ثقافة وفن

معرض للنحت والتصوير في القاهرة يحتفي بالجمال والبهجة

 


 


يقام حاليا بقاعة الزمالك للفنون بالقاهرة معرض جماعي تحت عنوان “ماستر بيسز”، والذي يضم نماذج من تجارب مختلفة في مجالي التصوير والنحت لعدد من أهم الفنانين الفاعلين على ساحة التشكيل المصري الحديث، ما يضعنا إزاء تجربة بصرية ثرية بأساليبها المتباينة والمختلفة.


ونظرة واحدة على أعمال النحت ستعطينا فكرة عن هذا الثراء البصري، فرغم اشتراك أغلب الأعمال النحتية المعروضة في كونها منفذة بخامة البرونز، إلاّ أن هناك تنوعا ملحوظا في أساليب الصياغة والتعامل مع الكتلة النحتية، وهو اختلاف ملحوظ ومتباين.


ومن بين هذه الأعمال يطالعنا الفنان محمد الفيومي بأسلوب بناء يجمع بين الخطوط العضوية والهندسية، في تآلف ينسجم مع حالة الاكتناز التي تتسم بها عناصره المنحوتة في شكل عام.


ويمثل عمله المشارك في المعرض رجلا ضخم البنية يجلس في تأمل مشمرا عن ساعديه، وقد التحم جسده الضخم بالأريكة التي يجلس عليها، في هيئة تشبه التشكيلات النحتية للمصري القديم، ففي منحوتات الفيومي ثمة تأكيد على كثافة الكتلة ورسوخها في استلهام للصياغات النحتية القديمة، وهو أمر يميز تجربته النحتية ككل.


 



 


وخلافا لهذا الرسوخ والالتحام بين أجزاء الكتلة نجد عمل الفنان الراحل عبدالهادي الوشاحي بإيقاعه الفريد المتحدي للجاذبية، هذا الإيقاع الذي يربط ما بين الكتلة والفراغ، هو إيقاع آسر ذو وقع سحري، يخاطب البصيرة قبل أن يأسر البصر والحواس.


وفي أعمال الوشاحي ثمة حالة رائقة، أشبه بالموسيقى، فهو يعزف على الكتلة والفراغ المحيط بها معا في تناغم واتساق، فتبدو أعماله محلقة في الفراغ، متمردة على قوانين الطبيعة.


وبين الأعمال النحتية المعروضة أيضا تطالعنا منحوتات الفنان ناثان دوس، والذي يراوح في تجربته بين الكتلة الراسخة وبين صياغاته البرونزية المنفلتة، والتي يعرض نماذج منها في هذا المعرض، وتختلف تجربة دوس الأخيرة عن تلك التجربة التي خاضها سابقا مع الحجر، فالخامة هنا قد فرضت عليه آلية مختلفة من المعالجات والصياغة، فبدلا من التشكيل المباشر على الحجر، كان عليه صوغ الشكل أولا بعجائن الطمي ليعيد صوغه لاحقا بالخامة التي يريدها، وهي عملية معقدة يكتنفها الكثير من الصعاب، خاصة إذا ما تميز الشكل بدقة التفاصيل وتداخلها كما في أعماله المعروضة.


تجربة نحتية أخرى مميزة يقدّمها لنا الفنان جمال عبدالناصر بحلوله المتعددة للشكل والتي تحمل قدرا كبيرا من الثراء في المعالجة والصياغة، وفي هذه الأعمال يبتعد عبدالناصر عن غوايته المعتادة في التعامل مع الخامات المتعددة، ويبدأ في صوغ أعماله عن طريق البرونز والخشب، لكنه لا يتخلى عن اللون، إذ يبدو أن اللون قد أصبح قرينا لتجربته الممتدة منذ ثمانينات القرن الماضي.


 



 


ومن النحت إلى التصوير، حيث تطالعنا مجموعة من التجارب التصويرية الهامة والمتنوعة، من بينها أعمال الفنانة رباب نمر، والتي اشتهرت كأحد أبرز محترفي الرسم بخامة الحبر الصيني داخل الحركة الفنية المصرية، يشاركها قلة قليلة من الفنانين أغلبهم من الرجال، غير أن رباب نمر فاجأت متابعيها قبل سنوات بخوضها غمار اللون، في مغامرة فنية بدأت فصولها في العام 2006، حين أضافت بعض الومضات اللونية إلى درجات الأبيض والأسود.


وفي أعمالها المشاركة في هذا المعرض نجد هذه التجربة وقد استقرت واتضحت معالمها، لكنها ما زالت محتفظة بنظارتها وعنفوانها البكر كأنما تخوضها لأول مرة.


وإلى جانب أعمال رباب نمر يعرض الفنان خالد سرور نماذج من تجربته التصويرية المتميزة، ففي أعمال خالد سرور تبدو المساحات كفضاءات شاسعة للبهجة، يمارس فيها الصغار غريزتهم الطفولية بعفوية، أو كأنها مشاهد مقتطعة من حلم أو خيال طفولي.


ويأخذنا الفنان داخل هذا العالم الملون ذي الحس الغرافيكي والمحدد الملامح، فعن طريق الخطوط السوداء السميكة المحيطة بالعناصر تتخلق هذه الشخصيات والأشكال. تفاصيل كثيرة تمتلئ بها اللوحات، ليس اللون آخرها، بل هو جزء من بانوراما متكاملة.


وتتكرر هذه البهجة أيضا في تجربتين تصويريتين هامتين، أولهما تجربة الفنانة السورية سعاد مردم بك التي تتميز تكويناتها عادة بالاستخدام المتعمد والظاهر لتأثيرات القماش الذي نراه في لوحاتها، حيث يلف الجسد على شكل ثوب فلاح أو ملابس تقليدية أو فساتين أنثوية فضفاضة ترتسم عليها زخارف هندسية بشكل واضح كالخطوط والدوائر.


أما التجربة التصويرية الأخرى التي لا تقل بهجة عن سابقتها، فهي تجربة الفنان الشاب مصطفى ربيع، وهي تجربة لا تقف عند حدود الخامة، إذ تتسم أعمال ربيع بالتوليف بين الخامات التي ترسم المدينة وسكانها كما يراهم، أو كما يحلم بهم، مساحة رحبة للسعادة والمرح.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى