مليشيات الحوثي تزعم مكافحة الفساد بالإيغال في ممارسته!!
مع تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها العراق ولبنان ضد الأنظمة الحاكمة هناك وهي أنظمة تهيمن عليها السلطة السياسية والمذهبية الموالية لإيران بدأت مليشيات الحوثي تشعر بالقلق وإن حاولت إخفاء ذلك، فسارعت إلى إعلان تبنيها حملة لمكافحة الفساد، كما زعمت قياداتها وقادتها وسياسيوها ونشطاؤها ووسائل إعلامها.
والمثير للضحك أن مليشيات الحوثي وكعادتها حين تعلن عن حملة أو توجه فإنها تقدم عبر ذلك وجهها الحقيقي وتظهره كما هو وان حاولت لبس اقنعة زائفة لتغطية قبح ما تخفيه ممارساتها على الواقع، كما هو الحال مع مزاعم حملة مكافحة الفساد التي تزامنت مع تصاعد وتيرة توجه المليشيات لتنفيذ عمليات فساد غير مسبوقة في اكثر من جهة، وفي غير مؤسسة، وتحت مبررات ومزاعم عديدة ما انزل الله بها من سلطان.
مع مزاعم المليشيات حول مكافحة الفساد ظن المتابعون في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثي –والظن حول ما تدعيه المليشيات إثم كبير جدا- ان ما يسمعونه عن محاربة الفساد قد يكون هذه المرة صحيحا بالنظر إلى ما يعتمل في دول المنطقة ذات التوجه المشابه للحوثي مذهبا وفكرا وسياسة وتبعية لإيران، لكن ظنهم سرعان ما خاب حين وجدوا ان مليشيات الحوثي عمدت إلى ممارسة عملية اقصاءات مكثفة في عدة مؤسسات حكومية استهدفت خلالها إحالة الالاف إلى التقاعد بدون أي سند قانوني والهدف افساح المجال لاستبدال المتقاعدين بعناصر المليشيات ليرتكبوا بذلك فسادا مزدوجا ابتداء بمخالفة نصوص القوانين الخاصة بالتقاعد، ومرورا بحرمان المشمولين بالقرارات من أي حق في الدفاع أو المراجعة أو الاعتراض على ما صار بحقهم، وانتهاء بتعيين بدلاء لهم من عناصر المليشيات التي تفتقر لأدنى معايير شغل الوظائف التي يعينون فيها حيث معظمهم لا علاقة لهم بالمؤسسات التي يوظفون فيها أو المناصب التي يعينون فيها ولا يملكون أي شيء يعطيهم حقا في ذلك سوى انتمائهم وتبعيتهم للمليشيات وقرابتهم من بعض قيادات الحوثي وخصوصا قرابتهم من قيادات المليشيات من محافظة صعدة وهواشمها.
المليشيات وهي تدعي مكافحة الفساد عمدت إلى احداث تغييرات وتعيينات جديدة لعناصرها في مجلس الوزراء وفي قطاع التربية والتعليم وفي مؤسسات تدير قضايا الاغاثة والمساعدات وعلى مستوى الادارات العامة في بعض اجهزة الدولة، كما زامنت مزاعمها بعملية مصادرات لأملاك الاخرين كما حصل مع جمعية كنعان لفلسطين التي تم السطو عليها بطريقة مثيرة للسخرية وبأسلوب يقدم دليلا على مدى الفساد الذي تمارسه هذه المليشيات بقبح ودون أي حياء أو خجل.
وفوق ذلك وحين انبرى البعض لتصديق مزاعم المليشيات ونشر بعض مظاهر فساد الحوثي كما هو الحال مع منشور وزير السياحة السابق في حكومة الحوثي والقيادي الجنوبي الموالي للحوثيين ناصر باقزقوز حول فساد محافظ البنك المركزي رشيد بالحوم الذي ظهر فجأة من العدم وتقلد منصبا تلو الاخر في ظرف زمني قياسي ليصبح وزيرا للمالية ثم محافظا للبنك المركزي في صنعاء، وتأكيد باقزقوز ان بالحوم يتسلم مبلغ ثلاثين مليون ريال شهريا مرتبا بواقع مليون ريال يوميا فيما تسرق مرتبات موظفي الدولة، فاذا بقيادات المليشيات تشن حملة شعواء ضد باقزقوز وضد كل من نشر تغريدة أو منشورا أو مقالا ينتقد فيه فساد المليشيات.
وكالعادة فاتهامات المليشيا لمن يكشف عورة فسادهم جاهزة فهو منافق ومرتزق وخائن وعميل ويعمل طابورا خامسا ويتلقى توجيهات من الخارج ويحاول التهيئة لانتفاضة مشابهة لانتفاضة الثاني من ديسمبر ضدهم وكلها اتهامات باطلة بدون مسوغ قانوني أو دليل مادي لكنها لدى قيادات المليشيات كفيلة بمنحهم اتخاذ أي اجراء ضد من ينتقد فسادهم سواء شتما وسبا واتهامات، أو خطفا وضربا، أو اعتقالا واخفاء، وليس انتهاء بتقديمه للمحاكمة والحكم عليه بتهم ليس لها أي علاقة بموضوع مكافحة الفساد وانتقاد فسادهم.
والحقيقة أن غضب وانفعال قيادات المليشيات من المنشورات والتغريدات والمقالات التي تعري فسادهم –على قلتها– تعكس حقيقة ما يمارسه هؤلاء من فساد غير مسبوق من جهة ومن جهة اخرى تؤكد خوفهم وقلقهم الشديد من أي تبعات مترتبة شعبيا على فضح فسادهم واحتمالية ان يكون ذلك مقدمة لاندلاع احتجاجات أو انتفاضة أو تظاهرات ضدهم وضد سلطتهم كما هو الحال في العراق ولبنان وايران.
والخلاصة ان مليشيات الحوثي قد تنجح مؤقتا في اخماد الصوت النافح ضد فسادهم وتوقفه باي وسيلة وقد تنجح ايضا ولو مؤقتا في استكمال مسيرة فسادها غير المسبوقة في تاريخ البلاد، لكنها حتما ستنتهي إلى ما انتهى اليه نظراؤها في العراق ولبنان خصوصا وان حالة الاحتقان الشعبي والاجتماعي ضدها تتصاعد وتتزايد في مناطق سيطرتها يوما عن يوم، ولولا القبضة الامنية وتهمة الخيانة والتعاون مع العدوان التي تلصقها المليشيات بكل من يعارضها لكان موقف الناس مختلفا، لكن فساد الحوثي حتما سيؤدي في نهاية المطاف إلى ان تجد المليشيات نفسها امام طوفان شعبي يخرج ضدها كما هو الحال في بغداد وبيروت وطهران ولا بد من ان تنتفض صنعاء يوما ولو طال الزمن.