يمن الغد – تقرير
كشف خبراء عسكريون سرَّ تبخر وحدات الجيش السوري، وعدم قدرتها على الصمود في وجه الفصائل المسلحة التي سيطرت على المدن الأساسية السورية واحدة تلو الأخرى وصولًا إلى دمش، ما أسفر عن سقوط النظام برمته.
وقال الخبير العسكري يحيى محمد علي: “كان الرئيس السوري السابق بشار الأسد يعوّل على ما تبقى من قوات موالية له في العاصمة دمشق للدفاع عن القصر الجمهوري، وبالتالي الدفاع عن النظام، والعمل على عدم سقوطه. وكانت مهمة الدفاع عن العاصمة في عهدة الحرس الجمهوري، وعناصر من الوحدات الخاصة، وفرقة مدرعات، وبعض عناصر الفرق التابعة لماهر الأسد، بالإضافة إلى عناصر المخابرات العسكرية والجوية، وباقي الأجهزة الأمنية.”
رفض روسي:
وأضاف محمد علي لـ”إرم نيوز” أن “التعزيزات الدفاعية لتأمين العاصمة كانت مرتبطة بالإبقاء على خطوط الإمداد الساحلية، وأيضًا مرتبطة بالخطوط التي تربط العاصمة بمنطقة حمص والقصير. وبالتالي، قضى مخطط هيئة تحرير الشام بقطع هذه الطرق، وعزل العاصمة قبل الدخول إليها، وهو ما دفع القوات المدافعة إلى اتخاذ قرارها بالانسحاب، وعدم الدخول في معركة خاسرة بشكل مؤكد، وذلك أيضًا بعد التواصل مع الجانب الروسي الذي رفض الدخول في المعركة، والدفاع عن العاصمة والنظام.”
وأشار الخبير العسكري، إلى أنه “في الغالب تم تأمين الانسحاب بالتواصل مع غرفة عمليات الهيئة للانتقال خارج منطقة العاصمة والاتجاه نحو المناطق الساحلية. وما يؤكد هذه النظرية هو عدم حدوث أي اشتباك في العاصمة دمشق، مع ملاحظة عدم وجود أي مظاهر مسلحة منذ اللحظات الأولى لدخول العاصمة. وكل ما تم تداوله هو فرار بعض العناصر والمجندين، وطلاب الكليات العسكرية الهاربين بالثياب المدنية، وهم أيضًا لم يتم التعرض لهم.”
جاهزية المعركة الأخيرة:
وقال الخبير العسكري وائل عبد المطلب: “من الواضح أن فصائل المعارضة المسلحة قد جهزت للعملية العسكرية منذ أشهر، قد تصل إلى سنتين على الأقل. وظهر ذلك في أسراب الطائرات المسيرة التي نفذت الضربات المباغتة الأولى، ومعها الفرق الخاصة التي نفذت الاختراقات السريعة، وغالبية عناصرها من فئات عمرية صغيرة، بالإضافة إلى التسليح الجيد، والقدرة العالية على التواصل والتنسيق.”
وأضاف: “في المقابل، كان واضحًا أن الجيش السوري لم يكن مستعدًا أو مجهزًا لمعركة بهذا الحجم، لاكتفائه بالتنظيمات المسلحة الموالية لايران، بالإضافة إلى الاتكال على القدرات الجوية والصاروخية الروسية التي لم تقم بما كان متوقعًا منها. كما أن الجيش السوري فقد، منذ العام 2011، التفوق العددي بعد حالات الانشقاق التي شملت عشرات الآلاف من عناصره، وأصبح، حاليًا، مؤلفًا من جنود الاحتياط من الفئات العمرية الكبيرة، ما نتج عنه تفوق كبير لصالح الهيئة.”
ويؤكد الخبير العسكري لـ”إرم نيوز” أن المعطيات على الأرض تقاطعت مع المعطيات السياسية بقرب سقوط النظام ، وتجمعت هذه المعطيات لدى ضباط الصف الأول الذين أعطوا أوامر سريعة بالانسحاب إلى مناطق التواجد الروسي في الخط الساحلي، ومرتفعات اللاذقية، وبعض النقاط المتفرقة في السويداء، ودرعا، وأطراف إدلب، ودير الزور، مع أوامر صريحة بعدم الدخول في المعركة.
تحالف جدّي:
ويشير عبد المطلب إلى أنه “من الواضح أيضًا وجود تنسيق بين فصائل المعارضة في درعا للتحرك والسيطرة على النقاط الحساسة، وهو ما يفسّر هروب عناصر الجيش من المنطقة الحدودية في البوكمال ، ودير الزور، إلى العراق، وتسليم المعبر الحدودي لقسد. مشيرًا إلى أن هذا التنسيق لا يعني وجود تحالف جدّي بين هذه الأطراف بل من الممكن اعتباره تحالف الضرورة والواقع فقط.”
ويتوقع الخبير العسكري أن فصائل المعارضة قد تواصلت مع كبار ضباط الجيش السوري لتحييدهم عن المعركة مع تأكيدات بعدم التعرض لهم، وعدم الدخول في نزاع طائفي، ليصار، لاحقًا، إلى إعادة هيكلة الجيش من جديد، حيث سيلعب الضباط الذين لم تلوث أيديهم بالدماء دورًا أساسًا في عملية الهيكلة، وإعادة الانتشار.
اين بشار الأسد؟:
مع إعلان المعارضة السورية السيطرة على العاصمة دمشق، اتجهت الأنظار إلى مصير الرئيس المخلوع بشار الأسد والدائرة المقربة منه حيث لم يعرف أين اختفى،وأظهرت مقاطع مصورة فرار عناصر من الحرس الجمهوري في شوارع دمشق.
وأفاد موقع “فلايت رادار” لتتبع الطائرات بأن طائرة سورية يشتبه في أنها تقل بشار الأسد غادرت مطار دمشق قبل دخول المعارضة.
وكانت الطائرة قد حلقت في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، لكنها بعد ذلك غيرت مسارها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي من خريطة الرادار.
من جهتها، أفادت وول ستريت جورنال بأن مغادرة الأسد سوريا جاءت بعد توجه زوجته وأبنائه إلى روسيا الأسبوع الماضي.
في حين نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي قوله إن “الأسد غادر دمشق عند منتصف الليل وتوجه لقاعدة روسية في سوريا تمهيدا للذهاب إلى موسكو”.
وأفاد الصحفي وليد العمري بأن مصادر إسرائيلية تؤكد أن طائرة سورية من طراز “آي إل-76 تي” أقلعت نحو الساعة الرابعة فجر اليوم الأحد من مطار دمشق ويشتبه أن الأسد كان على متنها، قبل أن تختفي عن أجهزة الرادار عندما بلغت أجواء حمص، ووجهتها ومصيرها مجهولان.
لكن القناة 12 الإسرائيلية نقلت عن مصادر حكومية أنه لا توجد تأكيدات على أن بشار الأسد غادر الأراضي السورية.
بدورها، قالت الخارجية الروسية إن الأسد قرر ترك منصبه وغادر البلاد نتيجة مفاوضاته مع عدد من المشاركين في النزاع المسلح.
ونقلت رويترز عن ضابطين كبيرين بالجيش السوري أن الأسد غادر على متن طائرة إلى وجهة لم يكشف عنها.
وقال ضابط سوري لرويترز إن قيادة الجيش أبلغت الضباط بأن حكم الرئيس بشار الأسد انتهى، وذلك بعد هجوم خاطف شنته المعارضة.