البعثة الأممية في الحديدة، يتضح بأنها خرجت عن المهام الأساسية والرئيسية التي شكلت من أجلها وفي مقدمتها مراقبة تنفيذ اتفاق “ستوكهولم”، وهو ما لم يتم من قبل مليشيات الحوثي “وكلاء ايران”.
وما بين عملية رصد ضحايا الألغام الإيرانية التي زرعتها مليشيات الحوثي “وكلاء ايران” في الحديدة، وتأثيث ثلاث مدارس، وزيارة موقع السفينة المختطفة من قبل الحوثيين والإيرانيين “غالاكسي” لإلتقاط الصور التذكارية، ومشاهدة عروض الحوثيين العسكرية، وتحركاتها القتالية مع الايرانيين في الحديدة، وشن هجماتها ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، يتواجد أعضاء البعثة.
انتقادات رسمية للبعثة دون جدوى
ورغم الانتقادات الرسمية التي طالت نشاط البعثة المتواطئ مع مليشيات الحوثي، تواصل تلك البعثة تجاهل ممارسة الحوثيين الإرهابية في الحديدة والساحل الغربي، ومنها شن هجمات ضد الملاحة، ونقل أسلحة إيرانية عبر موانئ الحديدة، وتنفيذ عمليات تهجير قسري لسكان عدد من المناطق والقرى أبرزها من منطقة راس عيسى الساحلية، لصالح تنفيذ مشروع اقتصادي ايراني.
وفي هذا الصدد، انتقد وكيل محافظة الحديدة، وليد القديمي، في 18 ابريل الماضي، موقف بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة أونمها، وعدم اتخاذها موقف جاد تجاه ألغام جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا والتي تحصد المدنيين من أبناء المحافظة بشكل شبه يومي.
ووفقًا للقديمي: “يموت أبناء الحديدة كل يوم في الطرقات والمزارع والمنازل والمدارس والمراكز الصحية التي لغمتها مليشيا الإرهاب الحوثي، ولم نجد بيان لبعثة الأمم المتحدة، يدين هذه المليشيا أو يجبرها على نزع هذّه الألغام، بعثة ميته سريرياً”.
من جانبه، خاطب وزير الدفاع الفريق محسن الداعري، قبل أيام في عدن، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “اونمها” الجنرال مايكل بيري، بأن مليشيات الحوثي الإرهابية لم تف بأي جزء من اتفاق ستوكهولم، وانها كعادتها تنقض العهود والمواثيق في ظل تراخي المجتمع الدولي بإلزامها على تطبيق الاتفاق.
واوضح الداعري، بان المليشيات الحوثية استغلت هذا الاتفاق لتجعل الحديدة منطلقًا لتهديد الملاحة البحرية واستهداف السفن التجارية والنفطية، وكذا استخدمت موانئ المحافظة في عمليات تهريب الأسلحة ووصول سفن إيرانية قادمة من ميناء بندر عباس الى موانئ الحديدة دون اي تفتيش او رقابة أممية ما يتطلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود للضغط على هذه المليشيات الإرهابية.
ومع ذلك كله، لم تبدِ البعثة ورئيسها أي تحركات بشأن مخاطبة المجتمع الدولي للضغط على مليشيات الحوثي لتنفيذ بنود اتفاق “ستوكهولم” المشؤوم لدى اليمنيين.
تحركات عسكرية
ومع استمرار تهرب بعثة الامم المتحدة في الحديدة، من تنفيذ مهامها وممارسة ضغوط على مليشيات الحوثي لتنفيذ بنود “ستوكهولم”، تستمر التحركات العسكرية للحوثيين في الساحل الغربي، بعلم البعثة الأممية “أونمها”، خاصة ما حدث في نوفمبر الماضي من هجوم على منطقة الحيمة الساحلية جنوب الحديدة المكتظة بالنازحين، غداة اجتماع رسمي عقدته لجنة إعادة الانتشار التابعة للبعثة الأممية اونمها بمدينة الخوخة.
وبرر حينها بأن تحركات اللجنة تجري بعلم وتصريح من الحوثيين الذين يفرضون قيودًا عليها، وان ذهابها الى المناطق المحررة في الخوخة، كان بالتنسيق معها ولتضليل تحركات الحوثيين باتجاه الحيمة.
وحينها تحدث مراقبون عسكريون، بأن توقيت الهجوم الحوثي مع اجتماع اللجنة الأممية الأول في المناطق المحررة، يؤكد رفض مليشيات الحوثي تنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي عطلته خلال السنوات الماضية، وان الهجوم يعكس إصرار الحوثي على استكمال احتلال المحافظة الساحلية، في ظل تراخي المجتمع الدولي عن إدانة الحوثيين وإلزامهم بسحب مسلحيهم ومعداتهم من المحافظة وموانئها بحسب بنود وقف معارك الحديدة قبل خمس سنوات.
مطالب حكومية لم تنفذ
ومنذ عملية إعادة انتشار القوات المشتركة في الحديدة العام 2021، والذي جاء بقرار عسكري من قوات التحالف العربي حينها، والحكومة تطالب من الأمم المتحدة بنقل مقر بعثتها إلى المناطق المحررة، إلا أنه يتم تجاهل طلب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ما يشير إلى وجود تواطؤ أممي مع مليشيات الحوثي، بشأن الحديدة.
وظلّت الحكومة اليمنية، تطالب وتشدد على ضرورة الرقابة على موانئ الصليف والحديدة، واتخاذ مواقف حازمة من عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين، وضرورة تنفيذ بنود اتفاق “ستوكهولم” خاصة فيما يتعلق بإطلاق سراح الاسرى، وصرف مرتبات الموظفين، وفتح الطرقات، وإعادة انتشار الحوثيين خارج مدينة الحديدة وموانئها.
ومع ذلك، لم يتم الاستجابة للمطالب الحكومية التي لم تخرج عن نقاط بنود “ستوكهولم”، بل وتم تجاهلها بشكل متعمد من قبل البعثة الأممية، لتصل الأوضاع في الحديدة إلى مرحلة تحويلها من قبل الحوثيين إلى قاعدة انطلاق للهجمات الإيرانية ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
تحالفت حماية على وقع اتفاق مشؤوم
ويرى العديد من المراقبين للشأن اليمني خاصة فيما يتعلق بعملية تحرير الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر غرب اليمن، وما تسبب به اتفاق “ستوكهولم” الذي أوقف تحرير المحافظة في 2018، وكيف استغلت ايران والحوثيين الاتفاق للسيطرة على الحديدة وتحويلها لقواعد عسكرية تستهدف الملاحة وتتسبب في أزمة اقتصادية ومعيشية يمنية وعربية ودولية.
ومع استمرار العمليات الارهابية الايرانية – الحوثية ضد الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ومساعي توسيعها الى المحيط الهندي، واستمرار إرسال الحشود العسكرية الى المنطقة، بناء تحالفات عسكرية دولية لمواجهة تهديد ايران لطرق التجارة العالمية، تبرز عملية تحرير الحديدة وأهميتها من جديد على المشهد ليس اليمني هذه المرة وحسب بل على المشهد الدولي.
“أونمها” وتحرير الحديدة
ويعتبر مراقبون تحركات بعثة الأمم المتحدة “أونمها” في المناطق المحررة مؤخرًا، هدفها الوقوف امام أي تحركات عسكرية تهدف لتحرير الحديدة، لمنع الهجمات على الملاحة الدولية في المنطقة، باعتبار ذلك الخير الوحيد لمنع التهديدات الايرانية – الحوثية تجاه سفن الملاحة.
وفي هذا الصدد، تحدث رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) الجنرال بيري، قائلًا: “نحن الآن في مشهد عسكري وسياسي جديد في الحديدة”، واضاف في تصريحات صحفية: “أن جيوب عدم الاستقرار لا تزال في المناطق الجنوبية من محافظة الحديدة، وأن البعثة تعمل على توسيع نطاق مراقبتها لزيادة الوصول إلى مناطق عدم الاستقرار هذه”، في إشارة إلى توسيع عمل اللجنة إلى قطاعي حيس والجراحي من الناحية الجنوبية الشرقية وقطاع التحيتا الخوخة من المناطق الساحلية الغربية بجنوب المحافظة.
وتبجح بيري بالحديث عن نجاحات ميدانية عملت عليها البعثة الأممية التي ظلت تعمل من جانب المليشيات الحوثية فقط ولم تطالبها بسحب سلاحها الثقيل من وسط أحياء مدينة الحديدة وموانئها الأخرى وهذا ما أثار القلق لدى القادة العسكريين والسياسيين في الساحل الجنوبي الغربي من البلاد وفتح باب المخاوف من تمدد المليشيات الحوثية جنوبا تحت غطاء أممي.
ولمواجهة ذلك يتوقع مراقبون عسكريون، بأن يتم شن هجوم مباغت من قبل القوات الحكومية بمساندة قوات دولية ومتعددة الجنسيات، باتجاه الحديدة لتأمينها وموانئها، والوصول إلى قواعد ايران والحوثيين التي تستخدم في استهداف الملاحة في المنطقة، بهدف تأمينها مستقبلًا.
عودة التحرير ضرورة سلام
ويؤكد مراقبون عسكريون بأن عودة عمليات التحرير انطلاقًا من محافظة الحديدة على الساحل الغربي للبلاد، بأتت ملحة وضرورية لبناء سلام دائم وشامل في البلاد.
ويرون بأن استمرار مليشيات الحوثي في افشال جهود السلام بإيعاز من ايران، من خلال استخدام الحديدة والمناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة منطلقًا لشن هجمات ضد سفن الملاحة الدولية في المنطقة، الأمر الذي يستدعي ضرورة عودة عملية تحرير الحديدة.
وأطلقوا تحذيرًا من أي عراقيل لأي تحرك عسكري بالحديدة، خاصة من قبل الحوثيين الذين يستخدمون سياسة المراوغة عند شعورهم بأي هزيمة وانتكاسة عسكرية، من خلال إطلاقهم تصريحات بأنهم يقبلون التفاوض، او حتى توقيعهم على أي اتفاق بهذا الخصوص فهم لا ينفذون أي اتفاق ولا يلتزمون بأي عهود ومواثيق والتجارب كثيرة في هذا الجانب.