دول الخليج تتحدى التقلبات الاقتصادية بموازنات ضخمة “تفاصيل”
تؤكد توقعات الخبراء على أن دول منطقة الخليج تواجه مشكلة في طي مرحلة العجز الاقتصادي رغم التفاوت في تقييم الأمر، وأن موازناتها لا تزال تحتاج إلى الكثير من الجهد للوصول إلى نقطة التوازن، باستثناء الإمارات، بسبب الاختلالات الكبيرة التي شهدتها منذ انحدار أسعار النفط في عام 2014.
وتتأهب دول الخليج لاستقبال العام 2020 بموازنات ضخمة في ظل تحديات اقتصادية وجيوسياسية صعبة تواجه دول المنطقة التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات.
ورغم تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، ساهمت في معالجة مشاكل الموازنة بسبب طفيف، لكن العامل الحاسم وفق المحللين هو الإصلاحات الاقتصادية، التي تضمنت خفض الدعم الحكومي وفرض بعض الضرائب والرسوم لزيادة إيرادات الموازنة.
وتشير البيانات إلى أن موازنات دول الخليج ابتعدت قليلا عن تحقيق التوازن وانتقلت إلى تحقيق فائض للمرة الأولى بعد خمس سنوات عجاف، في وقت تنتظر فيه اتضاح اتجاه أسعار النفط ونتائج اجتماع منظمة أوبك في الشهر المقبل.
ويقول الخبير محمد رمضان إن انخفاض أسعار النفط من أبرز المخاطر التي تواجه ميزانيات دول الخليج لاسيما وأنها المصدر الرئيس للإيرادات العامة، فضلا عن التكلفة الكبيرة لأي تصعيد عسكري وخطوط التنمية لا تحقق العوائد الكافية.
ونسبت وكالة الأناضول إلى رمضان تأكيده أن التنمية في دول المنطقة مرتبطة مباشرة بالإنفاق الحكومي، لذلك هناك مستويات مرتفعة من الإنفاق رغم تراجع أسعار النفط.
وأشار إلى أن الإنفاق على البنية التحتية وتمويل خطط جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من شأنهما تعزيز الإيرادات وخفض النفقات مستقبلا.
وكانت السعودية أعلنت نهاية أكتوبر الماضي عن ثاني أضخم موازنة في تاريخها للعام المقبل.
وقدرت وزارة المالية السعودية حجم النفقات بنحو 272.3 مليار دولار، من توقعات بنحو 280.4 مليار دولار بنهاية هذا العام.
وتبلغ الإيرادات المتوقعة لأكبر منتج للنفط في العالم في العام المقبل نحو 222.4 مليار دولار، بتراجع 9.2 بالمئة عن 244.8 مليار دولار متوقعة بالعام الحالي.
ويرجح أن يرتفع عجز الموازنة إلى 50 مليار دولار، بارتفاع سنوي بنحو 42.7 بالمئة عن المقدر بالعام الحالي والبالغ 35 مليار دولار.
وفي الإمارات تم اعتماد موازنة العام المقبل بلا عجز، وهي الأكبر في تاريخ البلاد، بنفقات 16.6 مليار دولار، مقابل تقديرات عند حوالي 16.4 مليار دولار بالعام الحالي.
وسيتم تخصيص ثلث الموازنة لقطاع التنمية الاجتماعية، وثلث للشؤون الحكومية والباقي للبنية التحتية والموارد الاقتصادية والمنافع المعيشية.
وكانت البحرين أقرت مشروع موازنة للعامين الحالي والمقبل، والتي تتوقع المزيد من الانخفاض في العجز ليصل إلى 1.63 مليار دولار بحلول 2020 في إطار برنامج إصلاح مالي.
ويعتقد الخبير الاقتصادي محمد العون أن تراجع إيرادات النفط يحد من قدرة دول الخليج على تمويل مشاريع البنية التحتية.
وأشار إلى أن الإمارات قد تستفيد من تنظيم معرض إكسبو دبي 2020، بينما قد تواجه قطر مشكلة خاصة على مستوى القطاعات غير النفطية رغم أنها تعول كثيرا على الإنفاق على مشروعات كأس العالم 2022.
ويرجح صندوق النقد الدولي تراجع إنتاج النفط بدول الخليج إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات خلال العام الحالي، مما قد يؤثر على الإيرادات.
ويرجع البعض ذلك إلى الاتفاق المعروف باسم أوبك+ بين منظمة الدول المنتجة للنفط بقيادة السعودية ومنتجين من خارجها تتقدمهم روسيا.
وكان صندوق النقد قد توقع في تقرير حديث، تراجع إنتاج النفط لدول المنطقة إلى 17.34 مليون برميل يوميا في العام 2019، ثم إلى 17.67 مليون برميل يومياً خلال العام المقبل.
وتوقع الصندوق تراجع معدل النمو إلى 0.7 بالمئة هذا العام، مقابل اثنين بالمئة في العام الماضي، بينما رجح ارتفاع معدل النمو إلى 2.5 بالمئة في العام المقبل.
وبدأ تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا منذ مطلع 2019 حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل.
وتجتمع الدول الأعضاء في تحالف أوبك بالعاصمة النمساوية فيينا في الخامس من ديسمبر لاتخاذ قرار نهائي بشأن إمكانية خفض الإنتاج بعد تراجع الأسعار في الأسابيع الأخيرة.
وسيكون لتمديد خفض الإمدادات أكبر الأثر على سلطنة عمان التي تعتمد استراتيجيتها للتكيف المالي، على المدى المتوسط، بشكل كبير على الزيادات المحتملة في إنتاج النفط والغاز.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن تضعف الأوضاع المالية في معظم دول الخليج، خلال العامين الحالي والمقبل، ما يواصل الضغط على الموازنات العامة وميزان المدفوعات.
وقالت فيتش في بيان إن “موازنات دول الخليج ستسجل عجزا يتراوح بين نقطة ونقطتين مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، على افتراض أن سعر خام برنت يبلغ 65 دولارا للبرميل، مقابل 71.6 دولار للبرميل في العام الماضي.
وذكرت الوكالة أن توقعاتها للعام الحالي تعكس انخفاض متوسط أسعار النفط وزيادة الإنفاق، كما أن أحجام الإنتاج النفطي تضغط أيضا على العائدات.
لكنها في المقابل تتوقع المزيد من التحسينات في الأرصدة الأولية غير النفطية في معظم دول الخليج خلال العام المقبل في حال ثبات أسعار النفط على ما هي عليه الآن.