مقالات

حول “مكارثيَّة البحر”

 


 


العقيد عبد الباسط البحر المتحدث باسم محور تعز العسكري، يعلن، بصلافة الحاكم العسكري، تدشين مكارثية سياسية في تعز، مع فارق أن المكارثية تسألك قبل أن تقصيك، فيما “بحر تعز” يمسحك بكلاشنكوف من على الخارطة السياسة، دون منحك حق معرفة لماذا، وكيف يحدث، ووفق أي ناظم سياسي قانوني أخلاقي!
البحر أصدر، في ورشة عمل أقامها “مجلس قيادة صوت الثورة”، الثلاثاء، فرمان تخوين للأحزاب التي تتمايز عن خطه الحزبي، أو توجهه، ووصفهم، دون تروي، بـ “الخونة”، رافعاً شعاراً تصفوياً، تحت مسمى جردة حساب.
إنها وحشية أكثر قروية وهمجية وتخلفاً من عبارة “بوش”، التي غدت قانون حروب وإبادة، عبارة من ليس معنا، صورة طبق الأصل، فهو ضدنا، و”طابور خامس” و”خلايا نائمة”.
لا أنا، ولا أنت، ولا أي من المتابعين عن قرب أو بعد، لتفاصيل السياسة والتحالفات في تعز، يعرف، وسط كل هذه العدوانية المتوحشة حد السفه ضد الأحزاب والمكونات، ما الذي أبقاه الحزب الحاكم من برنامج التحالف الوطني، ومتى يحين توحيد الموقف السياسي، لقوى الحياة الحزبية تجاه هذا الإقصاء السياسي، الأدبي للشركاء، كي يتم نزع خيمة الغطاء، والمظلة السياسية، من فوق رأس الحزب الميليشاوي المهيمن على الجيش والثروة، والسياسة والمناصب، ومفاصل القرار في تعز؟!
مطلوب قراءة حديث “البحر”، وتحديد المواقف، قبل أن يصل بمحور تعز التخوين إلى مداه الأقصى، ويجد الشركاء أنفسهم إما في الأقبية، أو طعاماً لرصاص الاغتيال.
“البحر” ليس سجاناً إقصائياً، بل مشروع قاتل، والضحايا هم كل نشطاء وأحزاب المدينة والجوار.


 


أشار العقيد عبد الباسط البحر، الناطق باسم جيش الخلافة بتعز، إلى وجود بعض الاختلالات في الجيش يجب معالجتها وتسويتها.

 لا أحد يحتاج إلى فطنة، أو قدرة خارقة، على النفاذ إلى عمق قراءة هذا السطر الملغوم، بأسوأ وأبشع النوايا تجاه اللواء ٣٥، لواء الشهيد الحمادي، فهو وحده النغمة الناشزة عن سلم السلطة الدينية، وهو القوة المغردة خارج سرب إصلاح الحكم، وهو عقدة المنشار المعطل لاستكمال بسط السيادة، على كل مفاصل ورقعة تعز.
إيماءة “البحر” ليست التفاتة عابرة، أو زلة عبارة، أو شطحة كلام، هو تمهيد لإقصاء وتفكيك لواء الممانعة، وابتلاعه؛ إما بإعادة الهيكلة، أي إفراغه من قياداته الوطنية، أو تشليحه، أفراداً وعتاداً، وتوزيعه، تذويباً داخل سائر التكوينات العسكرية ذات الولاء المطلق واللون السياسي الواحد.
“البحر” يعكس حقيقة ما يجري في مطبخ الحكم، من ترتيبات على قدر كبير من الخطورة، ترتيبات تصفوية تتمدد من الجيش إلى الأحزاب إلى عموم السياسة.
سلطة تعز ترتب أوراق استكمال انقلابها الكامل، استعداداً لخطوة تالية.. لا أحد يعرف بعد ماهي، وإلى أين ستتجه بكل هذا القوام العسكري، قطعاً ليس صوب مواجهة الحوثي، ربما باتجاه الساحل، وربما جنوباً باتجاه عدن.
حديث الناطق الرسمي باسم “جيش الخلافة”، بحاجة إلى أكثر من قراءة متيقظة. إنه يرسم الخطوط العامة لقادم تعز، بما يتخطى تعز إلى كل الجوار، ويعبث بخارطة كل التوازنات الميدانية والسياسية، لغير صالح الوطن.

*من صفحة الكاتب في “فيسبوك”.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى