أخبار العالمالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةانتهاكات المليشياتتقاريرصنعاءمحليات

“ثقافة الانتقام”.. أزمة مجتمعية في اليمن تفاقمها انتهاكات الحوثي

تقرير – عبداللاه سُميح

عاش سكان بلدة “حمة صرار” بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، أسبوعًا عصيبًا، تعرضت فيه حياتهم لخطر الهجوم العسكري من قبل ميليشيا الحوثي، التي فرضت حصارًا خانقًا بالآليات الثقيلة على البلدة الريفية، وحرمهم من المؤن الغذائية والدوائية.
وجاءت حملة ميليشيا الحوثي العسكرية، للمطالبة بتسليم متهمين من أبناء قبائل البلدة، بعد أن نفذوا هجومًا أدى إلى مقتل 4 حوثيين حرقًا، في عملية انتقامية، ردًّا على مقتل مدني وإصابة قريبه من أبناء البلدة، بدعوى “تجاوز حاجز أمني” للميليشيا.
وفي مديرية الروضة التابعة لمحافظة إب، المتاخمة للبيضاء، ترصّد مسلحون قبليون لأحد عناصر ميليشيا الحوثي، وأردوه صريعًا، يوم الأحد الماضي، انتقامًا لقريبهم الذي قتل على يديه أمام أنظار زوجته.
ومع استمرار انتهاكات ميليشيا الحوثي وجرائمهم ضد سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، يضطر بعض القبليين إلى الثأر بأيديهم، في ظل عدم استقلالية مؤسسات الدولة الضبطية والقضائية، وخضوعها لسيطرة الميليشيا، وغياب ميزان العدالة، ما يهدد بتكريس ثقافة الانتقام لدى المجتمع اليمني، ويعمّق من أزمة الثارات القبلية التي يواجهها البلد.

دوافع الانتقام:

يقول رئيس منظمة “سام” الحقوقية، توفيق الحميدي، إن غياب الدولة بصورة رئيسة، ومؤسسات إنفاذ القانون، وعدم وجود “الدولة” بالمفهوم التشاركي ومفهوم المواطنة الضامنة للحقوق والواجبات، وسيطرة ميليشيا الحوثي على السلطة، وتجييرها لحماية أفرادها ومصالحها، هو ما يدفع الأهالي للانتقام، وإلى استخدام السلاح لانتزاع حقهم.
وذكر الحميدي، في حديث لـ”إرم نيوز”، أن القوانين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، تعطلت بصورة كبيرة، وما ينفذ منها يأتي بصورة انتقائية من قبل الميليشيا، بهدف الانتقام من الخصوم والمعارضين، فضلًا عن هيكلة الحوثيين للقضاء بعد سيطرتهم على صنعاء، والتي طالت مجلس القضاء، والمحكمة العليا وغيرها.
وأشار إلى أن القضاء بات أداة من أدوات الصراع، خاصة القضاء الجنائي بدرجة أساسية، الذي ينحاز إلى ميليشيا الحوثي في أي قضايا متعلقة بالمدنيين، “ثم إن الناس تدرك أن القضاء يمنح الحوثيين صك البراءة والأمان، وينتزع حقوق المدنيين، وينهب ممتلكاتهم وأمنهم”.
وبين الحميدي، أن مليشيات الحوثي تعمل على إيجاد جهاز أمني يوفر الأمن لها، ويحافظ على بقائها، بعيدًا عن أمن الدولة ومفهومه القانوني، “وبناء على ذلك، فإنها لا تتداعى لحماية الناس أو لإنصافهم، ولكن حين يُقتل أحد أفرادها، أو تحاول قبيلة أو قرية الخروج عن سيطرتها، فإن الأمر يتعلق بأمنها بوصفها ميليشيا مسلحة، وبالتالي تصبح قبضتها شديدة وعنيفة جدًّا”.

مخالفات دستورية:

من جانبه، قال الناشط الحقوقي، رياض الدبعي، إن الانتقام والثأر سيبقى ما بقيت ميليشيا الحوثي، وأن التخلص من تأثيراتهما، مرتبط بزوال المشكلة المتجسدة في ميليشيا الحوثي ذاتها.
وتابع الدبعي، في حديث لـ”إرم نيوز”، أن بقاء ميليشيا الحوثي يعني استمرار انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ومواصلة توظيف القضاء لصالحها، في ممارسات تخالف الدستور اليمني والآليات الوطنية والدولية، وتحول دون لجوء الناس إلى جهات يحتكمون إليها.
وعلى مدى الأعوام الماضية، شهدت المناطق الخاضعة لميليشيا الحوثي، عمليات انتقامية كثيرة، طالت العشرات من العناصر والقيادات الأمنية المتوسطة لديها، عبر هجمات فردية وكمائن مسلحة واختطافات، ردًّا على جرائم القتل والنهب والتنكيل والاعتقالات.

مخاطر مستقبلية:

ويرى المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، عبد الرحمن برمان، وجود مخاطر مستقبلية لما تمارسه ميليشيا الحوثي بحق المدنيين؛ إذ إن اليمنيين لا يقبلون الظلم الواقع عليهم، ونتيجة لذلك ستوجد مقاومة لهذه الممارسات، ما سيؤدي إلى عملية اقتتال وسفك دماء باستمرار.
وقال برمان، في حديث لـ”إرم نيوز”، إن تأثير ذلك سيكون خطرًا على السلم والأمن الاجتماعي، “لأن هؤلاء الأفراد التابعين للحوثيين الذين يمارسون الجرائم، معروفون، وينتمي معظمهم إلى مناطق وقبائل معروفة، وبالتالي فإن الانتقام سيتسع ويسود”.
وأشار إلى أن اليمنيين كانوا قد اقتربوا قبل اندلاع الحرب من التخلص من الثارات القبلية القديمة، وبدأ كثير منهم في اللجوء إلى النظام والقانون، ولكن ممارسات ميليشيا الحوثي المستمرة، وغياب مؤسسات الدولة ستعيد الثارات على نحو يقلق السلم والأمن والسكينة الاجتماعية في المستقبل.
وأكد برمان أن الانتهاكات والجرائم التي حدثت أخيرًا في البيضاء، من عمليات قتل وإزهاق للأرواح ونهب للأموال وتفجير للمنازل، “جميعها ممارسات ممنهجة، وليست أخطاء فردية”.

زر الذهاب إلى الأعلى