فرصة سلام أخيرة تلوح خلف غبار معركة الحديدة “رسالة صارمة: التسليم أو الحسم العسكري”
لا يغلق التحالف العربي الداعم للسلطات اليمنية المعترف بها دوليا، في ذروة الحملة العسكرية التي يقودها ضدّ المتمرّدين الحوثيين في مدينة الحديدة على الساحل الغربي لليمن باب الحل السلمي، مشترطا انسحاب الميليشيا المدعومة من إيران من المدينة وتسليم مينائها طوعا ودون قتال.
وبالنظر إلى التقدّم الكبير المتحقّق في معركة الحديدة ووجود التحالف والقوات اليمنية المدعومة من قبله، في موقع قوّة إزاء المتمرّدين، فإنّ حل تسليم المدينة يوفّر فرصة سلام حقيقية، وقد تكون الأخيرة، قبل اللجوء إلى الحسم العسكري الذي تقول الدولتان الرئيسيتان في التحالف، السعودية والإمارات، إنّه مطروح على الطاولة باعتباره البديل الوحيد في حال عدم استجابة الحوثيين لدعوات السلام والجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
وأكدت دولة الإمارات الثلاثاء أن التحالف العسكري بقيادة السعودية لن يقبل بأي حل لوقف الحرب في الحديدة يبقي على المتمردين في المدينة بأي شكل من الأشكال، وذلك يوما واحدا قبل استئناف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث جهوده الدبلوماسية لتجنيبها المعارك.
وقالت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية ريم الهاشمي للصحافيين الثلاثاء “نحن متفائلون ونؤمن بالعملية السياسية”، لكنها أكّدت “لا يمكننا تخيل وضع يكون فيه الحوثيون بالمدينة”.
وفي ذات السياق قال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إنّه “للانتقال إلى العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، فإن تحرير الحديدة أمر أساسي، ونحن مصممون على إنهاء هذه الحرب، أولويتنا هي الانسحاب السلمي للميليشيات الحوثية من المدينة والميناء”.
وأكد قرقاش في تغريدات نشرها، الثلاثاء، على حسابه في تويتر أن “تأمين الحديدة خطوة أساسية نحو خاتمة سياسية”.
وأضاف “يتصرف التحالف بمسؤولية وعقلانية في محاولة لتأمين الحديدة بسلام وتجنب المواجهة، ومع ذلك، فإن تحقيق أهدافنا أمر ضروري لإنهاء الحرب في اليمن”.
ومثّلت المخاوف على مصير المدنيين أبرز العوائق أمام سرعة حسم معركة الحديدة، خصوصا وأنّ المتمرّدين الحوثيين عملوا على إذكاء تلك المخاوف بالتمترس داخل الأحياء السكنية واتخاذ سكان المدينة دروعا بشرية.
وبالتوازي مع تطمينات ووعود التحالف بأخذ مصير المدنيين ضمن حسابات المعركة بذلت كل من الإمارات والسعودية جهودا كبيرة لتخفيف تبعات الحرب على سكان محافظة الحديدة وخصوصا النازحين منهم.
ويجري حاليا في عدد من مديريات المحافظة توزيع مساعدات متنوعة أرسلتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في قافلة برية من عشر شاحنات نقل كبيرة انطلقت قبل أيام من مدينة المخا.
كذلك أعلنت السعودية، الثلاثاء، عن إرسال طائرتي مساعدات لإغاثة سكان محافظة الحديدة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” أن طائرتين إغاثيتين، من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تحملان مواد إيوائية وغذائية، انطلقتا إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، تمهيدا لنقلها إلى محافظة الحديدة.
ويقود المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث جهودا دولية لإقناع الحوثيين بتسليم الميناء لتجنيب المدينة الحرب. ومن المقرر أن يزور غريفيث الأربعاء مدينة عدن للقاء الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي بعد زيارة مماثلة إلى صنعاء الأسبوع الماضي استمرت أربعة أيام.وأكد مكتبه أنه يواصل “المباحثات مع كافة الأطراف لتجنب مواجهة عسكرية في الحديدة والعودة بسرعة إلى طاولة المفاوضات”.
وكانت القوات اليمنية مدعومة بالقوات الإماراتية قد أطلقت في 13 يونيو الجاري الهجوم باتجاه مدينة الحديدة التي تضمّ ميناء رئيسيا يستغلّه الحوثيون في استقبال شحنات السلاح المهرّبة من إيران ويستخدمون إيراداته المالية في تمويل مجهودهم الحربي.
ويجمع مراقبون على أن معركة الحديدة التي دخلت مرحلتها الفاصلة تشكل منعطفا أخيرا نحو طي صفحة التمرّد الحوثي في اليمن ووضع حدّ لما وراءه من نفوذ إيراني، ما سيدخل البلد في مرحلة سلام وإعادة إعمار.
ويقول محللون سياسيون إنّ حسم هذه المعركة لن يكون من دون نتائج ذات طبيعة استراتيجية مؤثرة في المشهد اليمني على المدى الطويل.
وسيطرت القوات المدعومة من التحالف العربي على مطار المدينة وتستعدّ لمعركة استعادة الميناء باستقدام المزيد من القوات سعيا لإنجاز عملية سريعة وخاطفة تجنّب سكّان الحديدة تبعات معركة طويلة. ونُقل، الثلاثاء، عن مصادر عسكرية قولها إنّه تمّ تجهيز ثلاثة ألوية جديدة للانضمام إلى القوات المشاركة في تحرير الحديدة.
وقال قائد جبهة الساحل الغربي العميد عبدالرحمن المحرمي إن عملية تحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي ستكون خاطفة وسريعة حفاظا على حياة المدنيين والبنية التحتية في المدينة، مشيرا إلى تواصل العمليات العسكرية لتأمين المطار والقضاء على الجيوب المتبقية لميليشيات الحوثي في محيطه.